-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إسقاط الانتخابات يمدد للباءات

حبيب راشدين
  • 1201
  • 0
إسقاط الانتخابات يمدد للباءات

مرة أخرى، تفاجئنا النخبة السياسية بقصور فظيع في قراءة المشهد السياسي، بل وحتى في قراءة للدستور الذي ما زالت البلد تحتكم إليهن وتسير الدولة بمؤسساته التي لم تسقط، لا باستقالة الرئيس، ولا بمعارضة فاشلة للمرحلة الانتقالية الدستورية، كما هي موضحة في المواد 102 و103 و104 فجاءت معارضة ثمانية أحزاب للفتوى الصادرة عن المجلس الدستوري باقتراح تمديد للفترة الانتقالية الدستورية مشفوعة بمنطق سياسي صرف ليس له وجاهة.

فمنذ أكثر من شهر، ومع تصاعد المعارضة لموعد 4 جولية، كنت قد لفت الانتباه إلى أن امتناع تنظيم الانتخابات في موعدها لن يمنع لسلطة من التفكير في تمديد الفترة الانتقالية الدستورية، استنادا إلى الفقرة السادسة من المادة 102 وآخر فقرة من المادة 103 التي تلزم رئيس الدولة بـ “تسليم عهدة رئاسة الدولة لرئيس جمهورية منتخب” وقد أضاف إليها المجلس الدستوري سندا آخر من ديباجة لدستور تنصص على ” ان الدستور فوق الجميع… ويضفي المشروعية على ممارسة السلطات، ويكرس مبدأ التداول الديمقراطي عن طريق انتخابات حرة ونزيهة”

فالفتوى جاءت كما كان مستشرف لها، وهو ما يفسر غياب القلق لدى السلطة من حملات الطعن في موعد الانتخابات، وقد راهن كثيرون على فشل تنظيم الانتخابات في موعدها كشهادة على فشل المسار الدستوري، وقيام فرصة سانحة للدخول في مسار انتقالي خارج الدستور، التقت عنده أغلب تشكيلات المعارضة، وجانب من القوى الناشطة على هامش الحراك الشعبي، ولم تتوقف كثيرا عند إصرار مؤسسة الجيش على الانتخابات دون التمسك بموعد 4 جويلية.

الآن وقد تكشفت للعيان الخطة البديلة، لم يبق أمام دعاة الانتقال خارج الدستور سوى الاستسلام للأمر الواقع، والدخول بجدية في حوار يساعد على توفير أفضل الشروط لتنظيم الرئاسيات، القادمة ومنها إعادة تأسيس الهيأة المستقلة لإدارة الانتخابات، مع البحث في فرص تغيير حكومة بدوي بتشجيعها عل الاستقالة كحل وسط، يسقط أحد الباءات ويبقي على الثانية، أو الرهان على تصعيد عبر الشارع يطيل من عمر الأزمة، ما لم تصدر عن المعارضة مبادرة تستجيب للمطلب الرئيس لمؤسسة الجيش بالحفاظ على مؤسسات الدولة حتى الانتهاء من ملء موقع السلطة الأول في البلد.

بكل أمانة وموضوعية، ليس ثمة ما يلزم مؤسسة الجيش بمسايرة دعاة الانتقال خارج الدستور بنفس القدر الذي لا تملك فيه تفويضا دستوريا يحولها إلى معول لهدم الدستور وتفكيك مؤسساته، لأن هذا ما تعنيه المرحلة الانتقالية خارج الدستور، التي تضمر فوق ذلك اعتداء موصوفا على السلطة التأسيسية للشعب، تسفه أحلام الملايين من الذين استفتوا عليه مرتين ، وهم وحدهم من يملك سلطة إسقاطه عبر الصندوق.

وفي مكان ما تكون هذه المعارضة الرافضة لشخص بن صالح هي من ساهمت في تمديد ولايته لثلاثة أشهر أخرى، وقد كان بوسعها أن تستغل تجنيد الشارع لبناء الهيأة المستقلة لإدارة الانتخابات التي تسقط بالضرورة سلطة الحكومة وتحيلها إلى مجرد مؤسسة لإدارة الأعمال ينتهي عمرها مع انتخاب رئيس جمهورية جديد هو من يكون مؤهلا لفتح حوار واسع مع جميع الفاعلين لتدبر ما يحتاجه البلاد من إصلاحات بما في ذلك مراجعة الدستور عبر هيأة تأسيسية منتخبة تمنح الوقت الكافي لصياغة دستور الجمهورية الجديدة.

وحتى لا نخدع مجددا بأساطير “المرحلة الانتقالية الديمقراطية” الآمنة، يفترض من المعارضة وممن نصب نفسه وصيا على الحراك الشعبي أن يتدبر ” المقدمة الدموية” للمرحلة الانتقالية التي سيق إليها السودانيون كما تساق الخراف إلى المذبح، مع أول صدام دموي بين قيادة الحراك السوداني والمؤسسة العسكرية ذهب ضحيته 13 مواطنا ويبشر بفتنة مفتوحة على تدخل أجنبي وشيك أو على اقتتال يغذي عن بعد على خطى المسارين السوري والليبي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!