إهانة للكبار
-
-
1212
-
0
التجربة النووية التي قامت بها كوريا الشمالية تعد أكبر إهانة وجهت إلى الدول الكبرى، التي تسعى منذ عقود لإقناع هذا البلد الشيوعي بالتراجع عن برنامجه النووي، وهو يصر على التصعيد في كل مرة ويرفض التهديدات، كما يرفض الإغراءات.
رشيد ولد بوسيافة
ولا معنى للعقوبات التي تهدد بها الدول الكبرى ضد كوريا الشمالية، لأن هذه الأخيرة ألفت العقوبات الاقتصادية وبرمجت شعبها على العزلة عن العالم، ومن سابع المستحيلات تنفيذ عمليات عسكرية ضدها، لأنها ستكون مستنقعا للغزاة ينسيهم ما حدث في الفيتنام وما يحدث في العراق هذه الأيام.
بيونغ يونغ فاجأت العالم بالتجربة النووية، رغم أنها أعلنت قبل أيام أنها تنوي القيام بتجربة في المستقبل، لكن لا أحد من الخبراء كان يعلم أن هذا المستقبل قريب جدا، حتى أن بعض الخبراء توقعوا أن ذلك لن يكون قبل عام، لكنها فعلتها أمام دهشة المجتمع الدولي الذي تواطأ على تدمير العراق واحتلاله بناء على تقارير مخابراتية مزيفة حول البرنامج النووي العراقي، ويتواطأ اليوم، على ممارسة ضغوط رهيبة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأنها تمضي قدما في برنامج سلمي لإنتاج الطاقة النووي تقول إنه لا يشكل خطرا على أحد.
مقاييس مختلة يتعامل بها مجلس الأمن ومن ورائه الدول الكبرى.. محادثات سلمية وإغراءات اقتصادية لإقناع كوريا الشمالية بالتراجع عن إنتاج القنبلة الذرية يقابلها تهديد ووعيد واستفزاز لإيران التي تسعى للحصول على الطاقة النووية التي باتت ضرورية لتحقيق التقدم.
وبعد التجربة النووية في كوريا الشمالية هل يحق للولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول أن تمارس مزيدا من الضغط أو إطلاق مزيد من التهديدات ضد إيران أو أي دولة أخرى، وهي التي عجزت عن صد بيونغ يونغ عن برنامجها النووي الجريء.
في الواقع، فإن النظام الدولي بشكله الحالي لم تعد له المصداقية ولا القدرة على مواجهة التحديات الطارئة، بسبب قدم هيكل الأمم المتحدة والذي صمم في النصف الأول من القرن الماضي ولم تدخل عليه أية عملية إصلاح إلى اليوم، رغم التغيرات الجذرية والتطورات المتسارعة على كل الأصعدة، وأول خطوة ليستعيد النظام الدولي هيبته هو إصلاح هذا الوضع حينها يمكن للهيئة أن تكون قراراتها نافذة وتهديداتها مؤثرة.
