-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أين العلم من السياسة اليوم؟

أين العلم من السياسة اليوم؟
ح.م

لماذا يَعتَبر السياسي باستمرار رأي العلم والعلماء رأيا استشاريا، رغم أن العقل والمنطق يقولان ينبغي أن يكون إلزاميا، لأنه لا يوجد أعلى من العلم؟ بل لماذا يقبل علماء القانون الدستوري مثلا أن يضعوا الهيآت العلمية دائما في آخر الدساتير تحت باب الهيآت الاستشارية، رغم أنهم هم واضعو الدستور وليس السياسيين؟ لماذا لا تكون الكلمة الفصل في الدساتير لهيآت العلماء؟ ولماذا لا تُعتبر سلطتهم على الأقل إحدى السلطات وتسمى “سلطة العلماء”؟ هل لأن الأمر يتعلق بطبيعة أنظمة الحكم التي لم تكن لتسمح للعالم إلا بدور الاستشارة وتقديم الخبرة؟ أم لأن أهل العلم لا يصلحوا أن يكونوا أهل سياسة ولم يكونوا كذلك عبر التاريخ؟

المعلوم أن قصة “العالم والسلطان” أو “الفقيه والسلطان” كما في أدبياتنا السلطانية، معروفة النشأة تاريخيا، وقلَّما كانت فيها الغلبة للعالم على السلطان، رغم أن أحد السياسيين المعاصرين خَطَب ذات مرة أمام الحائزين على جائزة “نوبل” في مختلف التخصصات قائلا: لقد وَلَّى الزمن الذي كان فيه العالم يقترح والسياسي يحكم، اليوم أصبح العالم هو مَن يقترح وهو مَن يحكم… باعتبار أن تسيير شأن الدولة والاقتصاد ومختلف مناحي الحياة أصبح يتطلب عِلما بالضرورة، إن لم يكن اختصاصا دقيقا في أكثر من مجال…

هل مثل هذه التصريحات تُعَد من باب الديماغوجية، ومن باب ممارسة السياسة على العلماء؟ أم هي حقيقة تعمل بها الدول المتقدّمة، وتختفي لدى بقية العالم، حيث مازالت السياسة بمفهومها الشعبوي مُهيمنة؟

في العالم المتقدّم، هي حقيقة أكثر من أي وقت مضى برغم ما يبدو على السطح في بعض الأحيان من وجود لسياسيين بلهاء.. كلُ أمرٍ مدروس بمقدار لديهم، لا مجال لتسيير الدولة أو إقامة أركانها دون الارتكاز على العلم، ويُخطِئ من يعتقد ذلك.

من بين ما جاء في إحدى محاضرات أستاذنا الدكتور وليد عبد الحي الأخيرة قوله: اذكروا لي أي عمل قام به الرئيس “بوتين” في روسيا في السنوات الأخيرة، وسأدلكم على الصفحة التي ذُكر فيها ذلك في كتاب “الاسكندر دوغين”!… ومن بين ما نعلم أنه لا توجد سياسة أمريكية ولا غربية ولا شرقية تُنَفَّذ اليوم دون أن يكون لها أصل في أحد مراكز البحث التي تُعِدُّها بإحكام سواء كانت ذات طبيعة سياسة أو اقتصادية أو عسكرية أو غيرها؟

فأين نحن من هذا؟ متى  نصل إلى مرحلة نُثمِّن فيها دور علمائنا في الداخل والخارج بدل كل هذه الأساليب الديماغوجية في تسيير الشأن العام؟ متى نُلزِم بالقانون، وإن اقتضى الأمر بالإكراه السياسيين على تنفيذ ما يراه العلماء وليس العكس؟ بل متى نصل إلى إيجاد ذلك التكامل المطلوب بين العلم والسياسة؟

يبدو لي أننا اليوم في حاجة إلى إثارة ذلك على الصعيد الدستوري والسياسي والشعبي لنخرج من مرحلة الكل فيها عالم، إِنْ في الدين أو الاقتصاد أو السياسة أو الثقافة أو الهوية والتاريخ… الخ. وبدل أن نُبقي هيآت العلماء المختلفة ضمن خانة الاستشارة، علينا نَقْلها إلى باب الاستشارة الملزمة على الأقل، إن لم يكن إلى باب السلطة الفعلية، إن لم يكن إلى باب مركزي تُصبِح فيه محركا لكافة السلطات.. ألا نستعيد بعض الأمل بمثل هذا؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • منبه

    اولو الامر هم العلماء والامراء ، وأمرهم شورى بينهم ، وقد يكون الامير عالما ، الم يكن الخلفاء الراشدون علماء وهم أمراء عصرهم ، وهل رجل القانون عالما ، الجواب طبعا هو لا ، وهل رجل القانون يستطيع ان يستوعب المحيط السياسي الداخلي والاقليمي والدولي المفروض حتى يستطيع وضع دستور ، الجواب هو لا طبعا ، .... واليس الدستور الذي تتحدثون عنه شيئ مستورد مثل باقي البضائع التي نستوردها من الغرب ... والفاهم يفهم لااريد التفصيل

  • سامي

    المشكل لدينا اننا في الجزاير لدينا 40 مليون عالم و في جميع التخصصات هذه هي مشكلتنا اليوم الكل يدعي العبقرية و انه هو الصح و الاخر على خطا

