“أبوبكر” يعرّي إرهاب فرنسا

اسمه أبو بكر.. وفي بطاقة تعريفه مكتوب أنه “مواطن فرنسي”، لكن لون بشرته يدلّ على موطنه الأصلي، وهو مالي في إفريقيا، شاب في الرابعة والعشرين من العمر، دفعه حبه للإسلام إلى خدمة المصلين، صباح كلّ يوم جمعة من خلال تنظيف جامع باريس وتطهيره، قبل حلول زوار بيت الله.
لم يكن أبو بكر يدري بأن استشهاده سيكون في الجامع الذي نذر شبابه لخدمته، ولم يكن يدري أنه سيموت قتلا بخمسين طعنة غادرة من إرهابي فرنسي، مارس أحقاده التي ورثها عن آبائه وأجداده ودعمّه خطاب الكراهية والتحريض المتنامي ضد الإسلام والمسلمين باعتراف رئيس حزب “فرنسا الأبيّة” جان لوك ميلانشون.
جريمة يوم الجمعة التي اقترفها إرهابيٌّ فرنسي في حق شاب قدم من القارة السمراء إلى بلاد نابليون، بحثًا عن لقمة العيش، هو دليلٌ على أن الإرهاب وُلد هناك، بين شعارات “الحرية والمساواة والأخوّة” وهو يتنامى في حضن أحقاد صار يعترف بوجودها الفرنسيون قبل غيرهم.
وحتى التنديد لم يصدر إلا من أحزاب قليلة وصغيرة في صورة حزب “فرنسا الأبيّة” وحزب “الخضر”.
والتنديد الذي صدر من الرئيس الفرنسي ماكرون، بدا وكأنه رفض أن يفرِّق ما بين القاتل والمقتول، وخلص إلى أن العنصرية والكراهية بسبب الدين لا يمكن أن يكون لها وجودٌ في فرنسا!
ويبقى تحرك وزير العنصرية الأول برونو روتايو مثيرا للخجل، إذ راح يستحضر أحداث “شارلي إيبدو” و”نيس” ليقدِّم تعازيه المسمومة للعائلة المسلمة في باريس، وكأنّه يبرّر الجريمة الإرهابية بأنه نتيجة طبيعية لما حدث آنذاك!
الكاميرات التي وثّقت الجريمة الإرهابية أبانت أن أبا بكر تحدّث مع قاتله، ثم قام يصلي ظنا منه أن زائر الجامع يريد تعلم الصلاة، وبينما سجد أبو بكر، دعاء لنفسه ولعائلته ولأمته وربما للجاني، هاجمه الإرهابي السفاح، فقتله مع سبق الأحقاد والترصُّد بخمسين طعنة، مزقت جسده النحيف، ومزجت سُمرته بأحمر دمائه، وهو لا يدري بأي ذنب قتله هذا الإرهابي العنصري الحاقد؟
الذي تسبّب في الهجوم على صحيفة “شارلي إيبدو”، إرهابي، والذي نفذ مجزرة نيس إرهابي، والذي قتل أبا بكر أيضا إرهابي.
ما لا يريد أن يستوعبه هؤلاء الذين صدّعوا رؤوسنا بالحرية والأخوّة والمساواة، أن الإرهاب لا دين له ولا عرق ولا جغرافية، بالرغم من أن أشهر الإرهابيين في تاريخ البشرية من البيض، ومن المسيحيين ومن القارة الأوروبية، ولكننا لا نحمِّل القارة العجوز، أفعال هتلر وموسوليني وبيجار وقاتل أبي بكر.
“لوموند” و”لوباريزيان” هما من عرّتا إرهاب فرنسا في قضية “أبي بكر”، وصحيفة “ستريت برس” قدمت الدليل القاطع على انحراف فرنسا الرسمية، عن شعاراتها، عندما كشفت أن نجل المدير العامّ للشرطة الفرنسية “لويس لوجيي” المعيّن من وزير الداخلية العنصري برينو روتايو، هو قائد مجموعة من النيونازيين المتطرفين التي شعارها “لا مسلم ولا أسود ولا عربي في بلادنا”!