أطفال حياتهم الدراسة..!

يعيش تلاميذنا ضغوطا “رهيبة”، جراء ارتفاع ضغط الحجم الساعي بالمدارس وكثرة المناهج، إلى تلقّي دروس خصوصية يومية غالبا، ضف اليها عملية حل التمارين في البيوت. فماذا يتبقى للطفل من وقت ليلعب ويمارس هواياته ويكتسب مهارات جديدة؟ هو موضوع مهم أثارته جمعية العلماء المسلمين ومن خلفها الأولياء، الباحثون عن حلول للموضوع الذي أرقهم نفسيا وماديا.
يسعى الإتحاد الوطني لأولياء التلاميذ، لإيجاد حلول لظاهرة الضغط السّاعي على تلاميذنا، والّذي حرمهم من اللّعب واكتشاف هواياتهم، وفي هذا الصّدد، صرح رئيس الإتحاد، حميد سعدي لـ”الشروق”، بأنهم باتوا يركزون مؤخرا على موضوع الحجم الساعي وضغط المناهج الدراسية على التلاميذ “اذ يبقون نهارا في الأقسام، وبمجرد مغادرتهم مساء يتوجهون مباشرة نحو الدروس الخصوصية، وليلا نحو المراجعة.. فمتى يلعبون ويمرحون؟” يتساءل محدثنا وتأسف لتحول الدراسة في عقول بعض تلاميذنا إلى أمر “ممل” لا يحتوي عناصر جذب.
إعادة تفعيل فدرالية الرياضات المدرسية..
وقال سعدي، أن جمعيّتهم باتت تشجع على إنشاء نواد في المؤسسات التربوية، ينخرط فيها التلاميذ سواء تعلقت بالبيئة أو المسرح أو الرسم والرياضة والشطرنج، وحسبه “توجد فدرالية الرياضات المدرسية ولكن حضورها بات محتشما بالمدارس، رغم أنها خرّجت مواهب متميزة في سنوات سابقة”. ولذلك يسعى الإتحاد إلى إعادة تفعيل دور هذه النشاطات، مع إمكانية فتح المدارس مساء لممارسة نشاطات غير الدراسة.
كما يدعو محدثنا، إلى تنظيم خرجات ترفيهية وتثقيفية للتلاميذ، نحو المتاحف والمساحات الخضراء وحدائق الحيوانات، للتغيير من أجواء الدراسة ورفع المعنويات.
وقال “الإتحاد الوطني، يستغل كل فرصة للترفيه عن التلاميذ، وتفعيل نشاطات لاكتشاف مواهبهم، آخرها تنظيم مسابقة في الإملاء بالجزائر العاصمة، شارك فيها 80 ألف تلميذ، بلغ 1200 منهم الدور النهائي في انتظار تسليم الفائزين الجوائز”.
السّعي لاكتشاف القدرات واكتساب المهارات
من جهتها، تُحضّر جمعية العلماء المسلمين، لإطلاق مشروع “ما لا يسع التلميذ جهله”، وهو مشروع تربوي نوعي، يهتم بالنشء الصاعد، إعدادا وتربية وتعليما وتكوينا، وهو ما جعلها تناشد المؤسسات التي لها صلة بالتربية والتعليم والتكوين، للمساهمة وتقديم المقترحات.
واعتبرت جمعية العلماء المسلمين، أن التلاميذ الذين يعانون من ضعف بسبب ما اعتبرته “ضغط المناهج والحجم الساعي”، جعل الأولياء يلجأون إلى الدروس الخصوصية لسدّ الثغرات وبلوغ الدرجات. وأشارت إلى أن هذا الأمر هو “حمل ثقيل ماديا على الأولياء، في ظل موجة الغلاء التي تعرفها البلاد، وضغط من الناحية النفسية، بسبب انعدام وقت راحة للتلاميذ وممارسة اللعب والهوايات واكتشاف القدرات واكتساب المهارات”.
ورأت الجمعية في بيانها لتعريف المشروع الذي تسعى لتجسيده، إلى أن التراكمات التي حدثت في فترة كورونا، نتيجة الانقطاع الكلي، ثم الجزئي الناتج عن نظام التفويج، “ومن هذا المنطلق واستخلاصا للعبر واستغلالا للدروس المستفادة من الأزمة، ارتأينا ليكون هذا المشروع ركيزة أساسية للتلميذ والولي، في متابعة مكتسبات أبنائه العلمية في كل مرحلة تعليمية”.
ووصفت الجمعية مشروعها، أنه عبارة عن سلسلة كتيبات كل منها يتطرق لمجال ومرحلة دراسية معينة، وفي كل مادة علمية “لغة عربية، تربية إسلامية، رياضيات، تاريخ، جغرافيا، علوم، تكنولوجيا، إعلام الي..”، وهي كتيبات تحتوي الزاد العلمي المفترض أن يحمله معه تلميذ المرحلة الابتدائية إلى المتوسطة، ثم إلى الثانوية وأخيرا إلى الجامعة.
حيث تقوم مجموعة من الأساتذة، بتحديد المستوى الأدنى من المعلومات التي يجب أن يستوعبها التلميذ، في مختلف الأطوار التعليمية، ثم يقوم أساتذة متمكنون بكتابة مضمون الكتيبات والتي تكون مركزة، وبتصميم يجذب هذه الفئات العمرية. والمعنيون بتأليف هذه الكتيبات، هم الأساتذة والمربون والمدربون في مختلف المجالات.
دورات تدريبية وترفيهية للتلاميذ
ودعت الجمعية أيضا إلى تنظيم دورات تدريبية للتلاميذ، في مجالات البرمجة والإعلام الآلي، الإلكترونيات والروبوتيك، الفيزياء والرياضيات المسلية، كتابة القصة القصيرة والرواية، الرسم والفنون التشكيلية، إضافة إلى الخطابة والمسرح.
وأهداف المشروع، حسب جمعية العلماء الجزائريّين، هي اكتشاف المواهب في صفوف الأطفال والمراهقين، والدفع بهم إلى انجاز ما يرفع منسوب التحفيز لديهم والثقة بالنفس، مع تخفيف الضغوطات النفسية، بسبب المناهج التعليمية والحجم الساعي الدراسي.
وأيضا صناعة فرص استثمارية للشباب، وغرس ثقافة المشاريع في صفوف التلاميذ والأطفال.
أما الخطوات المقترحة لتجسيد هذه الفكرة، حسب البيان، فهي تشكيل منتدى جامع للمدربين والأساتذة الراغبين في التعاون، تنظيم دورات تدريبية للفريق حول مهارات التدريب وطرق تعليم الصغار والكبار، تعيين لجنة مختصين لاستقبال المقترحات، الانطلاق في التدريب بالتعاون مع مديريات التربية، التنسيق مع الجامعات ودور الشباب ومراكز التسلية.