أي مصداقية يحملها توثيق شروط الزواج في الجزائر؟

يلجأ الكثير من المقبلين على الزواج تقليديا كان أو نتيجة تعارف، إلى تدوين شروطهم قانونيا لدى موثق أو محضر قضائي، وعلى أساسها يتم عقد القران، بحيث يكون على الطرفين الالتزام المطلق بكل تلك الشروط، تفاديا لفض الرباط المتين والتعرض لغرامات وعقوبات قانونية.
بالرغم من عدد المناهضين لفكرة توثيق شروط الزواج، باعتبار هذا الأخير خطوة اختيارية غير إجبارية، يجب أن يبنى على التفاهم والثقة منذ البداية، إلا أن آلاف حالات الطلاق سنويا بالإضافة إلى الانتهاكات البشعة التي يتعرض لها الأزواج، جعلت كثيرين يختارون حماية أنفسهم قانونيا في إطار الزواج، وإن كانت تلك المواثيق حبرا على ورق لدى حالات عديدة، لا يتم الالتزام بها إطلاقا.
تزوجت منال، 29 سنة، بزميلها في العمل، ولأنها تعرف طباعه الحادة، حدثته عن بعض شروطها، منها استمرارها في شغل وظيفتها واستقلاليتها في السكن، لم يرفض، ولم يبد رفضه أيضا، تقول: “مرت الخطبة، وقبل أيام من عقد القران، ألححت عليه أن نوثقها قانونيا، وكان ذلك.. بعد عودتها من شهر العسل، وجدت منال نفسها تعيش في غرفة صغيرة في بيت أهله، تضيف: “أخبرني أنها أيام وننتقل إلى منزلنا الجديد.. مر عام، وبسبب ضغوطات أهله ومحيطه المغلق، وكذلك بعد المسافة، تركت وظيفتي أيضا، ولم يعد يهمني ما أظهر به في الخارج.. لم يعد لتلك الوثيقة أي أهمية”.
السيد عبد القادر، أستاذ جامعي، رجل مثقف يفهم جيدا في العلاقات، قام بتزويج ابنته من ابن صديق له مغترب في كندا، وقد أملى عليه أولا جملة من الشروط واتفقا على توثيقها حتى يتم الزواج المدني، وتنتظر الفتاة تسوية وضعية هجرتها للحاق بزوجها، يقول: “بدأت ألاحظ أنه لا أحد من الزوجين ملتزم بتلك الشروط، حتى في الفترة التي سبقت اجتماعهما في بيت واحد، لكنهما مستمران معا، فقد تعلقا ببعض ولم تشتك منه ابنتي، رغم أنه انتهك معها الكثير من الشروط”.
وثيقة الشروط مهمة عند الطلاق
الأستاذة فاهم وردية، موثقة، تؤكد للشروق العربي ارتفاع عدد المقبلين على الزواج، الذين أصبحوا يختارون توثيق شروطهم قبل العقد، كما تؤكد: “عدد قليل فقط من تفيده تلك الوثيقة، وغالبا يستفيدون منها لتسهيل إجراءات الطلاق، مع أنني سيدة قانون، وأشجع على أن تتم أي معاملة في حدوده لضمان حقوق جميع الأطراف، في حال خلاف أو نزاع، إلا أن الزواج هو العلاقة الوحيدة التي تتطلب أن يكون الطرفان على وفاق تام حول الشروط قبل الإقبال عليه، حيث لا تهم المواثيق كثيرا لتكوين الثقة أو التفاهم، إلا في حال استخدمت لتظليم طرف على الآخر، حين لا يبقى هناك سبيل لاستمرار الزواج.
زوجات يوثقن شروطهن وينقضنها
غالبا، النساء هن أكثر من يطلب توثيق شروطهن قبل الزواج، ظنا منهن أن هذه الوثيقة قد تعمل كغطاء أمان لحقوقهن الزوجية، ولا يعلمن أن الرجل الذي ينوي الضرر قد لا تردعه وثائق ولا قوانين، ثم إن القضايا المعروضة في المحاكم الجزائرية تكشف أن النساء أنفسهن، اللواتي يطالبن بالتوثيق، هن أكثر من يتجاوز ويسمح من حقه.. مفارقة غريبة لكنها ترسم واقعا يقر به القانونيون ويحتارون منه. لولا معرفتهم بطبيعة المجتمع الجزائري وبخصوص المرأة، التي تفضل أن تترك عددا من حقوقها على أن تحصل على الطلاق، سواء الروحي أم المدني، بضغط من يد القانون. في الحالات النادرة التي يتم فيها الانتفاع بتوثيق شروط الزواج، عندما تكون هذه الأخيرة شروطا مادية، كالحصول على المنزل في حال الطلاق أو الزواج من ثانية.. مع هذا، يستمر رجالات القانون في تشجيع الأزواج على توثيق شروطهم، فحتى وإن لم تكن تلك الوثيقة معمولا بها، فقد تعمل كحماية معنوية لأصحابها، حصنا يضع حدودا لأي طرف ينوي الإضرار بشريكه.