إلام هذا الخذلان العربي لفلسطين؟
إنّ المتصفّح للتاريخ المعاصر، يجد أنّ منطقة الشرق الأوسط تحكّمت فيها، وفي شعوبها ومواردها، إمبراطوريتان استعماريتان (بريطانيا وفرنسا) ومن ورائهما أمريكا تؤيّد وتدعم. وفي إطار هذا التحكّم العام، أُقيمت دويلة الكيان. وحين دعا “ويندل ويلكي” (1892-1944م) المرشّح الجمهوري للانتخابات الأمريكية لعام 1940م بريطانيا إلى التخلّي عن الشّرق الأوسط مقابل مساعدتها في الحرب، تمّ ذلك في 13/01/1941م.
وبذلك، ورثت أمريكا المنطقة، وراحت ترسم سياساتها معتمدة على بغداد، بعد أن تمنّعت القاهرة، وحدّدت أهدافها بعد الحرب العالمية الثانية في خمس نقاط، هي:
– ضمان أمن ومستقبل الكيان؛
– إخراج الاتحاد السوفيتي من المنطقة، بدءا بإخراج سلاحه؛
– استفراد أمريكا بالمنطقة؛
– التّعامل مع كلّ بلد عربي على حدة؛
– استمرار تدفّق البترول العربي بأسعار مقبولة، مع بقاء فوائض أمواله في نطاق الأمان.
بالنسبة إلى الصهاينة، فقد أعادوا كتابة التاريخ اليهودي ليؤكّدوا جوانب العنف فيه، وأعطوا دلالة خاصّة لحادثة مَصْعَدَة و/أو “ماسادا” بالعبرية، أي “القلعة”، التي تقع على جبل يُطلّ على السّاحل الغربي للبحر الميّت، شرقي منطقة النقب الصحراوية. وهناك، فضّل المحاربون اليهود الانتحار على الاستسلام للرّومان. هذه الحادثة، لا تزال تسيطر على المخيال الشعبي “الإسرائيلي”.
هذا التصوّر الأسطوري لأرض فلسطين، لم يكن من الممكن تحويله إلى واقع دون اللّجوء إلى العنف ضدّ الفلسطينيّين في “أرض الميعاد”، كما أنّ إخلاء فلسطين من العرب فكرة أجمع عليها كلّ المفكّرين الصهاينة، سواء ليبراليّين أمثال “هرتزل”، أم إرهابيّين مثل “جابوتنسكي”. وقد سيطرت فكرة العنف منذ البداية على خيال الروّاد الأوائل الذين “اكتشفوا” فلسطين، كما “اكتشفت” راعيّتهم أمريكا العالم الجديد.
لقد انسجمت تركيبة التكوين العقلي والنفسي من استعلاء وغرور للصـهيوني مع الغربي الأبيض، الذي يرى في نفسه التفوّق على بقيّة أبناء البشر، ويشعر بأنّ من حقّه اغتصاب أرض ليقيم فيهـا، دون أيّ اعتبار لأصحابها، بل عليهم الرّضـوخ والطّاعـة.
لهذا، خامر الغرب الاستعماري وأقطاب الحركة الصهيونية، مشروع “وطن قومي لليهود في فلسطين”؛ حيث خطّطوا وأعدّوا العُدة لتهيئة المناخات المحليّة والإقليميّة والدولية لهذا المولود اللّقيط. وقد عبّر عن ذلك المجرم “م. دايان” بقوله: “… إنّ إسرائيل كالقلب المزروع في جسم غريب، وكي يبقى هذا القلب حيّا نابضا لأطول فترة من الزمن، يجب تهيئة المناخات المحيطة به، وتنظيف المنطقة من عناصر القوّة العربية المهدّدة لوجودها”.
