-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أصحاب اليمين..

عمار يزلي
  • 575
  • 2
أصحاب اليمين..
ح.م

تشهد أوروبا والغرب بما في ذلك أمريكا خلال العشرية الأخيرة تناميا قويا وملفتا لليمين المتطرف الشوفيني القومي، وهذا إزاء العديد من المتغيِّرات والعوامل التي أنتجت ثم غذَّت هذه التربة وهذا التفريخ القومي الإقصائي. أهم هذه العوامل، الأزمة الاقتصادية الظاهرة والخفية التي تنتجها تباعا الماكينة الرأسمالية في الدول الصناعية التي تتطلب أيادي عاملة رخيصة ومتزايدة العدد، تجد في المهاجرين من الجنوب والشرق الآسيوي المصدر والمنبع. يمكن إضافة إلى ذلك الجانب الموضوعي التاريخي الاستعماري لهذه الدول التي دمرت المستعمرات وأفرغتها من ثرواتها الباطنية لتمتد إلى الأيادي ثم العقول تنهبها لصالح آلتها الرأسمالية.

بالمقابل، خلق هذا الامتصاص الهائل ليد عاملة هشة من جنوب القارة وشرقها حالة من عدم اليقين والضعف والإخلال بثقافة وهوية السكان الأصليين في هذه الدول الصناعية الكبرى، مما جعلها في نهاية المطاف ترى نفسها أنها أصبحت تعيش منافسة ومكابدة للعيش في بلد كان يبدو لهم أنهم لهم وحدهم وأن الوافدين الجُدد، إنما جاؤوا لخدمتهم فإذا بهم، بحكم القوانين وحقوق الإنسان والعدالة الغربية، أحرارٌ وأصحاب كلمة ونفوذ سياسي واجتماعي ومهني.. “سُرق منهم حقهم في بلاهم الأصلي” الذي ورثوه تاريخيا إما عن طريق الاحتلال أو عن طريق تقسيم الرقع الجغرافية إلى أمم ودول وحدود قومية.

ما حدث يوم الأربعاء في الولايات المتحدة في حادثة اقتحام مبنى الكونغرس على يدي متشددي اليمين من أنصار ترمب، الرافضين ليس فقط لخصوم الجمهوريين من الديمقراطيين، بل الرافضون حتى للتيار الجمهوري المعتدل الذي لا يقاسمهم عنصريتهم البيضاء، ما حدث ذاك اليوم يصبُّ في نفس التوجه العام في أمريكا، وينتشر بكثافة عبر الإعلام غير التقليدي مستعملا مواقع الواصل الاجتماعي بشكل خاص، ليصبح قوة مقلقة، في العالم الغربي من ألمانيا إلى فرنسا إلى بريطانيا وإلى بعض الدول الإسكندنافية.

ما حدث في مبنى الكونغرس، هو تبلورٌ للفكر اليميني المتطرِّف العنصري الممجِّد للجنس الأبيض، الذي تحوَّل إلى إيديولوجيةٍ لدى شريحة قوية من الأمريكان، غير أنها بقيت في مجال الفكر والاعتقاد والعمل الداخلي الاجتماعي والجمعوي تشتغل ضمن مجموعات أو عصابات “Clans”، بحثا عن ممثل سياسي لها يقود هذا الفكرَ إلى عمل سياسي يوصلهم إلى تحقيق هدفهم.

وكانت سنة 2016، عندما خرج من تحت عباءة تجارة القمار والنوادي الليلية وطاولات القمار ثم نحو تجارة العقار.. واحد من أنفسهم يمثلهم سياسيا، ويقتحم مجال السياسية وهو الذي لم يكن منها ولا فيها ولا يسلك مسلكها ولا يعرف حيثياتها وأدبياتها: ترشح دونالد ترمب ترشحا أوليا في الدوائر الانتخابية السفلى بحثا أولا عن شهرة إعلامية على الصفحات الأولى للجزائر والقنوات الإخبارية وهو الذي حضَّر نفسه لذلك إعلاميا بأن كان يشارك وينتج ويموِّل برامج “شو بزنز” في غاية الذهول: عراك وسباب وشتم وتقاذف، تمثل نزعته العدائية وغير المتزنة تجاه الغير، وأنانية ونرجسية مفرطة في المرض. كان هذا في البداية لكن سرعان ما وجد أمثاله فيه من يمثلهم سياسيا، فكان أن طفا بشكل مذهل إلى الرئاسيات في 2016، معتمدا على وسائل التواصل غير التقليدية ومنها تويتر.

أربع سنوات تمرُّ على رئاسته، شاهد فيها العالم كله، ما لم نشاهده من قبل في أمريكا: رئيس مهووس بالكرسي، مؤدلج، مركزي، نرجسي النزعة والعمل.. يطأ على كل شيء قانونا كان أم أخلاقا أم تقاليد، وهذا ما أسقطه أخيرا بفعل تكاتف الكتلة المناوئة للعنصرية البيضاء.. ولكن بعد “خراب واشنطن”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • محمد

    كل النعوت السلبية الممقوتة تنطبق على رئيس أمريكا ترامب لكن فضله على الشعوب العربية لا يقدر بثمن حين بين لهم أن قادتهم الجبابرة من المحيط إلى الخليج طأطؤوا له رؤوسهم ولبوا مطالبه المالية المهينة دون مقابل بل خانوا عهودهم التي أخذوها على شعوبهم.هل تجرأ أحدنا لتنبيه أمتنا أو تزعم تيارا فكريا أو خطط لها كيفية استرجاع كرامتها أو أظهر لها طريق الخروج من التخلف بالعلم والعمل الجدي ما عدا المساهمة في الفوضى الخلاقة التي تسير عليها حكوماتنا حتى أصبح التطبيع مع دولة الصهاينة سمة الواعين من الطبقة المستنيرة والمتاجرة بالتخلي عن المحمدية مقابل السير في الانضمام إلى الإبراهيمية الدين الجديد.من المغرر بهم؟

  • ابا القاسم

    وهل سيحارب العرب والاعراب امريكا واسرائيل لاسترداد ارضهم المحتلة فلسطين اخيرا واسترجاع هيبتهم وشرفهم المفقود وكرامتهم امام الشعوب والامم ام انهم سيكتفون بالتعليقات الفارغة والنعيق والشتائم والسب والرقص والغناء ......
    العرب ظاهرة صوتية وفقط