-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمجاد رمضان 

أمجاد رمضان 
ح.م

إن لرمضان وقعا مؤثرا في قلوبنا، نحبه ونشتاق إليه، يحضر هذا الحب ويزدهي من فهم أسراره ومقاصده، فهو ليس مجرد ضبط لمطالب البدن، هو ارتقاء وشوق في معارج الروح، وإشراقات من الداخل تشحن القلب عزما وقوة وصفاء.

 لو تأملنا في سيرة المصطفى عليه السلام، لأدركنا عمق شهر رمضان وفعالياته الباهرة، هو شهر التغيير والتحفيز والحماسة، وموسم البطولات والانجازات، من غزوة بدر الكبرى، إلى يوم الفتح الأعظم، ودلالة الزمن مهمة جدا في إدراك السنن، وإسقاطاتها العملية في واقعنا المتغير.

ترسم غزوة بدر خط الانطلاق، أي التأسيس لمرحلة جديدة مغايرة تماما لمرحلة الضعف والقهر، ومكابدة المحن والإعراض عن الكافرين، إنها مرحلة إعلاء الحق ومواجهة الباطل، ولهذا تسمى يوم الفرقان، وتعد من أروع أمجاد شهر رمضان، كرسالة مستمرة وباقية، شهر العزيمة والقوة والأعمال الجليلة، تأتي مناسبة فتح مكة لتذكرنا بأن لكل بداية موفقة خاتمة مشرقة، وأن النصر لا يعرفه إلا من سار على الجمر، وتمسك بأسباب النجاح، ونبذ أسباب الفشل والهزيمة.

ومن هنا يمكن أن نسأل ما دور السير والأخبار والوقائع في غرس القيم الإيمانية؟ كيف نربط الصلاة بين غزوة بدر ويوم الفتح؟ ونستبط الدلالات الكامنة في الحدث والزمن وحركة النماذج الرائدة، كيف نستحضر الفوائد ونعمق العبر والعظات من جديد في ظل الراهن والمستجد؟ خاصة مع مأساة الإنسان المعاصر في زمن الكورونا؟ الغلق الكبير أو الحجر الصحي والأضرار الجسيمة المترتبة عنه؟ لابد من فهم جديد للمواقف المؤثرة، حتى نتمكن من تقريب الصور المشرقة للاسلام والمسلمين، حتى نصل للغة يفهمها العالم كله، لغة الإيمان بالواحد الأحد، لغة شفافة ونقية، يتاثر بها الشباب واليافعين وكل عناصر الأسرة، في كل مكان ما الوسائل والاجراءات التي تساعد نا للنهوض بتربية جيل لا يعرف الخنوع والخضوع، ولا اليأس والقنوط، جيل يعرف الله حق المعرفة، ويؤمن به حق الإيمان، من لنا بأخلاق رجال بدر في هذا الزمان ؟ الصدق مع الله، التراحم فيما بينهم، طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في المنشط والمكره، الصبر والثبات في المحن، الروح المعنوية العالية في مواجهة العدو الذي يفوقهم عدة وعددا. قال الله تعالى : ﴿فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ الانفال 17 .

إن تأييد الله ومؤازرته للمؤمنين الصادقين لم يلجمهم من خوض غمار المعركة بقوة وعزم، وفي ذلك تعميق لإحساس المؤمن بمعية الله دون تواكل وعجز، بل درس عملي في علو الهمة والإقدام، وهذا أكبر بيان على عظمة هذا الدين، الذي يلتقي فيه الجانب المادي بالجانب الروحي في انسجام كبير.

وكيف نستعيد ملحمة النصر، وقيم السماحة والسؤدد، من قصة الفتح الأعظم. قال الله تعالى: “إذا جاء نصر اللّه والفتح ورأيت النّاس يدخلون في دين اللّه أفواجا سورة النصر فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّابا”.

وهاهي سورة النصر مع بلاغة الإيجاز، تحمل البشرى بالنصر والتمكين، ولو بعد حين، ونستشف دلالة الإخبار بالغيب على تعميق الإيمان بالله، وفهم سننه في الحياة والأنفس فبعد مجاهدة الصعاب وتحمل الأعباء والصبر والثبات على الطريق نصر من الله أكيد، وبعد صوم رمضان تحضر فرحة العيد بحول الله .

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • AVANCER LALOUR

    الحنين هذه الخزعبلات التي أكل عليها الدهر وشرب وفي القرن 21 هي من جعلتنا في ذيل ترتيب الأمم حيث كل العالم يتحدث عن المستقبل ونحن لا نزال نحن الى عصور الكوارث والمصائب التي نسميها انجازات

  • العراب النبيل.

    السلام عليكم.. لا فض فوك يا سيدتي، لقد رشفنا من مقالك، شربة لن نظما بعدها لما فيها من معادن الروحيات و بلسم شافي و كافي لمن راوده شك في فهم فضال الشهر الفضيل و معانيه و مقاصده.. جعل الله لك بكل حرف خطه قلمك المسخر لقول الحط، جعل لك به قصرا في الجنة بعد عمر مبارك فيه.. جعل الله كل ذلك في ميزان حسناتك يوم نخف موازين و تثق اخرى...شكرا سيدتي.