-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أدّوا الأمانة وحدِّثونا عنها

أدّوا الأمانة وحدِّثونا عنها

الأمانة كلمة خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان، وليس أي ميزان، ولكنه ميزان الملك الديان، الذي يعلم السّرّ وأخفى..
إن أشهر من وصف بـ “الأمانة” هو سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم-، الذي اصطفاه الله – عز وجل- لحمل أثقل أمانة، وهي رسالته إلى الناس كافة.. وهي كتاب “القرآن”.
جميل أن يصف الأصدقاء والخلاّن بعضهم بعضا بالأمانة، أما الأجمل فهو أن يصف الأعداء عدوهم بالأمانة..
كانت قريش كلّها تصف محمد بن عبد الله بالأمين، ولو قيل الأمين دون ذكر اسمه لما انصرف الذهن إلى غيره، فلما نبّئ، وصدع بما أمر به نابذه أكثر القريشيين العداء، واتهموه بكل قبيح من الصفات إلا صفة الأمانة لم يبد لهم فيها بداء، فاستمروا في وصف محمد – عليه الصلاة والسلام- بها رغم عداوتهم له، وائتمارهم به..
وقد كان رسول الله – عليه الصلاة والسلام- أنبل معدنا، لأن مكر قريش وأذاها له لم يخرجه عن صفته حتى في أحرج أوقاته، حيث فكّر فيما أئتمن عليه من أمانات، فخلّف ابن عمه عليّ ابن أبي طالب في مكة ليرد الأمانات إلى أهلها، وذلك عندما كان مهاجرا إلى ربه..
وفي القرآن الكريم وسنة الرسول – عليه الصلاة والسلام- آيات كثر، وأحاديث نبوية عدّة تغلي من قيمة الأمانة، وتعلي من مكانتها، وتأمر بها، وتحذر مضيّعيها، وتنذرهم بأليم العذاب وشديده.. ومضيّع الأمانة متعمدا هو في حكم الإسلام خائن.
دعاني إلى التذكير بالأمانة وعظم أمرها وخطر تضييعها ما تلقيته منذ بضعة أيام من مكالمات هاتفية من مدينة قسنطينة، أعرف بعض أصحابها وأنكر بعضهم..
كان موضوع المكالمة وحيدا، وهو الحديث عن مخطوط عن حياة الإمام عبد الحميد ابن باديس كتبه أحد تلاميذه وسلمه – كما قيل – إلى مطبعة “البعث” في قسنطينة لنشره، فسلّم ذلك المخطوط إلى أحد الأساتذة الجامعيين ليقدّر قيمته العلمية والتاريخية لأنه ذو مقام معلوم.. ثم قدر الله – عز وجل- أن يتوفّى كلا من صاحب المخطوط والناشر، ومنذ ذلك الوقت لم يظهر للمخطوط أي خبر.
ومنذ سنة اشتريت كتابا في قسنطينة عن الإمام ابن باديس كتبته أستاذة، وكان من مراجعها “مخطوط” عن حياة الإمام تضمه مكتبة والدها، وقد كتبت كلمة عن ذلك الكتاب ونشرتها في جريدة “الشروق”.
شك ورثة صاحب المخطوط في أن يكون هو الموجود عند الأستاذ، فاتصلوا به – كما قيل لي- فأنكر صلته بذلك المخطوط، وقد سألني المتصلون بي إن كان لي علم بذلك، لأنني أعرف الأستاذ المعني، فنفيت.
إنني أخاطب ضمير الأستاذ المعني إن كان المخطوط عنده – كما قيل- أن يعيده إلى أصحابه، فذلك عنوان المروءة وحكم الشرع الحنيف.. فإن لم يفعل فقد يكون حسابه عسيرا في الدنيا، ولعذاب الآخرة أكبر.. وإن كان المدّعون لا صلة لهم بصاحب المخطوط، فلينشر الأستاذ هذا المخطوط، لأن نشره مخطوط عن الإمام ابن باديس أولى – في رأيي- من نشر كتاب ذي موضوع فقهي بعيد عن تخصص الأستاذ، يقول “الأمين” عليه الصلاة والسلام- : “لا إيمان لمن لا أمانة له”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • لؤي الراوي

    محمد الامين 5 حوحو يشكر في روحو ههه

  • merghenis

    أما بصيغة الجمع ـ الأمانات ـ فتوجد في: السورة / الآية ــــ 32/70 ــــ8/23 ــــ27/8 ــــ58/4
    في سورة المومنون:"وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ" ونفسها في سورة المعارج

  • merghenis

    كلمة الأمانة جاءت في القرآن الكريم •في سورة البقرة /الآية 183/186.قال تعالى : " ...فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ ..."S’il y a entre vous une confiance réciproque [alors le gage n’est pas exigible]. Que celui à qui on a confié quelque chose la restitue [à son propriétaire
    و• في سورة الأحزاب ( مدنية ) / الآية 72/73 .قال تعالى :" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ..." Nous avons proposé le Dépôt [divin] aux cieux, à la terre et aux montagnes,

  • محمد العربي

    عذرا استاذ الاولى ان نقول : ادّوا الامانة ثم حدّثونا عنها.......مقال رائع و كلام في الصّميم ذكّرني بمقولة الشيخ البشير الابراهيمي رحمه الله (حدّثونا عن العدل فانا نسيناه اذ كيف يجد العدل له سبيلا بين حاكم لا يسأل عمّا يفعل و محكوم يسال عمّا لم يفعل)

  • Ahmed

    السلام عليكم
    هذه النصيحة كان حقها الإسرار و ذلك أدعى للقبول

  • القطار

    النظام والإنضباط هو ما ينمي الأمانة و يسقي شجرة الأخلاق كلها ويقلمها ، النظام في التفكير في البيت في اللباس في طريقة الكلام الإنضباط مع النفس في كل مكان لبد أن يكون مربوط بهدف قيم بعيد المدى ...