-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أزمة المطاعم التقليدية في الجزائر.. هنا يضيع جزء من تراثنا المادي

نسيبة علال
  • 2734
  • 1
أزمة المطاعم التقليدية في الجزائر.. هنا يضيع جزء من تراثنا المادي

يتطلب منك إيجاد مطعم للأكل الجزائري في الجزائر جهدا غير متوقع، فالمطاعم التي تقدم أطباقا تقليدية وسط ديكور محلي أصيل تكاد تعد على أصابع اليد حتى في الولايات والمدن الكبرى مثل العاصمة، البليدة، قسنطينة ووهران.. فالأغلبية تنتهي بهم رحلة البحث في مطاعم شعبية لا توفر قائمة محترمة من الأطباق، دون الحديث عن ديكورها السيئ جدا، أما من حظي بعنوان مميز، أين يمكنه الاختيار بين أنواع الشطيطحة أو الشخشوخة على اختلاف أصنافها، الكسكسي، الرشتة، العصبان.. وتفتح روحه لتذوق الطعم التقليدي أجواء المكان، فعليه أن يستعد لضريبة بات العام والخاص يعرفها، إما أسعار جنونية تفوق قدرة المواطن العادي، أو خدمة سيئة، وذوق رديء.

الجزائريون محرومون من الأكل الجزائري في المطاعم

ترجلنا في العاصمة الجزائر، والساعة تشير إلى حوالي السابعة مساء، بحثا عن مطعم يقدم أطباقا تقليدية أصيلة، من حدود المرادية مرورا بديدوش مراد، إلى غاية ساحة أودان، مطعم واحد فقط يفتح أبوابه الزجاجية التي يعلق عليها قائمة الطعام.. أم إنه إنذار لتفادي الدخول، فأقل ما يمكن وصف أطباقه بالجنونية مقارنة بالقدرة الشرائية لمواطن مقتدر، بحيث يمكن أن يكلفه عشاء مع العائلة الصغيرة ما يفوق راتبه الشهري كموظف حكومي.

وللاستفسار، كيف يرى المحليون هذه الأسعار، سألنا جابر، مدير وكالة تأمين ورب أسرة، من العاصمة: “عندما أشتهي الأطباق التقليدية نطبخها في المنزل، لأن أسعار المطاعم جنونية، من غير المعقول أن أتناول طبق رشتة مع فخذ دجاج بأكثر من ثلاثة آلاف دينار، وأنا أعلم كم يكلف ذلك، لكننا مجبرون أحيانا على اختيار هكذا عناوين عندما يكون لدينا ضيوف أجانب يحبون استكشاف الأكل التقليدي، أو عشاء عمل، من فترة لأخرى، فمن اللائق أن يتم ذلك في مكان يعكس هويتنا ويشعرنا بالراحة”.

تعترف هناء، صيدلانية، أنها وصديقاتها أصبحن عندما يلتقين يخترن وجهات أخرى: “جربنا الكثير من المقاهي وقاعات الشاي في العاصمة، خاصة تلك الموجودة في المراكز التجارية الكبرى، حيث يمكن أن يتضاعف سعر قطعة حلويات تقليدية أو كوب شاي صحراوي إلى عشرة أضعاف كاملة، فعلا جميعنا نفضل الأجواء والقعدة التقليدية المريحة التي تشعرك بالفخر والانتماء، لكن الأسعار المرتفعة جدا تجعلنا ننفر من هكذا أماكن إلى أخرى لا تقل جمالا، وربما بخدمات أفضل وأرخص بكثير.. يجب القول إن كل ما هو جزائري يبدو موجها للسياح لا للسكان المحليين.. فهو لا يتناسب مع المستوى الاقتصادي لأغلب العائلات هنا”.

الخلط بين المطاعم الشعبية والمطاعم التقليدية

يخلط البعض بين المطاعم الشعبية والتقليدية، لهذا كثيرا ما يواجه السائح في الجزائر، سواء من مناطقها الداخلية أم من خارجها صدمة الخدمات والذوق، فإذا سألت السكان المحليين عن مطعم تقليدي، إما وجهك إلى أكل الشوارع، حيث البتيزا المربعة، واللوبيا والسردين.. أو إنه ألقى بك في خيمة تبيع الدجاج المحمر مع الشخشوخة والزفيطي، غير أن الأطباق التقليدية الحقيقية، التي تعرف بها موائد السكان الأصليين من شاكلة المتوم، الدولمة، طاجين الزيتون والشطيطحة.. هي ما يجب الترويج له. التقينا السيدة رباب من الأردن، وكانت مقيمة مع زوجها بأحد أشهر الفنادق في العاصمة، كانت متذمرة جدا من مسألة الطعام، تقول: “انتظرت أن أتذوق الأكل التقليدي الجزائري، كما أراه في الفيديوهات والوثائقيات، غير أني دفعت مبلغا جيدا نظير “بوفيه” مختلط من أطباق متجنسة لم أفرق بينها وبين ما هو محلي، وخرجنا بحثا عن مطاعم تقليدية، فتم إرشادنا إلى حيث يباع أكل الشوارع في الأحياء الشعبية، مع أن الذوق مميز، إلا أنه ليس نظيفا كما يجب، ولا يعبر عن الثقافة الجزائرية بالضبط.. ليس هذا ما نبحث عنه”.

المطاعم الجزائرية الأصيلة بديكورها وأطباقها التي تطبخ على أسسها الصحيحة وتقدم في أوانيها الخاصة، لا تزال تتمركز في الشوارع الرئيسية من المدن الكبرى، وتكاد لا ترى من قلتها، من وصلها يجب أن يكون ممن يستطيعون السبيل إلى موائدها، في حين إن قائمة أطباقنا الثرية تعد تراثا ماديا نفخر به، يجب الحفاظ عليه، والتعريف به، والترويج له بكل الطرق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عيساوي

    محجوبة