بذلك، التقى مشروع غربي استعماري وصهيوني استيطاني لتوافـق مصـالحهما الاقتصـاديّة والسياسيّة ضدّ مشروع عربي، كان قد لاح في منتصف القرن 19 لتحقيق الاسـتقلال والوحـدة والرقـيّ الحضاري، ما أدّى إلـى تصـادم اتّخذ أشكالا مختلفة، عسـكريّة، اقتصـاديّة، ثقافيّةً، وهو الصّراع المستمرّ إلى اليوم. تلك هي الحقائق السّاطعة على أرض الواقع، أهداف أمريكيّة مُعلنة وصريحة في المنطقة، وجسم غريب فرض نفسه ووجوده، ويرى بأنّه لا أحد يملك حقّ الاعتراض على الثّوابت كما تتصوّرها العقيدة الصهيونية، وأنه ليس في مقدور أحد أن يغيّر في دعاوى “الوطن التاريخي”، أو في منطق التفوّق العسكري.
ومع ذلك، جاءت معركة تحرير فلسطين يومها، حاملة معها كلّ الأبعاد المتعلّقة بالعقيدة والهويّة والانتماء والتاريخ والحضارة والجغرافيا والمستقبل، وذلك ما نشأت وترعرعت عليه أجيال عربية، وتكرّس في ثقافاتها ووعيها خلال العقود الأولى للصّراع، باعتبار تلك الأبعاد كيانا وهوية وشهادة انتماء ووجود. ذلك، ما كان يُدركه الصهاينة، ومنهم “م. دايان” الذي قال: “… إنّنا قلب مزروع في هذه المنطقة، غير أنّ الأعضاء الأخرى (أي العرب) هناك ترفض قبول هذا القلب المزروع، ولذلك، لا خيار أمامنا سوى حقن هذا القلب بالمزيد والمزيد من الحُقن المنشّطة، من أجل التغلّب على هذا الرفض… إنّ الأمر بالنسبة إلينا حتمية حياتيّة”. وقال: “… إنّ إسرائيل كالقلب المزروع في جسم غريب، وكي يبقى هذا القلب حيّا نابضا لأطول فترة من الزمن، يجب تنظيف المنطقة من عناصر القوّة العربية المهدّدة لوجودها”. وقد كان من أولويّات الغرب ضرب أيّ مسعى لقيام وحدة عربيّة، بأيد عربيّة!!؟
بالفعل، كانت بريطانيا، عقب الحرب العالمية الأولى، قد أخضعت من نصّبتهم حكّاما في المنطقة، أو مَنْ اسْتكانَ لها، وتمّ التّفريط في أرض فلسطين. ولمّا استلمت أمريكا المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، انتهجت الأسلوب نفسه مع حكّام المنطقة، عن طريق المساومة والاحتواء والتّرويض وبالتّهديد في أحايين أخرى، واستطاعت جرّهم الواحد تلو الآخر إلى قبول الأمر الواقع.
كان من بين مَنْ تقبّل الأمر الواقع، الرئيس التونسي “بورقيبة” الذي قدّم مبادرة في خطابه في “أريحا” مارس 1965م، حين طالب القيادات العربية والفلسطينيّة بالابتعاد عن الحماس الذي لا يخدم القضيّة، ودعا إلى طريقة العمل المرحلي للوصول إلى الهدف النهائي، وطالب العرب بالقبول بالحلّ الوسط، وهو الاعتراف بقرار التقسيم لعام 1947م والاعتراف بقيام دولة “إسرائيل”، لأنّه يؤدّي إلى استرجاع بعض المدن والقرى التي احتلّتها خارج إطار قرار التقسيم، التي تشكّل 22 بالمائة من مساحة فلسطين. والأهمّ من ذلك، هو عودة اللاجئين.. إلخ. وكانت مبادرته، هي قيام دولة فلسطينية في أراضي القدس والضفّة الغربية وقطاع غزّة، وهي الأراضي التي يتوسّل حكّام اليوم للكيان الاستجابة لهم بها. وللإشارة، فقد اتُّهم “بورقيبة” يومها بالخيانة، من قِبَل الحكّام آنذاك، ومن الأحزاب القوميّة والحزب التقدّمي الاشتراكي، وحتّى القيادات الفلسطينية.
