أزواج يتحايلون على القانون.. متزوجون شرعا مطلقون إداريا

في وقت ينتقد الكثير نظام السكن الاجتماعي وما يسببه من فتنة وفوضى، وفي حين تستمر عائلات بلا مأوى في انتظار دورها أو التفاتة السلطات إليها للحصول على بيت يلم شملها، تلجأ عائلات أخرى إلى فك شملها للحصول على سكن.
فقد أصبح الطلاق حلا لمن لا حل له، ليتحول من حالة عادية لها أحقية السكن أو الميراث أو شراء عقار بمالها الحر، إلى حالة إنسانية تنتزع حقوقها بالتعاطف.
عندما يفشل المال وحده.. أزواج مخيرون بين امتلاك عقار والحفاظ على زوجاتهم
قبل أن يتزوج عبد الهادي بزميلته في العمل، كانا، كلاهما، قد أودعا ملفين للحصول على سكن، وما إن اكتمل المشروع بعد سبع سنوات كاملة، تم استدعاؤهما من قبل الهيئة المنشئة، واتضح أن على أحدهما أن يتخلى عن ملكية سكنه، لأن القانون يمنع متزوجين براتب ممتاز أن يحصل كلاهما على سكن. عبد الهادي يقول: “زوجتي مصرة على عدم التنازل، فوجدت نفسي أطرق أبواب القانونيين. العجيب في الأمر، أن هناك من المحامين أنفسهم من نصحني بالطلاق الإداري، وبعد إكمال دفع المنزل والحصول على ملكيته، أعيد عقد قراني، لم أستوعب الأمر ولم أعرضه على زوجتي أصلا، لا أزال أبحث عن حلول بديلة، خاصة وأن الصيغة معقدة ولا يمكنني تحويل ملكيته إلى أحد أقاربي أو أصدقائي مؤقتا”.
التشرد والحاجة يقودان زوجات إلى المغامرة باستقرار زواجهن
سليمة، سيدة جامعية مثقفة، ظروفها المادية صعبة جدا، فهي لم تتمكن من الحصول على وظيفة، بينما يعمل زوجها براتب ضئيل، تم طردها مؤخرا من منزل الإيجار الذي كانت تشغله بمبلغ رمزي، بعد 10 سنوات من تجديد ملف طلب السكن الاجتماعي، الذي لم تحصل عليه. تروي للشروق العربي كيف أنها غامرت بعائلتها: “ظننت أنه لم يتبق لنا حل، اخترنا الطلاق المدني وبدأت أتوجه مع أبنائي الثلاثة إلى مقر الدائرة والولاية، أقدم الشكاوى وأرابط أمام أبواب المسؤولين، لم يكتشف أحد أنني مازلت متزوجة شرعا ولم تعرف عائلتي بقرار طلاقي المدني.. لقد غامرت فعلا، لكنني تحصلت على مسكن أخيرا، بصفتي مطلقة بلا مدخول، ولم نقم إلى حد الساعة بإعادة عقد قراننا المدني، نتناسى الأمر مادمنا نعيش تحت سقف واحد دافئ”.
هل هي حيل إبليس؟ أم هو ذكاء اجتماعي؟
قد لا تكون قوانين الدولة هي الوحيدة التي تضيق على الأشخاص، بحيث يلجؤون إلى طرق بديلة تكلفهم أحيانا استقرارهم، فقوانين وأعراف بعض العائلات الكبيرة، أشد ظلما وجورا ، تقول فريال: “بعد وفاة والد زوجي، كنا في حاجة ماسة إلى المال، فرفضت والدته أن تمنحه حصته من الميراث، واشترطت عليه أن يطلقني، قائلة إنني لا يجب أن أتمتع بمالهم.. بعد محاولات وضغط من إخوته لاقتسام التركة، تطلقنا إداريا، وأخذ زوجي ورقة الطلاق إلى والدته، التي شعرت بالنصر. تضيف فريال: “من شدة الغباء، منحته حصتها من الميراث أيضا، كتكفير عن شرطها المجنون.. حاليا، يقوم زوجي ببيع قطع الأراضي، وسافرنا معا عدة مرات دون علم عائلته، سيأتي يوم ويكتشف الجميع أنها كانت خدعة فقط، وهذا لا يهمني، كل ما أركز عليه حاليا هو بناء منزل أحلامنا بعد أن أعدنا عقد زواجنا إداريا”..
انطلاقا من قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “من غشنا فليس منا”، يشير الدكتور الإمام دحماني عبد الصمد، إلى أن هذه الطرق غير مشروعة في مجتمع مسلم، والأحق بالعبد أن يسعى باتخاذ سبل أخرى، ويحتسب أجره لله- تعالى- مع التزود بالدعاء للتوفيق.. كما أن “أبغض الحلال عند الله الطلاق”، والأصل ألا يحدث الانفصال ولو وهميا، لأسباب مادية زائلة، ويفضل الصبر على الابتلاء بدل الخوض في المحرمات والطرق الشائكة.