-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أراك عصيَّ الدم والدمع

عمار يزلي
  • 1069
  • 2
أراك عصيَّ الدم والدمع

يتواصل عدوان الكيان على سورية، ويتواصل التدمير الممنهج لمقدرات الشعب السوري وسلاحه الذي جُمع على مدار 78 سنة من استقلال البلاد، فيما تواصل آلياته حرث الأرض وتشريد النسل في غزة والضفة وسورية وجنوب لبنان: تجرف أراضي وتضم الجولان السوري ما بعد المحتل منه وصولا إلى نحو 30 كلم من دمشق، بحثا عن موطئ قدم لها وتوسُّع جديد، يضمن لها التفوّق والضغط في أي تسوية مستقبلية محتملة مع النظام الجديد.

ما يحدث، ليس غريبا عن محتلّ مجرم بكل المواصفات: كيان مأفون، لا يعير للقوانين الدولية مثقال ذرّة من وزن ولا قافية، ولا يهزه وجل ولا خوف ولا شهامة ولا أخلاق، في أن يهاجم ويجهز على بلد جريح، ولو كان على خلاف أو عداوة معه: فعلٌ تنكره الأعراف والفروسية والشهامة المعروفة، لا يفعل هذا إلا سيِّئ السمعة ومن لا خلاق له، تماما كما حدث للجزائر الجريحة، الخارجة قبل سنة فقط من تحت نير الاستعمار الفرنسي، مع جارتها الغربية في أكتوبر 1963 التي سمِّيت “حرب الرمال”: عدوان سافر، ومطالب حدودية رُويت بالدم ما زالت نديّة طريّة.

هذا، ما يحدث في سورية الآن، والعالم يتفرج ولا يتحرك كالعادة، كلما كان الفاعل صهيونيا وكلما كان المفعول به عربيا أو مسلما أو إفريقيا أو جنسية غير محبَّبة لدى الغرب الكبير. المبرر الذي لا يبرر، هو “حق الدفاع عن النفس” لهذا الكيان: تبرير قبلته الولايات المتحدة وتروّج له اليوم، على أساس أن “هذا طبيعي في ظل تخوف أيّ دولة تقوم على حدودها أحداثٌ أمنية خطيرة”. غير أن الإدارة الأمريكية، التي سارعت لتمحو عن الربيب دم الخطيئة العالق، لم تجب عن سؤال بريء واحد في الحالة السورية هذه: هل كانت لتعطي الحق في الدفاع عن النفس، لو أن إيران مثلا أو العراق، التي لها حدود مع سورية، ولها خلافات مذهبية وسياسية مع النظام الجديد، قصفت ولو جزءا بسيطا من سلاح الجيش السوري، ثم توغّلت داخل الحدود السورية، بدعوى إقامة منطقة عازلة أو حماية نفسها من هجمات أو عدوان ميليشيات النظام الجديد في سوريا؟ بالتأكيد، هذا لن يحدث، بل لكان الغرب والولايات المتحدة والعالم قد أقاموا الأرض ومن عليها ولم يُقعدوها، حتى يبرِّروا عدوانا دوليا وتحالفا على الدول التي تدخَّلت في سورية وخرقت “القانون الدولي”. يصبح هذا الفعل عدوانا غير مبرر، فيما الأفعال التي يقدم عليها الكيان كلها مبررة ولو كانت مدمِّرة ومكرَّرة.

لم يعد ذلك خفيّا على أحد بالتأكيد، ولا ضرورة لمحاولة العالم كله تأكيد ذلك والبرهنة عليه، فالقوة وحدها هي التي تقيم “القواعد” وتلغي القوانين ولو كانت دولية.

الكيان، بهذا التصرُّف، يعمل على فرض أمر واقع، هو لا يعرف أن “لكلّ فعل، ردّ فعل مساويا له في القوة وموازيا له في الاتجاه”، وهو قانون فيزيائي معروف لـ”نيوتن”، صاحب نظرية الجاذبية، وهو مطبَّق عمليا في كل الظواهر الاجتماعية والسياسية وغيرها من الظواهر. الكيان لا يعلم أنه بهذا، لن يتمكن إلا من إبقاء جذوة المقاومة قائمة غير خامدة، سرعان ما تتوهّج وتتّسع، وهذا ما قد يحدث، إن ليس عاجلا فآجلا: فالشعب السوري، مثل شعب فلسطين في غزة والضفة وفي لبنان وفي العراق وفي اليمن “عصيّ الدم والدمع شيمته الصبر”، سيذكرون يوما ما فعله معهم الصهاينة في ذروة “الثورة” والانتقال من نظام إلى نظام جديد، انتقال محفوف بمخاطر الانقسام والاقتتال والتصدّعات والتدخّلات الخارجية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • لزهر

    هتلر هاجم لندن بالطائرات لكنه أخطأ أهدافه، وحتى تشرشل لم يبالي وتحدث مع الناس في مكتبه أسفل لندن، لأنه كان يعلم أن من يقصف بالطائرات فهو ضعيف وأن "إسرائيل" لا تصل إلى الأرض". الهدف من المواد الكيميائية المتنقلة وتحت الأرض، وأنها كانت في أيدي الروس الذين سيتابعون عملية الموازنة في سوريا.

  • nacer

    هذا ما فعل صدام مع ايران في 1980