-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إطلاق برنامج وطني لمجتمع الأفكار..

إطلاق برنامج وطني لمجتمع الأفكار..
أرشيف

هناك استراتيجية وطنية جديدة للتعامل مع الجمعيات، أو ما يُعرَف بالمجتمع المدني، وإن كنت أتحفظ على هذه التسمية نتيجة أصول نشأتها الغربية. لقد جاء مصطلح المجتمع المدني بمفهوم المجتمع السياسي عند اليونان، وفي مقابل المجتمع الديني بعد المسيحية، ثم بمعنى المجتمع اللائكي في العصور الحديثة. لن أدخل في هذا الجدل الاصطلاحي وإن كانت الإشارة إليه مُهمة حتى يتم وضع حد لبعض محاولات التلاعب بالعبارة وإعطائها الصبغة التي يريدون.

ما أريد التنبيه إليه، في هذا المجال هو عدم إغفال البعد الثقافي والفكري ضمن هذه الاستراتيجية، وذلك لعدد من الاعتبارات ألخصها فيما يلي:

1ـ  التنكر الواضح لكون المشكلة السياسية والاقتصادية في بلادنا هي بالأساس مشكلة وعي وقيم وثقافة.

2ـ فرض الطابع الفولكلوري والمهرجاني على العمل الثقافي، وتغييب العمل الفكري العميق  وتناسي الكلمة الهادفة.

3ـ تسييس الشعب بدل تثقيفه ورفع درجة الوعي لديه بمختلف الأطروحات الوطنية والعالمية وتمكينه من المقارنة بينها.

4. بقاء الجمعيات العلمية والفكرية والأدبية والثقافية في ذيل الترتيب وطنيا ومحليا بالنسبة للمسؤوليين، لأنها في تقديرهم لا تحشد الجماهير الواسعة من الشباب خاصة.

إني اعتبر أن هذا يعد خللا وقعنا فيه في الفترة السابقة وينبغي تصحيحه، أي ينبغي الاعتراف بأن التكوين العلمي والديني والأخلاقي والثقافي والفكري، هو أساس بناء الإنسان وأساس العمل السياسي والاقتصادي وليس العكس. وأن الفراغ الذي تُرِك في هذا المجال ميدانيا هو الذي أدى إلى ضحالة الطرح وإلى تَحوُّل الممارسة السياسية نحو الفساد والإفساد، وإلى ضبابية في الرؤية على المستوى البعيد لم تمكننا للأسف، من اختيار الطريق الصحيح الذي نريد رغم العدد الهائل من الجمعيات…

ومنه أقول، إنه ينبغي، التخلص من التفكير الآني، ومن أسلوب، البحث عن الحلول السهلة والسريعة. هناك المئات من الجمعيات العلمية والثقافية والدينية عبر التراب الوطني، بها نخب محلية ووطنية قادرة على مقاربة موضوع مشكلة الإنسان، والشباب، وموقع المجتمع من الأفكار المتضاربة على الصعيد العالمي، ومن التنمية وبناء المؤسسات وتعزيز الهوية، وكيفية التعامل مع التكنولوجيات الحديثة… ينبغي إعطاؤها الأهمية اللازمة.

لا شك أن الجمعيات ذات الطابع الخيري، والاجتماعي لها دور، إلا أنه ينبغي عدم تمييزها أو تغليبها على الأخرى التي ليس لعملها نتائج فورية… إن البحث عن النتائج الفورية والسريعة هو الذي أدى إلى بروز ظاهرة التفكك في البناء المجتمعي وإلى ضعف التماسك الاجتماعي المعهود عند الجزائريين.

وعليه، فإني أدعو إلى إطلاق برنامج وطني يتناول بالنقاش القضايا الفكرية والثقافية الراهنة والمستقبلية على ضوء ما تعرفه البلاد من مستجدات، وإني على يقين أن لدى شبابنا الكثير مما يقول وما يضيف… وسيرى السياسيون أنهم بحق مُتخلفون عن الركب، وأن عهد السياسة بلا علم ولا ثقافة ولا وعي قد ولَّى…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • محمد

    مقاومة الأفكار الهدامة أساس تدخلاتنا.هذا الذي نقاومه ولا فائدة لنا في الأشخاص مهما كانت وضعيتهم.

  • محمد

    طبيعيا يسلك الإنسان طريق النمو والرقي من تلقاء نفسه.لكن لما تتدخل عوامل الابتزاز وكل ما توفره السلطة السياسية لمن لا يملك ميزة علمية ولا تكنولوجية أو ثقافية تنحرف الأهواء لتعرقل أي إجراء من شأنه إبراز الكفاءات القادرة على إنقاذ البلاد من التخلف والتزمت.سبب هذه الوضعية المزرية هو انعدام الكفاءة العلمية الناتجة عن تعليم فاشل متخلف كان من واجبه زرع روح التنافس الموضوعي بين المواطنين.من المدرسة تنطلق أية خطة تنموية لتأسيس المجتمع على ركائز صحيحة مما يتطلب الاعتناء بتكوين المعلم والعناية به إذا أردنا بصدق إنقاذ شعبنا من التخلف والجهل واتباع السلوك الفاشل.عندما نقول المعلم نعني كل المنظومة التربوية.

  • ازواف

    اليوم اشعر انكم قفزتم قفزه عملاق في الوعي والخروج من النظره الاديولوجيه الضيقه عندما تتكلم عن النقاش الفكري للجزائريين وهدا ما نصبوا اليه مند زمان لان دالك سيزيح كل الغموض علي اختلافنا الدي هو نعمه في الحقيقه