إقرار صهيوني بالفشل والإخفاق في أطول حروب الاحتلال

في تطور ملحوظ على صعيد الخطاب العسكري والإعلامي داخل دولة الاحتلال تتوالى الاعترافات من قادة عسكريين وسياسيين صهاينة حاليين وسابقين، بفشل الحرب الصهيونية على غزة، وتحولها إلى عبء استراتيجي داخلي وخارجي، في مقابل إشادة ملحوظة بصلابة وصمود المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس.
فقد كشفت القناة 12 العبرية عن تصريحات مثيرة أدلى بها رئيس العمليات السابق في الجيش الإسرائيلي، أكد فيها أن “إسرائيل أصبحت عبئًا إقليميًا يهدد استقرار المنطقة، وأن صورة حماس في نجاحها بالصمود في المعركة تحظى بالتمجيد”، واصفًا التخبط العسكري في غزة بأنه “بلغ أقصى حدّ، من خلال عمليات بلا هدف ولا جدوى ميدانية”.
فخ نتنياهو و”الوهم الكبير”
قائد سابق في جيش الاحتلال صرّح أن “نتنياهو يضع الجيش في فخ داخل غزة، ويقود حربًا بلا أفق”، في حين اعتبر رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت في مقابلة مع مجلة نيويوركر أن “الصورة السائدة في إسرائيل هي أن هذه حرب شخصية، أو حرب غير مشروعة تدار لمصالح نتنياهو السياسية”، وهي ذات الفكرة التي شدد عليها وزير الحرب الأسبق موشيه يعلون، حين قال: “نحن نخوض أطول حرب في تاريخنا دون هدف واضح، باستثناء الشعار الوهمي (نصر كامل)، وهو ما يترجم إلى حرب سياسية أبدية”.
انهيار الثقة العسكرية: حماس تحطم أسطورة الدبابات
وفي تسجيلات صوتية نشرها موقع “حدشوت بزمان”، قال جنود من الميدان: “لو رأيتم ماذا فعلت حماس بمركباتنا المدرعة والدبابات، هذه الدبابات التي يقولون لكم عنها أنها الأفضل في العالم… ستصيبكم الصدمة”. وأضاف أحدهم: “حتى نصر الله كان يعرف أن دباباتنا لم تعد بتلك القوة، وقالها صراحة: نحن ننتظر ما تبقى منها”.
ومن داخل الكنيست، قالت النائبة نعما لازيمي: “أنهِوا هذه الحرب اللعينة. الحرب ليست هدفًا، ولا أسلوب حياة، وفي هذه المرحلة لا ضرورة لها ولا أمل فيها. حكومة نتنياهو هي حكومة إخفاق وسفك دماء”.
الجيش يتآكل: مشاكل تقنية ومعنوية
صحيفة معاريف نشرت شهادات لضباط يقاتلون في غزة، منها ما قاله قائد في اللواء السابع: “أخطأنا في الطريقة التي بنينا بها قواتنا، وبتقدير مدة هذه العملية”، مضيفًا أن “الجنود يجبرون على استخدام أسلحة تعاني من أعطال متكررة ومشاكل تقنية”.
وذكر ضابط آخر أن “الجيش يعاني من جمود كامل، ويكرر منذ عامين نفس الخطوات في نفس المواقع دون نتائج ملموسة”.
كما لفت قادة ميدانيون إلى أن “كل آلية لها عمر افتراضي، وما نعيشه الآن هو استنزاف كامل للمعدات، ولم يكن أحد مستعدًا لحرب بهذا الطول”.
أزمة قيادة واستخبارات
في السياق ذاته، نقلت هيئة البث الرسمية عن ديفيد زيني، الرئيس المعين لجهاز الشاباك، اعترافًا صارخًا حين قال: “الفشل في 7 أكتوبر كان عميقًا وشاملًا، وكلنا لنا فيه نصيب”، في تأكيد على الفجوة الاستخباراتية والسياسية التي أفضت إلى هذا المستنقع الدموي.
منظمة “قادة من أجل إسرائيل”، بحسب تقرير للقناة 12، أكدت أن “الحرب في غزة لا تُخاض اليوم لأجل الأمن، بل خوفًا من الاعتراف بالفشل”. وهي خلاصة تعكس حجم التناقض بين الواقع العسكري وبين الرواية الرسمية التي تحاول حكومة الاحتلال تسويقها داخليًا وخارجيًا.
تأتي هذه الموجة من الاعترافات في وقت يعيش فيه قطاع غزة تحت نيران حرب إبادة متواصلة منذ نحو عامين، ومع ذلك لا تزال المقاومة الفلسطينية صامدة وتفرض معادلتها، في مقابل تخبط واضح داخل منظومة القرار الإسرائيلي، سواء على مستوى القيادة أو الجبهة الداخلية أو المؤسسة العسكرية.
وباتت الحرب، وفق ما يؤكده قادة الاحتلال أنفسهم، عبئًا سياسيًا وأمنيًا، يدفع الاحتلال إلى الهاوية خطوةً بعد أخرى.