-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أغنياء.. من التعفف

عمار يزلي
  • 3067
  • 6
أغنياء.. من التعفف

الغلاء الذي مس كل القطاعات، بطريقة رسمية أو عن طريق الزيادات العشوائية الجزافية، رفعت من سقف الفقر إلى أعلى مستوى منذ عشر سنوات أو أكثر. ذلك أن الأجور بقيت ثابتة خلال هذه الفترة فيما الزيادات بالضعف كل سنة، مما أضعف كاهل المواطن الذي صار يشكك في جيبه! مع أن الأمر واضح: ما كان سعره 250 دينار صار بأكثر من 400! أتحدث هنا فقط في السلع الغذائية، ناهيك عن السلع الأخرى! ولم يبق إلا المدعم منها الذي لا يزال في متناول ذي الأجر المحدود.

صحيح أن المواطن بشكل عام عندنا تعود على نمط استهلاكي غريب الأطوار: يستهلك أكثر مما “يخلص”، وإذا “خلص” في نهاية الشهر، يبدد راتبه في أسبوع.. في كماليات أحيانا، ثم يكمل ما تبقى من الشهر على الكريدي، لكن هذه ليست قاعدة تعمم، لأن الفقر صار حقيقة واقعة، والمستوى المعيشي آخذ في التدهور، والقدرة الشرائية في حالة تراجع. مع ذلك، نصر على مستوى البرلمان (الذي من المفروض أن يمثل الشعب وأن يدافع عنه)، وعلى مستوى الحكومة ـ بدرجة أقل ـ على تحسين الجباية والإكثار من الضرائب، وجمع أكبر قدر من المال من خلال الغرامات الجزافية والمخالفات، فيما تخفف عن هذا وذلك..لأنهم فقط يقومون بجمع الثروة من جيب الفقير والبسيط! هذه المعادلة صار الناس يقسمون بها أشد القسم أن الأغنياء استغنوا على حساب إفقار الفقراء وأنه لا حيلة لهم مع هذا التغول، مستغلين أزمة النفط والحماية الاقتصادية لاقتصاد الوطني الناشئ، لكي يرفعوا أقصى درجات الربح. هنا السياسية يبدو للمواطن لا تتدخل إلا لحماية الغني، بل أنها تمنع المواطن حتى من المطالبة بحقه، من خلال منعه حتى من التظاهر أو الإضراب والمسارعة فورا إلى إعلان الإضراب في قطاع ما غير شرعي، مما يعني مزيدا من زبر الأجور وطرد العمال للضغط أكثر على قبول الأمر الواقع! هذا الأمر لا يدوم، بل إنه يزيد في الطين بلة.. وبلبلة!

نمت على هذا الهوس لأجد نفسي في السوق الذي لم أزره منذ مدة، حيث كانت زوجتي هي المكلفة بذلك! “إفتجأت” لأسعار! فبدأت أقرأ وأعيد النظر وأركب النظارات وثم أقرأ قبل أن اسأل: بشحال الحمص نتاع البلاد؟: 42 ألف!..” ماذا؟ آآآه..علاه لحم؟.. اللحم ياعمي راه يدير 200 ألف حاشاك!..والعدس؟..كيفكيف؟..قلت للخضار: واش راه صاري كلش غلا؟ قال لي: غير بنادم اللي رخس!..

تركته دون أن اشتري شيئا، ورحت للجزار: بشحال اللحم؟ قال لي: الدجاج أم البقري أم الغنمي؟ قلت له: الغنمي: قال لي 180 ألف..! قلت له: 180 ألف؟..غاية راه رخيس.. قالوا لي راه غالي!.. أعطيني أعطيني 10 كلغ قبل ما يكمل! قال لي: 10 كلغ؟…تجيك قريب 2 ملايين سنتيم.. بالضبط مليون و800 ألف! … آآآآآه؟..واش راك تقول؟ أنا بداتي نخلص في الشهر 3 ملايين!..نعطيهم لك ونروح نطلب! واش تقول يا راجل؟ أنا حسبت 180 ألف للكبش! ضحك حتى بانت له ضرس العقل وضحكت أنا معه حتى بانت لي ضرس قلة العقل..قبل أن أقول له: والله الا راني معك نتاع صح! كنت نشري الكبش بـ 300 ألف!. سكت ولم يجب وراح ينش الذباب قبل أن أقول له: صح وزن لي زوج خلايا من الكتف!

وأفيق وكتفي تؤلمنى من جراء سقطة من على السرير من فرض النرفزة في هذا الزمهرير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • بدون اسم

    أنا لم أر اللحم الاحمر منذ عيد الاضحى ولم أر السردين منذ شهر أوت

  • بدون اسم

    يا الاخ واش من لاباس شرينا كغ في 10 عباد واش يصحلك 2 حبات و ما الصيف مزيدناش شرينا تواحشنا ناكلوه في بلد شريطه الساحلي 1200 كم

  • بدون اسم

    انتوما راكم لاباس عليكم لخاطر الفقير مستحيل يشري سردين ب700 دج

  • نصيرة/بومرداس

    استاذ يزلي....مثل عادتك تجعلنا نعيش في صلب الموضوع الذي نحن نعيشه يوميا اصدقك القول سيدي لم نشتري اللحم هذه الاشهر الاخيرة اكتفينا بالدجاج ماشي كل سمانة طبعا و شرينا كغ سردين سعره 700 دج لكن الحمد لله .

  • بوثلجة

    شدة المؤنة والضيق في الرزق والعيش سببه بعدنا عن الله
    ففي هذه الايام خيرات الله الينا نازلة (امطار مباركة وثلوج) وشرورنا اليه صاعدة (غش وسرقة واحتيالات ....والقائمة طويلة جدا)
    حتى الرحمة انعدمت من قلوبنا صرنا نسمع بشخص طاحت بيه ونكتفي بان نقول مسكين دون تقديم يد المساعدة له
    الخلاصة اننا تبدلنا بزاف فتبدلت حالتنا.فعلينا بالتوبة والرجوع الى الله والله غفور رحيم

  • يوسف

    أغـنـيـاء .. من التـعفــف... لمـــاذا لا يُكتبُ : أغــنــيـــاء بـــالتـعـــفـــف..
    هذا هو حصـادُ ثِمـار ، منذ بداية 1992 ، شِعـــار : رجالٌ واقفـون و دولة واقفة !؟. هذا يعني واقفون
    و ثابتون في مكاننا و لا خطوة للأمام حتى" نخليها و نجليها "..
    في منتصف السبعينات زار " الهواري " بلدية ' عين العسل ' القرية الإشتراكية بولاية عنابة آنذاك ، فبعد تسليم مفاتيح السكنات للعمال و الفلاحين و تدشين عدة مرافق عمومية ، نزل من المنصة :
    و قال لهم : إلمْ تنجحْ الإشتراكية فستحكمكم فئة أشد قهراً من الإستعمار!!.