-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إعلام أم غرفة اتهام؟

محمد بوالروايح
  • 1484
  • 4
إعلام أم غرفة اتهام؟

هناك من يستميتون في الدفاع عما يسمونه “الإعلام الاحترافي”، ولكن لا تسمع لهم ركزا حينما يواجههم معارضوهم بشهادات عن الانحراف الإعلامي الذي يعني ببساطة أن بعض الإعلاميين تخلوا عن مهمتهم الإعلامية في تنوير الرأي العام، وتحوّلوا إلى ما يشبه غرفة اتهام حيث يوجهون سيلا من الأسئلة إلى ضيوفهم في شكل مساءلة قانونية وكأنهم في قفص الاتهام، ويحاول بعض الإعلاميين أن يبرر هذا بكون هذه الأسئلة هي خلاصة ما يقوله المعارضون أو الممتعضون من نظام معين وأنها لا تمثل وجهة نظر الإعلامي بأي حال من الأحوال، وكما يقال “رب عذر أقبح من ذنب” ذلك أنه ليس من مهام الإعلامي ولا من الأخلاقيات الإعلامية أن يخرج الإعلامي عن النص ويحرج ضيفه بهذه الطريقة ولو بنقل أقوال الآخرين لأنه ليس مفوضا للحديث باسمهم من جهة، وليس هذا من اختصاصه في شيء من جهة أخرى لأن الجهة الوحيدة المخولة لتوجيه الاتهام هي غرفة الاتهام بناء على إجراءات مضبوطة يحددها القانون. قد يرد علي بعض الناس –وكل راد ومردود عليه- بأن ما أقوله عن سلوكات وتصرفات بعض الإعلاميين فيه مبالغة كبيرة، ولكنني لا أريد أن أدخل معهم في جدال وسجال حول ذلك، وأرى أن الطريقة المثلى للحسم هي الاحتكام إلى بعض التسجيلات الصوتية أو المرئية التي يظهر فيه بعض الإعلاميين في مظهر “المدعي العام” – وليتهم يقتدون به في هذا المجال- فيأتون في نهاية اللقاء وبعد سيل من الاتهامات ليعتذروا لضيوفهم كقول أحدهم: “أعتذر لك سيدي عما يمكن أن يكون زلة لسان أو شيئا من هذا القبيل فإنما رمت معرفة الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة”، أو لجوء أحدهم الآخر إلى لملمة الموقف بعبارات المجاملة بقوله: “نشكر للضيف الكريم رحابة صدره وتجاوبه معنا ونتمنى أن نحظى بلقائه في فرصة أخرى”. كل هذه الأعذار -في نظري- لا قيمة لها إعلاميا لأن من واجب الإعلامي التقيد ابتداء وانتهاء بميثاق الأخلاقيات الإعلامية ومن واجبه رأسا أن يعرف حدود وظيفته ولا يتعداها حتى لا يضطر بعد ذلك إلى جبرها بالأعذار الجاهزة التي ليست في نظري إلا تمثيلا كوميديا لا أقل من ذلك ولا أكثر. لا أريد أن ألجأ إلى التشخيص للتدليل على صحة ما أقول وأفضل في ذلك الاقتداء بالتوجيه النبوي: “ما بال أقوام”، ولذلك سأكتفي بذكر أقوال بعض الإعلاميين دون أسمائهم وأشخاصهم ليس ادعاء ولا افتراء ولكن بتطبيق مقولة: “من لسانك أدينك”.
هناك إعلامي بارز في قناة إعلامية بارزة لا يكتفي في برنامجه بأداء دوره الإعلامي لمناقشة قضية من القضايا الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية بل يتحوّل في أكثر من حلقة إلى طرف في الصراع وقد يخرج في بعض الأحيان أو بالأحرى في أكثر الأحيان عن صوابه ويحول “البلاطو” من ميدان للنقاش إلى ميدان لمصارعة الثيران ويدخل في هستيريا وكوميديا تسقطه من عل.