  • محمد

    لو كنت حاكما لمنعت حتى من الاقتراب منك كما تفعل اليوم على كل من يخالفك الرأي

  • محمد

    لقد نصح عالم الفلاسفة أن يشرف على سلطان الشعوب الفلاسفة ولم يشر إلى الانتهازيين من السفسطائيين ولا من أشباه السياسيين.عندنا كل من تعلم حرفا أو احتل منصبا في الدولة اعتبر نفسه أهلا لقيادة الشارع الذي يقبل من هب ودب ليحتل موقعا يتكفل من خلاله بما لا يستطيع هو القيام به.هل تفكر بأن لدينا علماء واعون بما تعلموه ليقدروا على اختيار أحسن السبل لترقية المجتمع العربي الغارق في الكسل والجهل؟نعم ليس لدينا سياسيون كذلك لأن السياسة تعلم منذ الصبا(الأدب الصغير والأدب الكبير) وتلقن في هيئات النضال الاجتماعية مدة طويلة.أما عندنا فالاحتماء بالمال المسروق من الخزينة العمومية أو بأصحاب الجاه والقوة يكفي لتنصيبهم

  • Sofiane

    It has to be ,we have no choice , Aljazeer needs everyone to build it. Why we can not leave honest elites to contribut or.....ect

  • خليفة

    فعلا بعض القرارات السياسية العالمية مؤسسة على مرتكزات علمية ،و خاصة في شقها الاقتصادي و الاجتماعي، إن العلم في وقتنا الحالي هو العيون التي يجب ان تنظر من خلالهما السياسة ،و لذا يجب ان يحتل العلماء المناصب الحساسة في الدولة ،حتى تكون قراراتها مدروسة و حكيمة ،و لكن نلاحظ في بعض الدول النامية ان العلماء مهمشين و لا يلتفت لمقترحاتهم ،حيث الكلمة الاولى و الاخيرة للسياسي ،و لذلك تكون نتائج تلك القرارات غير مجدية،بل قد تكون وبالا على المجتمع،و لذا نجد الدولة الحديثة و المتقدمة تولي اهمية كبيرة للعلم و العلماء ، و حتى في عهد الدولة الاسلامية الاولى كانت الكلمة الفاصلة للعلماء و لاهل الحل و العقد.

  • لزهر

    المعاهد و الجامعات مليئة بالعلماء و المثقفين.
    لكن كيف نصل به إلى السلطة و الحكم و تجسيد أفكاره على أرض الواقع.
    الصراعات من قبل التيارات التي لا تفقه شيئ في السياسة ما فتئت تعرقل و تقف حاجزاً منيع
    وهي المهيمنة على صعيد الحكم
    حتى أصبحت تشبه حرب عصابات
    ووقف العالم و المفكر والمثقف
    متفرجاً على ما يجري
    الفراغات القانونية يعرفها جيداً الأنتهازين و قد حالت دون وصول هؤلاء إلى الحكم بل يريدون دائماً إبعادهم بكل الطرق.
    بالرغم من أننا بحاجة ماسة إلى أفكارهم في هذه الظروف الصعبة إلا أنهم لا يهمهم شيء سوي مصالحهم على حساب المواطن البسيط ظاربيت عرض الحائط.
    سد الفراغات القانونية.

  • محمد☪Mohamed

    دليل Twitter تاع تبون لطبيبة و البارحة لطبيب في خدمة البحث العلمي الأمريكي ,وأكيد ليصل لنا شيء.
    والجهل الجديد باغين دسترة هجرة الأدمغة , لكن قبل دسترة هجرة الأدمغة ,توفر له هنا مخابر عالمية وإمكانيات , لأنه لم نبعت un joli bouquet de fleurs الزهور لم تفتح بعد ... لما تصل عندهم يسقوها بماء الورد ويهثم بها لكي ترجع بمعنى العبارة un joli bouquet de fleurs .
    والجزائر (دسترة هجرة الأدمغة) معنتها تموت هنا ولا نتركك تذهب تبدع في خارج , مقبرة المواهب.

  • محمد☪Mohamed

    أين العلم من السياسة اليوم؟
    يَعتَبر السياسي باستمرار رأي العلم والعلماء رأيا استشاريا هذا المنطق لكن في الجزائر لماذا نقول دولة مكي , لأننا عايشين في عالم خرافي , يخوفنا بأياذي خارجية و جهات ,وينمو الفكرة إستعمار الغاشم رغم إستقلالنا مند 60 سنة , وأسباب تدهورنا لغة فرنسية وأولاد فرنسا شكون هما أولاد فرنسا
    دول وشعبها يعيشون جهل وظلام كبير....
    حكومات تفهم أو يفهمهم عندك مصالح أهثم بهم لذلك الجزائر كي شغل أنت كأستاذ جامعي علموكم
    comment planter un rosier لما تظهر هذه الزهور نصنع un joli bouquet de fleurs
    ونقدمه للدول عظمة ونبقى نفتخر بهم في خارج..
    دليل ....

  • الدكتور محمد مراح

    لله درك دكتور سليم،ودر استاذكم الدكتور وليد عبد الحي.حفظكما الله جميعا.