ثمّ، بدأ الانحدار في المواقف، بدءا بخلع الثوب العربي عن القضية في مؤتمر القمّة العربية المنعقد في الرباط عام 1974م، لتصبح قضيّة فلسطينيّة، فقط مسايرة العرب لما يريده ويقرّره الفلسطينيّون في الظاهر، والضّغوط عليهم في الخفاء من حكّام باعوا ضمائرهم واستسلموا لمشيئة أمريكا، وجرّ الفلسطينيّين إلى زريبة “أوسلو”.
هذا الاستسلام للإرادة الأمريكية– بل ورغبة منهم أيضا– نستشفّه من التصريحات العديدة للرئيس الأمريكي “ج. كارتر” منها قوله: “… الولايات المتحدة ترى بأنّها لن تساهم في الاستقرار في الشّرق الأوسط إذا كانت هناك فلسطين مستقلّة بين إسرائيل والأردن، نحن نفضّل الإدارة الإسرائيلية الأردنيّة المشتركة لمدّة خمس سنوات تقريبا، بعدها يكون للفلسطينيين خيار بعد ذلك بين الانتساب إلى إسرائيل أو الأردن”. وفي لقاء له مع رئيس البرازيل “إرنستو جيزل” (1974-1979) قال: “… إنّ القادة العرب يعترفون سرّا بأنّ رؤية فلسطين كدولة مستقلة ستكون نقطة محوريّة للتخريب مثلها مثل ليبيا أو العراق أو كوبا أو الاتحاد السوفيتي، وكمصدر مستمرّ للاستفزاز.” لأنّ “فتح” يومها كانت حركة يساريّة.
وفي أثناء لقائه مع رئيس فنزويلا “كارلوس أندريس بيريز ” (1974-1979م) في كاركاس بتاريخ 28/03/1978، قال: “… إنّ مصر والأردن وسوريا أعربوا عن قلقهم العميق حين وقّعنا اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي، والمشكلة هي أنّ السوفييت ما زالوا يطالبون بالانسحاب الإسرائيلي الكامل ودولة فلسطينيّة مستقلّة تحت إشراف منظّمة التحرير الفلسطينية، لكن الحكّام العرب في السرّ لا يريدون رؤية الفلسطينيين بدولة مستقلّة تماما من شأنها أن تفتح بلدانهم للخراب!.” ثمّ أضاف قائلا: “… إنّ العديد من القادة في المنطقة اتّخذوا موقفا مختلفا سرّا عمّا اتّخذوه علنًا، إنّهم يريدون السلام مع إسرائيل بشدّة إلى درجة أنّهم سيعدلون موقفهم وقبول حلّ السادات.”
نحو تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة
لقد مهّد فوز “م. بيغن”، في انتخابات 17/05/1977 الطريق لما يسمّى اتفاق السلام مع مصر، الذي بدأ باتّصالات مع مبعوثين من أنور السادات، ووزير خارجية الكيان، “م. ديان”، وتمّ ذلك سرّا في المغرب، بعد أن اتّبع “السادات” نهجا مغايرا في التعاطي مع الكيان؛ حيث زاره عام 1977، وأفضت مفاوضاته معه إلى اتفاقية “كامب ديفيد”، التي تضمّنت وقف الأعمال القتالية بين الطّرفين وإعادة فتح قناة السويس وعودة شبه جزيرة سيناء إلى مصر”. وقد كان لهذه الاتفاقية أهداف أبعد من مفهوم السلام عند أمريكا، من بينها:
– إخراج أكبر دولة عربية من الصّراع مع الكيان، ويُعدّ ذلك إنجازا تاريخيا للمشروع الصهيوني؛
– أنّ سيناء ليست جزءا مهمّا، مقارنة بالقدس والضفة الغربية وغزّة والجولان؛
– أنّ التوراة تعتبر الضفة والقطاع، من الأرض الموعودة لليهود كمـا يزعم الصهاينة، وأنّ سيناء في أساطيرهم، ليست جزءا ممـا يسـمّونه يهودا والسامرة.
