-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"بلاصة العرب" أعرق سوق في مدينة الورود

أزعج المستعمر ودلل السكان على مر التاريخ بأجود منتجات الأطلس البليدي

نسيبة علال
  • 1871
  • 1

تتشكل البليدة من عشرات المواقع التاريخية العريقة، لكل منها خصوصيته، ولا يمكن أن تزور هذه المدينة الضاربة في القدم، دون أن تمر ببؤرها التجارية وأسواقها الشعبية. في البلدة القديمة هناك يتموقع سوق العرب، أو بلاصة العرب التي تصب فيها الزقاق الضيقة، والشوارع الشهيرة، التي تعرف بحيويتها وانتعاش التجارة فيها.

السوق الذي استفز المستعمر وأخضعه

“بلاصة العرب”، “مارشي لافاييت”، “سوق العرب”، “السوق القديمة”، أو كما أطلق عليه إداريا سوق “يعقوب التركي”، تسميات عديدة لأشهر وأعرق مكان تجاري في مدينة الورود، ظهر هذا السوق قبل حلول الاستعمار الفرنسي بالجزائر بسنوات طويلة، وكان سكان القبائل المجاورة يحجون إلى وسط المدينة بسلعهم المتنوعة، وسلال الفواكه والمنتجات الجبلية لبيعها، ورويدا رويدا توسع تجمع الباعة هناك ليتحول المكان إلى سوق يومية خاصة بما تجود به طبيعة الأطلس البليدي على قاطنيه، وبزيادة السلع التي تصب بها زادت شهرتها، فاستفز هذا الأمر “مير” البلدة وكان الاستعمار الفرنسي قد فرض سيطرته عليها للتو، فقام بترحيل التجار وطردهم إلى منطقة تسمى بـ”بحيرة ويتيس”، وقام ببناء السوق بحيث كان هناك مستودعان للخضار والفواكه، تحيط بهما سلسلة من المحال التجارية والدكاكين الصغيرة، ورغم هذا خاب ظن المستعمر، فلم تشهد تلك السوق الحيوية التي كانت عليها قبل بنائها، فسمح بعودة الباعة، منهم من حصل على دكان ومنهم من استولى على أكثر من دكانين، وبذلك عاد النشاط دفعة واحدة إلى السوق، وعادت مختلف الخيرات تدخل المكان، وهناك سمي بـ”بلاصة العرب” حيث يلتقي العرب للبيع والتبضع.

هنا موطن كل السلع الاستهلاكية على اختلافها

مع بزوغ نور الصباح، تدب حركة غير عادية في الزقاق المحيط بـ”بلاصة العرب” المفضية إلى السوق القديمة، وفي كل يوم بالوتيرة ذاتها تتدفق السيول البشرية القادمة من بلديات البليدة الكثيرة المجاورة، إذ يقصد الناس المكان بحثا عن أجود المنتجات الطازجة، التي تشمل جميع أنواع الخضار والفواكه حتى النادرة منها، والتوابل والأعشاب البرية التي تشكل عنصرا أساسيا في المطبخ البليدي، فضلا عن وفرة جميع أشكال المعجنات المنزلية كـ”البركوكس”، و”الرشتة”، و”مقارون لعمى”، و”الحمامة”، وهو طبق بليدي بامتياز، يحضر من أعشاب جبال الأطلس البليدي، وكل ما يعجز المتسوقون عن بلوغه من سلع، لابد من أن يتوفر في “سوق العرب”، كالحلويات والمكسرات المتنوعة، والتمور والأجبان والأسماك، وهناك يمكن أن تجد منتجات تقليدية مصنوعة منزليا، بجودة عالية، كالتين المجففة وزيت الزيتون، وماء الزهر المقطر المطلوب بكثرة للحلويات والتحليات التي تشتهر بها متيجة.

تعرف “بلاصة العرب” في شهر رمضان أعدادا هائلة من المتسوقين، بعضهم يدمن النظر إلى الأسلوب البارع الذي يتقنه التجار في رص أسطال التوابل، وترتيب الخضار النظيفة حسب أنواعها، في رمضان وبعض المناسبات الدينية الأخرى يصبح التسوق في هذا المكان هواية سكان البليدة، خاصة كبار السن الذين يشتمون عبقا خاصا في هذا السوق العريق.

سوق العرب تحتضر

في كل بلدان العالم تعكس الأسواق حركية النشاط الفلاحي والحرف التقليدية في المنطقة، وهو ما تكابر أسواق مدينة الورود لأجله، محاولة إعطاء صورة واضحة عن انتعاش الفلاحة وسخاء الطبيعة، وتمسك أهالي متيجة بالحرف اليدوية والصناعات التقليدية، رغم كل الصعوبات التي يواجهها التجار كتمدد العمران.. ما جعل الزقاق يضيق بالوافدين إليه، الذين يتضاعف عددهم في المواسم والمناسبات الدينية، كشهر رمضان، المولد النبوي الشريف، بداية السنة الهجرية، الأعياد.. كما أن سوق العرب التي بناها الاستعمار الفرنسي التي تجاوز عمرها القرن، قد تهالك محيطها بالكامل، في غياب المتابعة من قبل السلطات العمومية، وحتى نظافة المكان ورغم المحاولات الحثيثة للتجار بالمحافظة عليها، إلا أنها تستدعي عودة اهتمام مصالح البلدية، مثلما كان في سابق عهده.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • selma d'alger

    ملاحظة لكاتب المقال كلمة سوق كلمة مؤنثة وليست مذكرة.