أطفال في أجساد رجال.. أزواج مصابون بمتلازمة بيتر بان

لتنصلهم منها وتكاسلهم عن أدائها، قد يحدث كثيرا وأن تشتكي الزوجات من عدم تحمل أزواجهن لمسؤولياتهم المنوطة بهم كأرباب عائلات وآباء. لكن، في بعض الحالات، الأمر قد يكون أعمق من مجرد تكاسل عن الاضطلاع ببعض المهام الأسرية. ويُؤشر لإصابة الزوج بمشكلة نفسية عويصة أطلق عليها العلماء تسمية متلازمة بيتر بان، التي تجعل منه طفلا في جسد رجل بالغ.

جسم البغال وأحلام العصافير

متلازمة بيتر بان، هي مشكلة نفسية تصيب الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و35 سنة. أما أعراضها، فلقد أوضحها أخصائي علم النفس دان كيلي. حيث تجعل الرجل المصاب بها يتصرف بطريقة غير ناضجة. ولقد أخذت تسميتها نسبة إلى الشخصية الخيالية PETER PAN التي ألفها الروائي الأسكتلندي جيمس ماثيو باري، التي تحولت بعدها إلى رسوم متحركة. وكان ذلك الولد الشقي الطائش الذي يُجيد الطيران ولا يتقدم في العمر أبدا، يقضي كل وقته في القيام بمغامرات مع أصدقائه، رافضا فكرة النضج والنمو النفسي. فتم إسقاط سمات بيتر بان على الرجال الذين يتمسكون بطفوليتهم وطباعهم الصبيانية، ليتجنبوا تحمل مسؤولياتهم كآباء وأزواج، أو مهامهم كأشخاص كبار بالغين. فتجدهم ناضجين جسديا، ولكن عقولهم هي أحلام أطفال صغار. وطبعا، هذه النماذج البشرية موجودة بكثرة في مجتمعنا، مثلما هي الحال مع زوج السيدة صونيا، التي تشكوه قائلة: “والله، أنا لا أعرف إن كانت حالته تدعى بمتلازمة بيتر بان، ولكني متأكدة من كونه لا يصلح لأن يكون زوجا أو أبا، لأنه فاقد للأهلية ولا يزال يتصرف كطفل محتاج دوما لتوجيهاتي أو توجيهات أمه، ناهيك عن عدم قدرته على الاضطلاع بمسؤولياته المادية تجاهنا، كونه لا يستقر في عمل قار لأكثر من ثلاثة أشهر. ويقوم بدل ذلك بممارسة هوايته المفضلة المتمثلة في الصيد البري.”

هل زوجك مصاب بمتلازمة بيتر بان؟

رغم عدم تصنيفها ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية، إلا أن متلازمة بيتر بان منتشرة ومعروفة جدا في الأوساط الطبية والعلمية. وتُشخص لدى المريض على أساس مجموعة من الأعراض من أهمها:

-عدم الرغبة في العمل في غياب التحفيز. الأمر الذي يخلق للمريض صعوبات حقيقية في ما يتعلق بالبقاء في وظيفة قارة ودائمة، لكونه ضعيف الأداء مهنيا، وكثير المشاكل مع زملائه في العمل، ومتكرر الغياب.

-عدم الإحساس بالمسؤولية. سواء تجاه زوجته أم أولاده أم كل من هو مسؤول عن رعيتهم. فتجده لا يشارك في تربية أولاده ويغضب بشدة إذا لامته زوجته على تقصيره.

-افتقاره إلى مهارة تأجيل الإشباع، التي تتطلب من الشخص الناضج التخلي عن بعض المتع الآنية الفورية لأجل تحقيق متعة مستقبلية أهم وأعظم.

-يلقي اللوم على الآخرين وعلى العوامل والظروف الخارجية للتهرب من تحمل مسؤوليته تجاه كمّ المشاكل الكثيرة التي يعاني منها جراء عدم اضطلاعه بمهامه وواجباته.

-وجراء انغماسه في حالة من الفوضى والفشل الشامل، تجده أكثر عرضة لإدمان الكحول أو المخدرات، ألعاب الفيديو، المواد الإباحية إلخ.

– عدم قدرته على العناية بنظافته الجسدية، إذ لابد من دفعه دائما إلى غسل أسنانه أو الاستحمام.

-ارتباطه الشديد بأمه، حتى وإن أصبح زوجا وأبا لعدة أطفال، لاحتياجه الدائم إلى رعايتها.

هل تزيد الصعوبات الاقتصادية من انتشار متلازمة بيتر بان؟

لم يتوصل العلماء إلى تحديد أسباب واضحة ومحددة لمتلازمة بيتر بان، لتداخل الكثير من العوامل المؤدية إلى الإصابة بها، كالتربية الخاطئة القائمة على التدليل الزائد والحماية المفرطة للطفل، أو حرمانه من عيش مرحلة المراهقة نتيجة مروره بصدمة نفسية كالتحرش الجنسي أو طلاق والديه. كما يعتقد الخبراء أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الكثير من شباب الألفية، ساهمت في انتشار متلازمة بيتر بان بينهم، بدليل تأخر عبورهم إلى مرحلة البلوغ مقارنة بالأجيال السابقة. ونظرا إلى أن كون كل حالة متفردة، فإن العلاج يكون بحسب خصوصيات كل حالة..