-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إبريق و6 فناجين قهوة لـ “نمّور” وتخليد اللّحظة بِصورة “سيلفي”!

علي بهلولي
  • 12838
  • 0
إبريق و6 فناجين قهوة لـ “نمّور” وتخليد اللّحظة بِصورة “سيلفي”!

نعتقد أن الأبطال الأولمبيين الجزائريين كيليا نمّور وإيمان خليف وجمال سجاتي نالوا حقّهم من التكريم، سواء لدى السلطات العليا للبلاد أو الجمهور الرياضي.

والتكريم الرّياضي تقليد معمول به لدى كل دول العالم، وربّما يتذكّر البعض كيف صعد الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فوق الطاولة في المنصة الشرفية لِملعب موسكو، وراح يقوم بِحركات جمباز سخيفة، وتهريج صبياني، بعد تتويج منتخب بلاده لِكرة القدم بِكأس العالم في جويلية 2018، ولو فعلها مسؤول سياسي آخر محسوب على البلدان النّامية لاسْتُهجن تصرّفه!

ويُفترض أن يتمتّع الثلاثي نمّور وخليف وسجاتي الآن بِتذوّق حلاوة التتويجات العالمية بعد سنوات من التضحيات، والحملات الغربية الكلبية المسعورة والحاقدة. وسط عائلاتهم، بعيدا عن ضغوط المنافسات، وحرّ الميادين، وصخب المدرّجات، وأيضا إزعاج “القراعجية”!

نقول هذا الكلام، حتّى لا ينطّ بعضهم على طريقة “الكنغر سكيبي”، ويُعيد على الجمهور الجزائري مشاهد بئيسة من صور لِتَكريمات ممجوجة. ما معنى أن تقطع مئات الكيلومترات وتأتي إلى العاصمة لِمنح إبريق و6 فناجين قهوة لِنمّور، ثم تلتقط معها صورة لِتخليد اللّحظة؟ ولماذا ما زال بعض المنتخبين المحلّيين يتنكّرون للسياسات التنموية، ويلتصقون التصاقا بِمُمارسات بالية تجاوزها الزمن؟ وهل ما زلنا في 2024 نصنّف جهاز تلفزيون “بلازما” وهاتفا محمولا في خانة الرّفاهية والرّقي الاجتماعي، بِمنطق هذه الفئة؟

يختفي مَن يحمل جينات هذا النّوع من السلوكات وراء الكرم وصنع المعروف. أوّلا.. الكرم إذا كان انتقائيا أو مهذّبا بِعبارة “بِدعوة كريمة”، فَقَدَ معناه وصار حليبا منزوع الدّسم، بِالمُناسبة، حاتم الطّائي لا ينتقي ضيوفه! وثانيا، الكرم إذا لطّخه وَحْلُ حبّ الظهور تحوّل إلى رياء المُرادف للشرك الأصغر. وثالثا، يوجد مَن يستحقّون هذا “الخير”. خذ مثلا، لِمَن يُخطّط في الأيّام القليلة المقبلة لِتكريم جمال سجاتي (أو نمّور أو خليف) بِصورة لِطفل صغير بِطربوش عثماني يتضرّع للمولى (سبحانه وتعالى) مُسيّجة بِإطار خشبي! يُمكنك أن تصنع المعروف بِطريقة أفضل وأحسن: تكفّل بِنقل أطفال الولايات الصحراوية والداخلية من أبناء الفقراء للاستجمام في المناطق الساحلية للوطن وفصل الصيف يلفظ أنفاسه الأخيرة، على أن تكون القائمة غير مغشوشة وغير محشوة بِالدخلاء والغرباء والانتهازيين… تفقّد العائلات المعوزّة وامسح عنها عناء التفكير في التحضير للدخول المدرسي الذي اقترب موعده (محفظة ومئزر وكراريس و..)، هذا الشبح وللأسف حتى بعض المعلّمين يقفزون فوقه ويتناسونه. قدّم يد العون لِرجال الحماية المدنية في إخماد النّيران. خفّف عن عمّال النظافة مشاق التقاط النّفايات وكنسها. هناك أوجه شتّى لِصُنع المعروف وفعل الخير، فقط تحبّون أن يكون في الفنادق والمنتجعات والقاعات المكيّفة، وتحت أضواء عدسات كاميرا التلفزيون، وبِأسلوب “زاد ماء سعيدة للبحر”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!