أذكر أن هذا الإعلامي البارز في القناة الإعلامية البارزة خرج عن العرف الإعلامي في لقاء تلفزيوني مع شخصية سياسية جزائرية نكن لها احتراما كبيرا لأنها رمز من رموز الجزائر المناضلة والمستقلة حيث طفق يكيل له بالنيابة عن آخرين!! كما زعم سيلا من الاتهامات باختلاس أموال عمومية وكأنه يؤدي دور غرفة الاتهام في مواجهة المتهم الماثل أمامها في قفص الاتهام، ولكن بقدر ما أغضبتني طريقة هذا الإعلامي الاستفزازية والاتهامية التي لا تمت إلى الأخلاقيات الإعلامية بصلة بقدر ما أثلج صدري الرد المتزن والمتوازن من هذه الشخصية السياسية الجزائرية رغم عظم التهم وفداحة التهجم، حيث اكتفى بالرد عليه بجملة واحدة شافية كافية بقوله: “أعتقد أننا إلى حد ما بالنسبة لدول أخرى دولة قانون، وأعتقد أنه لو كان في هذا شيء من الصحة لمثلت أمام العدالة أو لكنت وراء القضبان”.
ووقع إعلامي بارز آخر في المحظور الإعلامي حيث اتهم الجزائر أو تبنى الاتهام -كما يبرر دائما- بأنها طردت لاجئين سوريين بناء على تقارير مغلوطة أو مواقف كيدية، ثم تبين له بعد ذلك عدم صحة ما نقل فكتب اعتذارا عبر تغريدة يقول فيها: “أزمة اللاجئين السوريين على الحدود بين الجزائر والمغرب يجب ألا تكون مفتاحا لبعض السوريين لكي يهاجم الجزائر ويكيل لها الشتائم، فعلى الرغم من أن النظام هناك يدعم بشار الكيماوي علنا، إعلاميا ونفطيا وعسكريا، إلا أن الحكومة الجزائرية والشعب الجزائري تحديدا كما هو معروف دائما في غاية الكرم وحسن الضيافة مع اللاجئين السوريين. وقد كانت الجزائر مشكورة من بين دول قليلة رحبت باللاجئين السوريين ووفرت لهم سبل الحياة الكريمة بعيدا عن المخيمات. وحتى موضوع اللاجئين السوريين على الحدود كان فيه الكثير من الأخذ والرد، وليس صحيحا بالمطلق أن السلطات الجزائرية قامت بطرد لاجئين سوريين من أراضيها كما نقلنا أمس عن أحد المواقع السورية، بل يبدو أن الأمر برمته يتعلق بالخلافات بين المغرب والجزائر، فوقع اللاجئون العالقون ضحية خلاف سياسي لا ناقة لهم فيه ولا جمل. لهذا يجب ألا ننسى ما قدمه الإخوة في الجزائر للاجئين السوريين بسبب ما حدث لخمس وخمسين لاجئا على الحدود بين الجزائر والمغرب. ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله”. رغم هذا الاعتذار من هذا الإعلامي البارز !! تكفيرا عن تصريحات كاذبة ونارية حول تعامل الجزائر مع ملف اللاجئين السوريين إلا أن هذا الاعتذار جاء مشوبا ببعض الأوهام والاتهامات المبطنة بعودة هذا الإعلامي إلى تبني فرضية طرد اللاجئين السوريين المزعومة بأنها نتيجة خلاف سياسي بين الجزائر والمغرب. كان على هذا الإعلامي البارز !! ألا يفسد اعتذاره بمهاترات من هذا القبيل يمجها العرف الإعلامي وأن يتفرغ لأداء دوره الإعلامي بنزاهة وموضوعية وأن يقر للدول -كما ينص على ذلك القانون الدولي- بسيادتها المطلقة في إدارة شؤونها السياسية.
ليس قصدي من هذا الموضوع بتاتا الإساءة إلى الإعلام والإعلاميين بأي شكل من الأشكال، وإنما قصدي أن يظل الإعلام إعلاما تنويريا لا إعلاما استفزازيا ثأريا، وأن يروم الإعلامي تقصي الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة ويمحص الأخبار ويفحصها قبل أن يذيعها فيتلقفها الناس على علاتها.
صحيح أن جميع المواثيق الدولية المنظمة للمهنة الإعلامية تنص على حرية الإعلام، ولكن لا يجب أن يعتقد الإعلاميون أو يغلب على اعتقادهم أنها الحرية المطلقة، فالحرية المطلقة مفسدة مطلقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • م.ب ( يتبع)

