-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
خبير المنظمة العالمية للملكية الفكرية بجنيف.. مصطفى رموش لـ"الشروق":

ابتكارات الباحثين الجزائريين مهددة بالسرقة العالمية!

وهيبة. س
  • 7462
  • 0
ابتكارات الباحثين الجزائريين مهددة بالسرقة العالمية!
أرشيف

أكد الدكتور مصطفى رموش، مختص في تسيير الابتكار واستراتيجيات الملكية الفكرية، أن الابتكارات الجزائرية غير محمية عالميا، لأن أغلب الباحثين والمخترعين يعجزون عن الحصول على البراءة العالمية التي لا تقل تكلفتها في الغالب عن 10 آلاف أورو، أي ما يعادل 220 مليون سنتيم.
وقال خبير العلوم الدولي لـ”الشروق” إن الاختراعات الجزائرية مهددة بالسرقات من طرف الدول الأوروبية، حيث إن أبسط العلامات الجديدة المسجلة، تتطلب مبالغ مالية لحمايتها عالميا، مشيرا إلى أن أحد المبتكرين من ولاية تمنراست تحصل على براءة وطنية حول مشروع فكرته، لكنه عندما ذهب إلى الخارج للحصول على البراءة العالمية، طلب منه دفع 6 آلاف أورو، ولما عاد إلى الجامعة باعتبارها الحاضنة لابتكاره، قصد التكفل بهذه المصاريف، أخبروه أن المبلغ كبير ولا يمكن توفيره.
وأوضح مصطفى رموش، أن الأمر في الدول الأوربية يختلف، لأن هناك مكاتب خاصة تتكفل بإجراءات الحماية العالمية، بعد توكيلها من طرف المعني بالبراءة، وهنا في الجزائر يتحصل المخترع أو صاحب فكرة البحث العلمي على البراءة الوطنية، ليجد نفسه ملزما بحماية أخرى عن طريق البراءة العالمية في غضون 12 شهرا، بداية من تاريخ تسجيل البراءة الوطنية، مضيفا أنه بعد هذه المدة تسقط الحماية الدولية.
وما هو مطلوب من الدولة اليوم، حسب الخبير لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية بجنيف، هو وضع استراتيجية خاصة لحماية البحوث العلمية والابتكارات، في الميادين ذات الأولوية، على غرار الصحة والزراعة والطاقة، والبيئة والمناخ، من خلال لجنة وطنية تقوم بحماية هذه الأفكار الوطنية دوليا، وتتحمل مصاريف البراءة العالمية.
وأضاف رموش أن “هناك خطأ شائعا يتعلق ببراءة الاختراع، حيث يعتقد الكثيرون في الجزائر أن الحصول على البراءة الوطنية هو حماية عالمية، بينما نسبة 99 بالمائة من أفكارنا مهددة بالسرقة من دول أجنبية”.
وقال رموش هناك حماية إقليمية من خلال البراءة التي يتحصل عليها صاحب المشروع في بلاده، من الدولة الممولة للمشروع، أي بمعنى أن الجزائري صاحب الابتكار يتحصل على براءة وطنية، ومن البلد الذي يتكفل بمشروعه، وممكن من بلد آخر يتبنى تجسيد هذا المشروع، مشيرا إلى أن هذه البراءات لا تحميه من سرقة فكرة مشروعه من طرف دولة أوربية.
وحذر الخبير نفسه من تحويل أفكار الباحثين الجزائريين وابتكارات الشباب إلى الخارج، وسرقتها من طرف جهات أجنبية، قائلا “يجب أن تكون هناك لجنة، حتى على مستوى الجامعات، هي من تعطي الضوء الأخضر لنشر أو عدم نشر الفكرة الجديدة ذات البعد الاقتصادي في المجلات أو بثها عبر وسائل الإعلام من طرف أصحابها”.

