-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
دعا إلى جعله نشاطا حرفيا مُعترفا به

إبراهيم.. يُحول الكرتون المُهمل إلى تحف ومجسّمات فنية

نادية سليماني
  • 2174
  • 0
إبراهيم.. يُحول الكرتون المُهمل إلى تحف ومجسّمات فنية
الشروق

للوهلة الأولى، تحسب أن ما تشاهده من أشكال ومجسمات فنية، مصنوع من الخشب أو أي مادّة صلبة أخرى، وبمجرد لمسك له تتفاجأ بأنه من الكرتون.. إنه فنّ رسكلة الكرتون وإعادة تشكيله إلى تحف فنية جميلة، الذي اختاره إبراهيم بلقوريشي كنشاط يمارسه منذ 10 سنوات، بعدما اكتشف موهبته بالصّدفة، والجميل في هذه الهواية، أنها تحافظ على البيئة من خلال إعادة رسكلة الكرتون الذي يملأ القمامات، وهو مصدر رزق لكثير من الشباب البطّال.
في أثناء تجولنا بصالون السياحة الشبانية بقاعة حرشة الجزائر العاصمة الأسبوع الماضي، لفت انتباهنا جناح يضم أشكالا فنية ومجسمات متنوعة، مثل مسجد صغير، منارة، كاميرا قديمة، سيارات صغيرة.. للوهلة الأولى، تحسبها مصنوعة من مادة الخشب، بسبب إتقانها ولونها البني، وبمجرد لمسها تكتشف أنها من الكرتون. وهذا الجناح شدّ انتباه كثير من زائري الصالون، المنبهرين بجمال التحف الفنية ودرجة إتقانها، وكأنها حقيقية.
صاحب هذه الهواية أو الفن، يدعى إبراهيم قوريشي، 60 سنة، من مدينة مليانة، بولاية عين الدفلى، يشغل منصب مستشار رئيسي في قطاع الشباب والرياضة، انطلاقته في هذا الفن، بحسب تصريحه لـ “الشروق” بدأت من دار الشباب محمد بوراس في مليانة، أين كان يشتغل ملقنا للموسيقى الأندلسية للأطفال.. ويقول: “في 2015، شاهدتُ فيديوهات عبر اليوتيوب، تظهر فنانين من أوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، يصنعون تحفا فنية بمادة الكرطون، فقررتُ تجربتها..”
وأول ما صنعه إبراهيم كان طائرة صغيرة من الطراز القديم، ومنها اكتشف قدراته في هذا الفن، وقرر المضي فيه، بحيث شرع في تعليم الأطفال المنخرطين في ورشة الأشغال اليدوية بدار الشباب، محمد بوراس فن رسكلة الكارتون، الذي أحبّوه وأنجزوا العديد من المجسمات الكرتونية. وكانوا يستعملون الكرتون الذي يرميه أصحاب المحلات والسوبيرات.

شجّعته الوكالة الوطنية للنفايات…
ولأن إبراهيم كان ينشر ما ينجزه عبر صفحته بـ”فيسبوك”، شدّت هوايته انتباه الوكالة الوطنية للنفايات المتواجد مقرها برويسو بالجزائر العاصمة، وقررت تشجيعه عبر إعداد روبورتاج مصور عنه، ونشره عبر صفحتها الإلكترونية الرسمية، ومن هنا انطلقت مسيرته في المشاركة بمختلف المعارض عبر الوطن.
يقول إبراهيم: “أول معرض شاركت فيه بدعوة من الوكالة الوطنية للنفايات التي منحتني جناحا مجانيا، هو الصالون الدولي للرسكلة بالجزائر العاصمة.. بداية شعرت بالإحراج من هوايتي بسبب تواجد مؤسسات كبيرة ودولية في الرسكلة بالصالون، لأتفاجأ بإقبال الزوار الكبير على جناحي، وهو ما زادني ثقة في النفس”.
وشارك لاحقا في ورشات تكوينية، لصالح تلاميذ مدرسة خاصة مهتمة بالفنون متواجدة ببلدية الشراقة بالجزائر العاصمة، كما قدم دورات تكوينية لفائدة إطارات قطاع الشباب والرياضة، بدعوة من مديريتي الشباب والرياضة والترفيه لولايتي الجزائر وقسنطينة.
وقدّم إبراهيم قوريشي، تكوينا لصالح النساء الماكثات في البيت بمنطقة الخروب قسنطينة، في إطار مشروع جمعوي للحفاظ على البيئة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
ويعتبر مُحدثنا أن إعادة تدوير الكرتون هو نشاط مفيد للبيئة، لأنه يخلصنا من الكرتون المرمي في كل مكان، زيادة على تحويله إلى تحف فنية جميلة، كما يمكن للشباب الاستفادة من هذه الهواية ماديا، عن طريق بيع ما يصنعونه من تحف. علاوة عن استغلال أوقات فراغهم التي باتوا يضيّعونها على تصفّح الهواتف الذكية، لممارسة نشاط مفيد. أيضا يمكن للأطفال ممارسي هذا النشاط أن يتحولوا إلى مهندسين معماريين أو مصممي ديكورات سينمائية ومسرحية مستقبلا.
وأضاف: “يمكن لشركات إنتاج الأفلام الاستعانة بمادة الكرتون لإنجاز الديكورات، لأنها مادة غير مكلفة وسهلة النقل”.
وما يتمناه إبراهيم، هو تحويل هذا النشاط إلى حرفة معترف بها من طرف وزارة التكوين المهني، وقال: “سبق لمدير مركز تكوين مهني بمدينة مليانة، أن اقترح على مستوى الوزارة الوصية، تحويل هذا النشاط إلى حرفة.. ولم نتلق ردّا”.
كما يدعو إلى تشجيعه عن طريق تمكينه من مقرّ أو محل وسط مدينة مليانة، لتشكيل وعرض منتجاته، “خاصة وأن مليانة مدينة سياحية وتراثية بامتياز، ويقصدها السياح من كل مكان”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!