    وبعد يومين؛ أو ثلاثة . نفس الاعلامي؛ وعلى نفس القناة.أجرى حوارا مع..لم يسأله عن شئ.. ولكن بعد يوم أويومين..نفس العمود طرح اشكالا يفيد الجزم!!؛ وذكر محاوره بالاسم الصريح..لما اطلعت على الموضوع..
    تسألت في قراة نفسي.أين هي المهنية الاعلامية؟! وأين هو التقيد بأخلاقيات المهنة الاعلامية..ودونت تعليقا اسفل المقال..ومما قلته في تعليقي: شبهت بعض الاعلاميين بالتميذ الكسول.يجلس في مؤخرة الصف؛وينتظر الكللمة الاخيرة ليحدث ضجة ؛ التمايز..والتظاهر.لانه خالف..فهو يصطاد الفرص..
    وقلت لو أنا .مكان السيد: المقصود ..لحرت دعوى قضائية ضد.( ليس ضد مجهول).
    وها انت يا أستاذ . تؤكدما هو موجود في تعليقي.والفاهم .

  • م. براهيمي- وهران الجزائر,

    واللبيب بالاشارة يفهم.ياأستاذ؛ ومنذ أيام؛ وخلال أسبوع واحد. لم أخرج من المنزل لاسباب ذكرمنها الاستاذ
    الزاوي واحدة..ولكن لاأوافقه في جلد الذات؛ التاريخ بطريقة استعراضية خارجة عن المألوف. أعود للموضوع؛ وأقول في هذه المدة..ألجأ الى قناة هي عزيزة علي.. للكم من البرامج الممتازة؛ ولخيرة أعلامييها ؛وتابعت حورات؛ ومناقشات؛؛ واستجوابات؛ وحصة عمو يزيد.. ا أشكره؛ وأتمنى منه المزيد.. لكن لفت أنتباهي أحد الاعلاميين؛ وصار ت المشاهدة اليه؛ والسماع لحوراته مقزز لدي.
    فعلقت أسفل عمودة بالتالي:.شبهت بعض الاعلاميين بفلاح في حقله من البطاطا.. وهو يجمع الغلة
    ويضعها في صندوق مثقوب من الاسفل؛: والفاهم.يفهم..

  • صالح بوقدير

    قل باختصار شديد :نريد إعلاما يمارس الاعلام وليس الدعاية على وحب الظهورحساب الحقيقة والكرامة.

  • عبد النور

    الدول التي صنعها الإستعمار لاتحب الدول التي تحررت من الإستعمار بتضحياتها وأستقلت ، تريد الجميع أن يكون عبدا مثلها ، يأتمر بأوامر من يحتل أرضه في تلك القواعد بحجة (الحماية) ..يستخدمون الإعلام كسلاح. دولة عدد سكانها لايجاوز مليونين ونصف ، ومساحتها لاتجاوز 11 ألف وخمسمئة وواحد وسبعون كلم مربع...ولها مداخيل ضخمة من بيع الغاز والنفط ..من الطبيعي أن يكون لها أموال فائضة لاحصر لها ، تستعملها في صنع قنوات "إحترافية" وتضعها في خدمة العولمة الصهيونية وأدواتها . هي لاتحتاج الكثير من المستشفيات ولاطرق طويلة ولاسكك حديدية تخترق الجبال والاودية ، لاتحتاج مطارات كثيرة ولاموانئ عديدة ولا 48 ولاية شاسعة.