أخيرا.. ذوو الهمم يعانقون مياه البحر

يقضي ذوو الهمم في الجزائر عطلة صيفية مميزة هذا العام، بعد تعدّد المبادرات الهادفة للترويح عنهم والتفات الكثير من الجمعيات والشركاء إلى هذه الفئة التي ظل البحر حلما بالنسبة لها، وجديد اصطياف المعوقين هذا العام هو العوامة المائية التي تسمح للمصطاف بالسباحة ومعانقة مياه البحر مع توفر حماية عالية لهم.
ويجد المعاقون في الشواطئ تهيئة تناسب وضعياتهم وتسهّل تنقلاتهم من خلال توفير ممرات خاصة تصل الشاطئ بالبحر، وكذا كراس عائمة توضع تحت تصرف الراغبين في الاستمتاع بمياه البحر والسباحة دون الخوف من الغرق وكذا مساحات محدّدة بشرائط وأروقة لسباحة المكفوفين الذين يرافقهم أشخاص مؤهلون.
وأكدت عتيقة معمري، رئيسة الفيدرالية الوطنية للأشخاص المعوقين في تصريح لـ”الشروق”، توجه نحو 40 شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مدينة تيشي بولاية بجاية من أجل قضاء عطلة الصيف، حيث ستستمر الإقامة هناك على مدار 10 أيام كاملة تسمح لهذه الفئة بالترويح عن نفسها واستقطاع فترة استجمام تنسيها متاعب ومعاناة العام.
وأكّدت معمري أنّ الأجواء في أوّل يوم على الشاطئ كانت مميزة جدا ورائعة، ولمس المعاقون حفاوة كبيرة من قبل المشرفين على الإقامة التي ينزلون فيها وكذا من قبل المصطافين الذين كانوا في الشواطئ.
وبكثير من الفرحة والبهجة، وصفت معمري الأجواء التي يقضيها المعاقون في مختلف رحلاتهم الصيفية وفي جميع الأنحاء، حيث أنّ مسيّري شاطىء تيشي وضعوا تحت خدمتهم الشمسيات والكراسي كما أنّ بائعي “البينيي” أغرقوهم بكرمهم ووزّعوا عليهم كميات معتبرة مجانا ورفضوا أخذ المقابل.
وتؤكد معمري أنّ هذه الرحلات الصيفية تعبر عن المعنى الحقيقي لاندماج المعوق في مجتمعه واحتكاكه مع مختلف فئات المجتمع، يكتشف خلالها مدى الحب والتعاون الذي يكنه الجزائريون لبعضهم ولهذه الفئة على وجه الخصوص.
بدورها، نظّمت الجمعية الوطنية لمتطوعي الجزائر قافلة “السعادة” لذوي الحركة المحدودة التي تجوب الولايات الساحلية بأول كرسي عائم جزائري من صنعها تحت شعار “البحر للجميع”، ودعت الجمعية جميع العائلات التي تضم أفرادا من ذوي الهمم إلى عدم حرمانهم هذه الفرحة ومنحهم الفرصة من أجل الاستجمام، مؤكدة على وجود نية خالصة وصادقة وكذا تأطير نفسي وأخوي قوي ومجاني ووضعت أرقامها في متناول الراغبين في الانضمام للقافلة.
وتهدف قافلة “السعادة”، حسب ما أكّده بن عامر كريم، رئيس الجمعية الوطنية لمتطوعي الجزائر في تصريح لجريدة “الشروق”، إلى تشجيع السياحة الميسّرة وتهيئة الشواطئ لذوي الحركة المحدودة والمكفوفين وزرع ثقافة لدى المسيّرين والمسؤولين وكذا المواطنين بشأن الممارسات الجيّدة من أجل جعل الشواطئ متاحة لهذه الفئة.
وتوفّر الجمعية ممرا مطاطيا مصنوعا من العجلات المطاطية المرسكلة بدل الممر الخشبي الذي انتقده المتحدث وحذّر منه لما يمثله من خطورة على المصطافين وحتى المعوقين أحيانا، كما أنّه يسهّل وصول المركبات وحتى سيارات الإسعاف.

لأول مرة.. كراس عائمة خاصة بذوي الاحتياجات
وكشف بن عامر عن تطوير جمعيته لأول كرسي عائم من صنع الشباب المتطوع بها، على شاكلة الكراسي العائمة المستوردة التي اقتنتها ولاية الجزائر لهذه الفئة والمقدّرة بـ28 كرسيا تجوب مختلف المناطق السياحية.
وأوضح المتحدث أنه نظرا لإمكانيات الجمعية المحدودة وعدم قدرتها على اقتنائه، طوّرت كرسيا عائما لهذه الفئة رسم الفرحة والابتسامة على وجوه الجميع، مشيرا إلى أن الكرسي العائم المتحرك صالح للبر والبحر ويمكن استعماله حتى في الجولات الاستجمامية في الغابات والمواقع الأثرية.
وقد لقيت الفكرة استحسان الجميع بما في ذلك فئة ذوي الإعاقة ممن كانت لهم فرصة تجريبها، حيث تمثلت التجربة في توفير ممر خاص بذوي الإعاقة الحركية قابل للنقل ولا يشكل أي خطورة ويصلح أن يكون بديلا للممر الخشبي المستعمل حاليا في أغلب الشواطئ وعربة متنقلة سهلة الاستعمال تسهّل دخول ذوي الإعاقة لمياه البحر لا تشكل أي خطورة على حياتهم قابلة للطفو فوق المياه، وكذا ممر بحري داخل مياه البحر خاص بدوي الإعاقة البصرية يتمثل في حبل طواف يحتوي على بالونات يسمح لهم بالسباحة دون الاعتماد على أحد من خلال تحسّسه.
وجابت قافلة “السعادة”، منذ انطلاقتها في 20 جويلية المنصرم، عديد الولايات حيث كانت الانطلاقة من ولاية الطارف وحطّت بعنابة وجيجل وتيزي وزو وبجاية وبومرداس وتيبازة وغيرها من الولايات الأخرى التي تتواجد في البرنامج، إلى أن تصل إلى مدينة بورسي بولاية تلمسان، وبذلك، تكون القافلة قد جابت كل الولايات الساحلية من الحدود التونسية إلى الحدود المغربية.
وتعمل الجمعية مع وزارة السياحة ومديريات النشاط الاجتماعي وكذا بعض الجمعيات المحلية، لتسجيل المعوقين في القافلة بالتنسيق مع مكاتب الجمعية عبر الوطن.