أندية تبدع على وقع الاستقرار وأخرى تعاني من حالة استنفار

كشف النصف الأول من مرحلة الذهاب عن وجه متباين بين الأندية الناشطة في بطولة القسم الأول، ففي الوقت الذي خطفت عديد الفرق الأضواء مستفيدا من عاملي الإمكانات المادية والحنكة في التسيير الفني والإداري، في الوقت الذي تعاني أندية أخرى في المراتب الأخرى لأسباب إما ناجمة عن الديون ونقص الإمكانات أو بسبب سوء التسيير الذي أزم الوضع رغم توفر البعض منها على شركات عمومية تتولى جميع متطلباتها المالية.
أجمع الكثير من المتبعين على أن الجانب المالي كثيرا ما يصنع الفارق بخصوص النتائج الفنية للندية في بطولة القسم الأول وبقية البطولات والمستويات، إلا أن ذلك لم يمنع البعض الآخر من التأكيد على أهمية الاستقرار والحنكة التسييرية والفنية حتى تكتمل الصورة بالشكل الذي يسمح بتجسيد الطموحات والأهداف المسطرة، وهو الأمر الذي كشفت عنه ولو بصفة نسبية الجولات السبعة الأولى من البطولة، وهذا بناء على التنافس الحاصل على المراتب الأولى بين أندية تملك إمكانات مالية محترمة وتتوفر على شركات عمومية راعية، مثلما تتمتع بتعداد ثري وطواقم فنية محل إشادة، والبداية ببطل الموسم المنصرم مولودية الجزائر الذي ما زال متمسكا بمقعد الريادة تحت قيادة المدرب الفرنسي باتريس بوميل، وهذا رغم التنافس الحاد من عدة أندية تشارك “العميد” مقعد الريادة، مثل اتحاد الجزائر بقيادة المدرب التونسي نبيل معلول وشباب قسنطينة تحت إشراف المدرب العائد خير الدين ماضوي، وكذلك شبيبة القبائل التي عادت من بعيد متجاوزة البداية الصعبة هذا الموسم تحت إشراف مدرب محنك بوزن التقني عبد الحق بن شيخة الذي حظي بثقة الهيئة المسيرة رغم التعثرات السابقة التي أدخلت الشك، إلا أن ذلك لم يمنع الإدارة من الحرص على عامل الاستقرار والاستمرارية. وفي السياق ذاته، فقد عرفت مولودية وهران كيف يستعيد عافيتها تزامنا مع إقالة المدرب يوسف بوزيدي وتعويضه بالمدرب المالي إيريك شال، الذي عرف كيف يمنح وثبة فنية ومعنوية للحمراوة، في الوقت الذي يسير الصاعد الجديد أولمبيك أقبو وفق إمكاناته، متحديا عامل الخبرة، بدليل بدايته الموفقة التي جعلته ضمن المراتب الأولى، وهذا بصرف النظر عن خسارته الخيرة في عقر الديار أمام ترجي مستغانم، خسارة حرمت أبناء الصومام من الانفراد بالريادة. فيما يسير وفاق سطيف وفق إستراتيجية جمعت بين ترشيد النفقات والاستثمار في الشبان وأهل الخبرة، ما جعله يتواجد حاليا في وسط الترتيب، مع إمكانية تحسين المسار بمرور الجولات.
من جانب آخر، كشف النصف الأسفل من سلم الترتيب عن معاناة عدة أندية لأسباب وعوامل مختلفة، منها ما هو مالي بحت ومنها ما هو تسييري محض. وفي هذا الإطار فقد تفاجأ المتتبعون للمشوار السلبي لشباب بلوزداد الذي يعاني في المرتبة الأخيرة، رغم الإمكانات المالية والترسانة البشرية التي يتوفر عليها، وهو الذي نال عدة ألقاب محلية في المواسم الأخيرة، آخرها كأس الجمهورية على حساب بطل الموسم الماضي مولودية الجزائر، إلا أن عدم ضبط بعض الأمور جعل أبناء العقيبة يفقدون توازنهم في النصف الأول من مرحلة الذهاب، ما جعل بحدوث تغييرات في العارضة الفنية تزامنا مع توالي النتائج السلبية، ما تطلب الاستنجاد بخدمات المدرب عمراني خلفا للتقني الفرنسي مارتينيز، ناهيك عن تنحية رئيس مجلس الإدارة مهدي رابحي الذي يرجح أن يخلفه الرئيس السابق للرابطة الوطنية هواة علي مالك، مع تعيين سمير حوحو منسق عام بين الإدارة والطاقم الفني. وهي تغييرات تعكس حالة التخبط التي يعاني منها شباب بلوزداد في انتظار استعادة عافيته لمواصلة رفع تحدياته. فيما يعاني عدد من الفرق ماليا، لكنها تواصل صمودها رغم كل المتاعب، مثل اتحاد بسكرة ونجم مقرة ومولودية البيض وبدرجة أقل شبيبة الساورة واتحاد خنشلة، فيما يعول ترجي مستغانم على رفع التحدي رغم نقص الخبرة في أول موسم له في القسم الأول بعد غياب طويل.
وبعيدا عن التفاوت الحاصل بين الأندية من ناحية المال والرجال، بشكل لعب دورا هاما في الشكل الذي ساهم في التباين الحاصل من ناحية النتائج، إلا أن بعض الفرق سرعان ما لجأت إلى التضحية بالمدربين تحت ضغط الأنصار والمحيط، أو بسبب قرارات مزاجية انفعالية متسرعة، مثلما حصل مع شبيبة الساورة واتحاد خنشلة وشباب بلوزداد ومولودية وهران ونادي بارادو. ما يجعل المدرب يسدد الفاتورة في كل مرة، وفق قرارات قد تسمح بتهدئة الوضع وأخرى مجرد خرجات استعراضية غير مجدية.