إنّ المجرم “م. بيغن” قد قال: “… لن يكون سلام لشعب إسرائيل، ولا في أرض إسرائيل، ولن يكون هناك سلام للعرب أيضا، ما دمنا لم نحرّر وطننا بأكمله من النيل إلى الفرات حتى ولو وقّعنا معاهدة الصلح مع العرب”. أمّا “إ. رابين”، فإنّه لم يفكّر حتى في أحلامه، أن يتنازل عن الأراضـي العربيّة المحتلّة عام 1967م، ورأى في اتفاقيات التسويّة، شكلا من الاستسـلام العربـي، واعترافـا بـ”إسرائيل” بعد فشلهم في استعادتها بقوّة السلاح، وهي الحقيقة بالنظر إلى مواقف أولئك الحكّام.
وحين انعقد المؤتمر الاقتصادي الشّرق أوسطي في المغـرب بتاريخ 31/10/1994م سأل “إ. رابـين” ملك المغرب الحسـن الثاني قائلا: “… جلالة الملك، ألا ترى بأنّ مثل هذا المؤتمر يمكـن أن يـوفّر آليـة أفضل من مؤسّسة الجامعة العربية، ويلغي أسباب وجودها، خاصّة أنّ السـّلام الذي سوف يسود المنطقة، سينزع أهمّ أسباب وجودها، كمـا أنّ الوضـع الجديد لإسرائيل في المنطقة، سوف يفرض وجود مؤسّسة مختلفة تكـون فيهـا إسرائيل عضوا مشاركا، مثلها مثل أيّ دولة عربية في المنطقـة..”. وقد ردّ عليه الملك قائلاً: “… سبق أن اقترحت عندما كنت وليّا للعهد عام 1958م قبـول إسرائيل عضوا كاملا في الجامعة العربيّة، مثلها مثل أيّ دولة عربية أخرى، لكـن ذلك لم يتحقّق لظروف ذلك الزّمان والمناخ.” (مجلة روز اليوسف المصرية- عدد 3465، 07/11/1994، ص، 84)
من جهته، قال “ش. بيريز”: “… إنّ السلام سيكون أوّلا، وقبل كلّ شيء هندسة معماريّـة ضـخمة، هندسـة تاريخيّة لبناء شرق أوسطي جديد متحرّر من صراعات الماضي..”. والمقصود بذلك، تغيير هويّة المنطقـة العربيـة، لتضـمّ جغرافيتها الكيان الصهيوني وتركيا وقبرص وإيران وباكسـتان، على أن يكون هذا التجمّع تحت قيادة الكيان، لزعمه أنّه يملك العقل المبدع، الذي يُخرج المنطقة من التخلّف إلى الرقيّ والتقدّم. وقال “بيريز”: “… إنّ عبد الناصـر قادكم زمنا، والسعوديّين زمنا، فاتركونا نقودكم زمنا، لنثبت لكم أنّنـا قـادرون على إنهاء مشاكلكم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..” وهو ما عبّر عنه “الحسن الثاني” بقوله: “حان الوقت لتزاوج العبقريّة اليهوديّة بالمال العربي”.
نتيجة لذلك، نجح الكيان على المستوى العربي الرّسمي، في تحقيق الهدوء لمدّة 50 عاما، بلا حروب مع العرب، باستثناء المقاومة والانتفاضات الفلسطينيّة التي كانت وحيدة في فضاء الصّراع وحصد الكيان الأمن والمكاسب العسكرية والاقتصادية والتطبيعيّة، الشّيء الذي لم يخطر على بال مؤسّسي الكيان الأوائل. وفي ظلّ هذا المسار، تبخّرت لاءات العرب الثلاث الشهيرة من خلال:
– اعتراف مصر “السادات” بالكيان عام 1979م؛
-اعتراف “عرفات” في تاريخ 13/09/1993م، بـ “حقّ دولة إسرائيل في الوجود في سلام وأمن، وشَجَبَ استعمال الإرهاب وأعمال العنف الأخرى”. مقابل الاعتراف بمنظّمة التحرير. وتلا ذلك ما يُعرف باتّفاق المبادئ (اتفاقية أوسلو)، ثمّ اتّفاق القاهرة و/أو “اتفاق غزة/ أريحا” في 04/05/1994م، للبدء في تطبيق قرارات أوسلو، التي تضمّنت سحب جيش الاحتلال من الأراضي المحتلة عام 1967، بدءا بالانسحاب من قطاع غزة ومدينة أريحا، وبعدها، يُنظر في العديد من القضايا الأكثر تعقيدا، مثل قيام دولة فلسطينيّة ووضع القدس وسياسة الاستيطان وقضيّة اللّاجئين. ولم يتحقّق شيء من ذلك سوى قيام سلطة رام الله بدور وظيفيّ على غرار بعض دول الطوق، وهو الوقوف ضدّ أيّ مقاومة تمسّ بأمن الكيان، الموكل إليه هو الآخر رعاية مصالح الغرب الاستعماري.
