-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
‎قصة أديبة جرفها الطوفان في الصحراء الجزائرية

إيزابيل إبرهارت.. الكتابة والمرأة والحب

فاروق كداش
  • 2592
  • 3
إيزابيل إبرهارت.. الكتابة والمرأة والحب
ح.م
إيزابيل إبرهارت

كاتبة عالمية ورحالة أسطورية، ارتبط اسمها بصحرائنا الكبرى… عاشت حياة قصيرة، لكنها كانت مليئة بالمغامرة والغموض… هي غزالة تسللت بين واحات النخيل، هاربة من سباع الغرب وضباع الشرق… قيل أنها جاسوسة وأنها ابنة شاعر فرنسي شهير، هي فقط ايزابيل إبرهارت ابنة الجزائر بالتبني وعاشقة الرمال السرمدية.

ولدت ازابيل ابرهارت  سنة 1877م في جنيف بسويسرا ،وتقول بعض المصادر أنها ابنة غير شرعية للشاعر الفرنسي أرثور رانبو، والمؤكد أنها الابنة المتبناة للاجئين روسيين من الطبقة الارستقراطية. كانت دائما تسعى للانتقام من اللعنات التي كانت تطاردها، ففي أحد أيام شهر ماي من سنة 1897 ركبت سفينة من مرسيليا مدفوعة بقوة لا تقاوم في اتجاه السواحل الجزائرية. كانت في سن العشرين، ومثل شخصياتها الأدبية “مريامة” و”امباركة” كانت مملوءة بتوق للتمرد، تركت بيتا خاويا على عروشه، هربت منه اختها الكبرى وانتحر فيه اخوها الأصغر. ولم تعرف والدتها بمكانها إلا بعد تلقيها رسالة قادمة من بلعباس ذكرت فيها أنها لحقت بالفيلق الفرنسي وبدأت تتعلم العربية وتعاليم الإسلام.. لحقتها أمها التي لم يتبق لها أحد سواها واستقرتا في عنابة، ويعتقد عدد من الباحثين أن إيزابيل اعتنقت وأمها الدين الإسلامي في عنابة، وهي المدينة نفسها التي توفيت فيها أم ايزابيل ودفنت بمقبرة المسلمين هناك، وسرعان ما عادت ازابيل اليتيمة أدراجها إلى جنيف لتسوية بعض الشؤون العائلية.

 غير إن الحنين إلى الجزائر كان جارفا فعادت محملة بالأماني. درست الاسلام واختارت الطريقة القادرية، وإرتدت زي الرجال وعاشت تحت اسم السي محمود، وتنقلت قبل زواجها مع فارس أسمته “جلول بن بختي” كان يوصلها للأماكن الخطيرة. وكتبت عن مدينة العين الصفراء قصائد من نوع “القمري” الخاص بالشعر الملحون وروت في رسائلها إعجابها الشديد بالأولياء والمتصوفين.. انتقلت ايزابيل بين ربوع الوطن من الوادي عنابة القنادسة بوسعادة، واستقرت لفترة بالعاصمة في شارع السودان بالقصبة السفلى مع زوجها الجزائري سليمان هني الذي تعرفت عليه في قسنطينة.

تعرضت ايزابيل ابرهارت لكمين نصبه لها ولأتباع الطريقة القادرية ابو أحمد رئيس الطريقة التجانية حسب بعض المصادر وأصيبت بجرح بليغ تعافت  منه بعد عملية جراحية في مستشفى “العويد”.

أدب إبرهارت

يقتصر أدب إيزابيل على مذكرات ومجموعات قصصية من بينها “مذكراتي” التي نشرت سنة 1921 وفيها تسرد تفاصيل تيهانها في الصحراء الجزائرية، “في بلاد الرمال” التي نشرت سنة 1923، ولديها مجموعة قصصية نشرت مبعثرة في الصحف نهاية القرن التاسع عشر. من بين روائعها “ياسمينة” و”النقيب” و”المنافسة” و”القصص الجزائرية” و”في ظلال الاسلام الدافئة” و… وتختزل ايزابيل أدبها في ثالوث مقدس هو المرأة والحب والصحراء، وتميزت كتاباتها باستخدام كثيف للكلمات العربية داخل النص المكتوب بالفرنسية لتفسح المجال للقراء الأوروبيين بالولوج للنص.

تقول ابرهارت في قصتها “نوار اللوز” التي تدور أحداثها في واحة بوسعادة عن شخصيتين هما حبيبة وسعدية :

“كانتا كالأصنام القديمة المنسيّة، تشاهدان من خلف الدخان الأزرق المتصاعد من سيجارتيهما، مرور الرجال الذين لم يعودوا يولونهما أيّ اهتمام، الفرسان، مواكب الأعراس، قوافل الجمال أو البغال، الشيوخ الذين انتهت صلاحيتهم، والذين كانوا في يوم ما عشاقهما”.. وتمتاز نصوص هذه الأديبة البارعة بدفاعها عن الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، فاضحة حماقاته وهفواته.

صحفية بدرجة مناضلة

المطلع على سيرة إيزابيل يجد نفسه مجبرا على انصافها وتجريدها من التهم التي وجهت لها بكونها كانت تعمل جاسوسة لصالح الاستعمار وذلك قصد تقزيم دورها في مساندة المقاومات التي واجهت الاستعمار في الجنوب الوهراني من خلال مقالاتها التي تفضح انتهاكات الجنود الفرنسيين.

كانت تشكل خطرا على مصالح فرنسا في الجزائر والدليل إصدار (ايدموند شارل رو) زوجة وزير اشتراكي فرنسي سابق عدة مراسلات سرية للشرطة الفرنسية ووثائق تثبت تخوف المستعمر من هذه الكاتبة عبر مقالاتها الصحفية.

وداعا إيزابيل

إيزابيل كما وصفها الكاتب اللبناني “شربل داغر” امرأة غريبة، ساحرة ومدهشة، وجدت في الصحراء وطنها المفقود وفي الإسلام هويتها الضائعة، توفيت كما في افكارها منجرفة في طوفان عين الصفراء سنة 1904م.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • المخ لص

    بحث ينقصه اعادة نظر عن الشخصية و مناقبها اذ هناك كثير من الحقائق المعروفة بدقة عن ايزابيل لم يتعرض لها الموضوع و اكتفى بالظنية دون اليقين و التخمين دون القصد في غالب الامور. و نحن لا نستبعد ان تكون هناك مخطوطات في نواحي عين الصفراء و مشرية و ضواحيهما قد تتحدث عن الشخصية خاصة و ان حياتها كانت مع نهاية القرن ال 19 اي غير بعيدة عن زمن البحث و ادل صاحب البحث على زيارة المركز الوطني للمخطوطات بولاية ادرار فاذا لم يفيده سيدله و بالله التوفيق.

  • الأخ مطلع

    كمل خيرك واخبرنا عن المعلومات الي لم تذكر

  • مطلع

    عليك بالبحث اكثر،
    فالكاتبة عاشت بمدينة جزائرية أخرى لم تذكرها، ولها مسكن في حي من أحيائها القديمة، والمسكن ما زال قائما رغم الإهمال ( والمسكن حاليا شبه مهجور)،
    ولو ان مجال التعليقات يسمح بالصور لأرسلت لك الصورة