أيام صعبة تنتظر العالم..

يبدو أن الغرب مصمم على مواصلة تأجيج الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كل يوم يزيد ضخ المزيد من المال والمزيد من السلاح لكي تبقى هذه الحرب مشتعلة. بات واضحا أن الهدف الآن ليس توقيف الحرب ولا حتى تمكين أوكرانيا من النصر كما يزعمون، إنما الإبقاء على النار مشتعلة قدر الإمكان لاستنزاف روسيا وإضعاف جبهة الصين في معركة تُشبه المعارك التي تخوضها حيوانات الغابة من أجل البقاء.
وهذا بكل تأكيد لا يخدم العالم في شيئ ويزيد من أوضاعه سوءا، ويزيد من معاناة الضعفاء خاصة. كما هو الحال مع كل المراحل الانتقالية، محلية أو دولية حيث يزداد خلالها عدد الضحايا وتزداد معاناة الأقل قوة. لذا علينا أن نحتاط من الآن لِما هو قادم لأن الإشارات الحاملة للمستقبل المنبثقة من هذا الصراع تقول جميعها أن الأوضاع ستكون أصعب. لا يعني هذا أبدا الدخول في دائرة اليأس إنما يعني بالدرجة الأولى تبني منطق الاستباق، إن تعلق الأمر بالاقتصاد أو الأمن أو البناء بشكل عام.
لقد بات واضحا أن الغرب اليوم أدرك أنه قاب قوسين من الدخول في مرحلة التخلي عن بعض مواقعه، لذا فإنه سيحرص بكل الوسائل على البقاء، وإن اقتضى الأمر سيضطر إلى إشعال معارك أخرى خارج حدوده في القارات الأخرى وبخاصة في افريقيا ليستمر سيدا، ويستثمر أكثر في الصراعات والحروب كما هو الشأن اليوم في السودان وفي كثير من دول الساحل… لسان حاله يقول ينبغي ألا تجد القوى الدولية الجديدة التي بات حُكمَها للعالم اليوم بطرق مغايرة عما كان عليه مسألة وقت… ينبغي ألا تجد هذه القوى الجديدة الأقاليم التي سيكون لها فيها موقع قدم، آمنة ولا مستقرة، بل ينبغي أن تجدها مضطربة وفي أقصى درجات الاضطراب. ينبغي للعالم ألا يكون أحسن مما سبق حتى تبدو أن إدارتها له كانت أفضل…
في ظل هذا التحول المرتقب علينا أن نحسن التفكير ونحسن اتخاذ القرار ونحسن استباق الأحداث… والحل يكمن على النطاق الحكومي في الشروع من الآن في التصرف في الموارد المادية والمالية برشادة فائقة الدقة، وفي النطاق الشعبي في الكف عن الحلم بأننا نستطيع التقدم دون عمل ودون رؤية واضحة للمستقبل وإرادة صادقة لبنائه.
لذا فإننا اليوم مطالبون باعتماد سياسة توعية مدروسة بعناية للحفاظ على الموارد الموجودة وخلق موارد جديدة وتجنب الوقوع في فخ النزاعات أو ندرة الموارد…و لن تكفي السياسات الحكومية وحدها للقيام بذلك، بل ينبغي أن تسير بموازاتها سياسة واضحة لمكونات المجتمع المدني إلى غاية الخروج من النفق المظلم الذي تم إدخال أغلب المجتمعات فيه…
ولعلنا نستطيع ذلك بكفاءة رجالنا ونسائنا وبنوعية الوسائل التي نملك، و بذلك نكون من بين الدول القلائل التي ستجد نفسها في وضع أفضل مما كانت عليه قبل الحرب الروسية الأوكرانية… ذلك هو أملنا إذا ما تم بالفعل اختيار أسلوب الاستباق بدل ردة الفعل أو اللامبالاة وانتظار ما ستُسفر عنه الأيام.. إن الشعوب والدول التي تحتاط للمستقبل يكون لها أكبر حظ لأجل البقاء فيه… والعكس صحيح تماما…