– اعتراف الأردن بالكيان عام 1994م
– اعتراف الإمارات العربية، والبحرين، والسودان، والمغرب عام 2020م
مكافأة نتنياهو لهؤلاء المطبّعين
عند تولّي المجرم “نتنياهو” رئاسة الوزراء عام 1996 رفض– ولا يزال- رفضا مطلقا مبدأ “الأرض مقابل السلام”، الـذي انعقـد تحت شعاره مـؤتمر مدريد عام 1991م، وطرح مبدأ آخر، هو “الأمن مقابل السـلام” والتمسّك بالأراضي العربية المحتلة. وبعد أن كانت الضفة الغربية خالية تماما من المستوطنات عام 1967، أصبح عددها مع بداية عام 2023 نحو 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية، يقطنها 726427 مستوطن. وهناك مشروع بناء ما يقرب من 5300 منزل جديد.
لقد دعا إلى سلام سماه “سلام الرّدع” وأوضحه بقوله: “… ليس هناك أدقّ مـن هذا التعريف لنوعي السلام، فالسلام بين الدول الديمقراطية، هو انسـجام بـين شعوب وجماعات تعتمد على قيم ثقافيّة مشتركة، يكون أمن جميـع الأطـراف معتمدا على هذه الشراكة في القيم، في حين إنّ سلام الديكتاتوريات هو “سـلام الردع”، وهو الوضع الذي لا تكون فيه حرب، حتى لو لم يسنده أيّ انسجام ولا أمن، باستثناء الأمن الذي يعتمد على ردع المعتدي. وهذا هو السـلام الوحيـد الممكن تحقيقه حاليا بين إسرائيل والعرب، سلام مسلّح، وحذر، يوفّر لإسـرائيل درجة كافية من القوّة القادرة على ردع الجانب العربي عن التفكير في استئناف الحرب.” (خطة نتنياهو للسلام، هاآرتس 25/11/1997). وطوبى للمقاومة التي تحدّت غروره وجبروت حُماته من الغربيّين الذي تداعوا لنجدته، فإمكانيات متواضعة، وإيمان بالقضيّة، حطّمت أسطورة جيشه وأنهكته لمدّة 11 شهرا، رغم حصار بني جلدتها من الحكّام كمساهمة منهم في حماية الكيان.
مع ذلك، لا يبدو في المدى المنظور، أن يعتبر هؤلاء الحكّام من صفعة المجرم “نتنياهو” لهم ونظرته إليهم نظير خنوعهم، أو يعتبروا بدرس الطوفان ما داموا مسلوبي الإرادة. وقد كانت المقاومة، تدرك انعدام توازن القوّة كعامل خارجي، وهو المسيطر على الساحة، لكنّها رأت أنّ العودة إلى الميراث الحضاري، لأنّ فيه من الحقائق المعنويّة والتاريخيّة النفسيّة من القوّة والتأثير أحيانا، أكثر من المادّي/المرئي. أَوَليس الحلم الصهيوني هو محرّك كلّ طاقة ومصدر كلّ إلهام؟ لهذا يرى الغرب والكيان، بأنّ هذا الميراث الذي استندت عليه المقاومة، هو الخطر الفعلي الذي يواجهونه ويعملون بقوّة لمحوه من ذاكرة المجتمعات العربيّة.