-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أزمة التسوق عبر الإنترنت.. إدمان شراء الأغراض اللافعالة وغير ذات الجودة

نسيبة علال
  • 605
  • 0
أزمة التسوق عبر الإنترنت.. إدمان شراء الأغراض اللافعالة وغير ذات الجودة
بريشة: فاتح بارة

بقدر ما سهلت الإنترنت حياة الأفراد، بقدر ما خلقت، بمواقعها الكثيرة، أزمات ومشكلات، وغيرت من سلوكياتهم نحو الأسوإ أحياء.. فتسهيل فعل الشراء، بحيث يمكن أن يتم من السرير بنقرة واحدة فقط، نشر ظاهرة إدمان التسوق وفرط الإنفاق، ومنح المحتالين فرص بيع منتجات لا تتوافق وتطلعات الزبون، ولا ترقى إلى ذوقه ومستوى الجودة التي يصبو إليها.

الاكتناز القهري نتيجة الشراء العشوائي

يشير الخبير في علم الاجتماع، الأستاذ لزهر زين الدين، إلى أننا، كمجتمع، دون مستوى المتوسط اقتصاديا، فإن سياسات التسويق التي تطبق في العالم الغربي والمجتمعات الغنية نوعا ما، قد تشكل تهديدا فعليا على سلوكنا العام. فبغض النظر عن انقياد الأفراد خلف المنتجات الرخيصة، من دون جودة غالبا، وذات فائدة محدودة، فإنها تخلق أيضا نمطا من السلوك غير المرغوب، والعادات غير الصحية، كالاكتناز القهري، بحيث يصعب على الكثير رمي غرض تم شراؤه بالمال، حتى وإن لم يكن فعالا. في المقابل، يستمر اقتناء آخر بسهولة عبر الإنترنت، لأنه غير مكلف كثيرا. وهذا، بدافع نفسي، يجعل الشخص يشعر بأنه متطور، ويمكنه التسوق عبر الإنترنت، ويتلقى طلبية في المنزل بسهولة. وكذلك، لسد حاجته في الإنفاق، وعدم الشعور بأنه غير قادر على تسديد ثمن أغراض غالية وذات جودة. وهذا، ما تسعى الفيديوهات الإعلانية إلى ترسيخه في عقول الأفراد، الأقل وعيا في المجتمع.

الطريق إلى الأزمات المالية

صحيح أن الإنترنت هي وسيلة ممتازة للتسوق، إذا كان الفرد في حاجتها فعلا، فقد سمحت للكثير بطلب الطعام المستعجل في البيت أو العمل، واقتناء ملابس في المناسبات، بينما ينشغلون بالعمل، حتى إنها توفر منتجات مفقودة في المحلات، لمن تعوزهم، كبعض الأدوية ومواد التجميل.. غير أن الاعتماد الكلي عليها، والانسياق خلف سيل الإشهارات المبهرة، التي تعرضها دون انقطاع، لابد من أن يقود إلى أزمة مالية لا محالة.

يتقاضى عبد النور راتبا يفوق سبعين ألف دينار، يقول إنه كان ممتازا لإعالة أسرته، المتكونة من زوجته وابنه: “هذا، قبل أن أكتشف الشراء عبر الإنترنت، فلم يكن لي متسع من الوقت للتسوق في المحلات، بدأت أدفع عند  الاستلام، أو أسحب من رصيد حسابي، فلم يعد كافيا لإتمام الشهر.. الأسوأ من كل هذا، أنني تفطنت بعد أشهر إلى كوني أقتني أغراضا غير نافعة، تستعمل نادرا، أو لا تستعمل إطلاقا، والجودة غالبا ما لا تتطابق مع ما أراه في الإعلانات، استفقت إلى انفجار زوجتي مشتكية من أزمة مالية، نمر بها، بسبب عدم ترشيدي نفقات المنزل، إذ، فوق ما كنت أدفعه مقابل منتجات رديئة، ضيعت مالي على مصاريف التوصيل أيضا”.

تحدي الشراء.. معول آخر يهدم علاقاتنا الأسرية

قبل سنوات قليلة مضت، كان في وسع أرباب الأسر التحكم في هوس زوجاتهم وبناتهم بالتسوق، من خلال تحديد برنامج مضبوط لذلك، في المناسبات فقط، أو مرة كل شهر تقريبا، ويتم اصطحابهن أيضا لتحديد الميزانية والأغراض، بحسب الأولوية.. اليوم، وبفضل الإنترنت، قد خرج الأمر عن السيطرة، فلم يعد ممكنا كبح جماح المرأة عن القيام بأكثر فعل يعدل مزاجها، ويرفع معنوياتها. يقول السيد يوسف: “كنت، إذا وددت أن أراضي زوجتي أو بناتي، بعد خلاف، أخذتهن للتسوق، وكن يقضين وقتا طويلا يتوسلن إلي للذهاب بهن إلى الأسواق والمراكز التجارية، لأني لا أسمح بذلك بمفردهن. أما اليوم، فيطلبن عبر المواقع ما يعجبهن، حتى إني اكتشفت زوجتي تسرق من مدخراتي لسد طلبات بناتها دون علمي. وهذا أغضبني بشدة.. سهولة الشراء عبر الإنترنت سببت لي الكثير من المشاكل الأسرية، مهما كنت صارما”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!