الابتكارات الذكية نتاج ثقافة الاطلاع على الابتكارات الأخرى
وأفاد رموش في تصريحه لـ”الشروق” بأن فكرة الباحث أو المبتكر، تسقط إذا أصبحت عالمية، فكل ما يدخل في البحث العلمي، لا يمكن أن يكون في الميدان العام، إلا بعد الحصول على البراءة، وأن أي بحث يتحصل على تثمين اقتصادي لا يسمح لصاحبه التحدث عنه عبر اللقاءات أو المؤتمرات وعبر وسائل الإعلام، إلا بعد 18 شهرا من حصوله على البراءة.
وتأسف من تصرفات بعض الباحثين الذين يركضون نحو الشهرة بالحديث عن ابتكاراتهم، ويسقطونها في الميدان العام، فتسرق أفكارهم، ففي أوروبا، بحسبه، لا ينشر الباحث العلمي أفكاره عبر مقالات صحفية أو مجلات أو لقاءات خاصة، إلا بعد أن يمر على لجنة مختصة في جامعته، وهي التي تقرر ذلك أو ترفض، بعد التأكد من أن البحث له صدى اقتصادي أم لا؟ وإن كان كذلك يثمن ويحمى ببراءة اختراع.
وقال رموش إن المنافسين الاقتصاديين في الدول المتقدمة يصطادون الأفكار الجديدة، وإذا دخل في ميدانهم منافس جديد باختراع أو ابتكار جديد يُجرون عليه تحقيقا، فإذا ثبت أنه قام بنشره أو الإعلان عنه في لقاءات ومحاضرات مصورة، قبل حصوله على براءة الاختراع، يذهبون بأدلتهم إلى الجهة التي منحته هذه البراءة، ويسقطونها عنه رغم حصوله عليها.
وأكد الخبير أن الدول الأوربية تعتمد على مكاتب لليقظة التكنولوجية من أجل البحث عن الأفكار الجديدة، تعمل ليل نهار، لرصد الابتكارات الجديدة والأفكار على المستوى العالمي، من خلال المجلات العلمية، المؤتمرات، واللقاءات العلمية، وقوائم البراءات الجديدة التي تصدر يوميا.
وأشار إلى أن نحو 85 بالمائة من البراءات الجديدة في الدول المتقدمة تأتي من المعرفة التقنية الموجودة في البراءات السابقة، ولكن في الجزائر، بحسبه، لا نعمل بهذه الثقافة التي تكاد تكون مغيبة عند أغلب المبتكرين، حيث يهملون جانب الاطلاع على براءات العالم في الميدان محل البحث.

نحو وضع سياسة للملكية الفكرية في الجامعات الجزائرية
ويرى ذات المتحدث أن اقتصاد المعرفة اليوم هو إضافة فكرة إلى فكرة والخروج بفكرة جديدة، وهذا يعني أن على المبتكر أو الباحث الجزائري صاحب الفكرة الجديدة والمشروع الجديد، أن يمتلك ثقافة استخراج أفكار من خلال الاطلاع على البراءات الأخرى في نفس المجال، وحماية فكرته من خلال احتياطات قانونية وشخصية.
وقال إن في الجزائر تسود ثقافة الابتكار الظرفي، أي يصبح الحظ يلعب دوره في اكتشاف الفكرة، ونجاحها، مؤكدا أن المنظمة العالمية للملكية الفكرية قررت أن تساعد الجزائر، لتكون هناك سياسة خاصة عن قريب في الجامعات الوطنية للملكية الفكرية، لكي يعرف الباحثون حقوقهم وواجباتهم.
وحول ذات الموضوع، أوضح رموش أن طريقة كتابة براءة الاختراع مشكل آخر يتعلق بالحماية الفكرية وحماية الابتكار في الجزائر، من خلال غياب مكاتب خاصة لتولي هذه المهمة، فضلا عن كون أغلب هؤلاء الذين يكتبون البراءة، غير مختصين في بعض المجالات كالكيمياء والتقنيات الرقمية، وغيرها من الاختصاصات الحساسة التي تستدعي أكثر دقة، وأكثر تفاصيل في تحرير محتوى البراءة.
وأكد رموش أن البراءة غير المكتوبة بشكل جيد تفتح مجالا لتحويل الفكرة وسرقتها، فهناك، بحسبه، نمط معين، لكتابتها، ففي أوروبا هناك مكاتب متمرسة لكتابة البراءات، بينما في الجزائر من يقوم بكتابتها هم مهنيون يكتبون براءات الماركات والعلامات التجارية في الغالب.
ونبه إلى أن هذا الجانب مهم جدا في حماية الملكية الفكرية، حيث لا بد من مختص يطرح أسئلة على صاحب الفكرة أو المشروع الذي جاء لكتابة براءة الاختراع، لملء كل الفراغات وعدم ترك نقائص في وصف الاختراع، كما يمكن، حسبه، لكاتب البراءة أن يضيف أفكارا أخرى لصاحب البراءة.

أين هي مساهمة المؤسسات الاقتصادية الكبرى في الابتكار؟
وتطرق الخبير كذلك إلى دور المؤسسات الكبرى الاقتصادية بالجزائر في الابتكار، حيث قال إن مساهمتها في النظام الاقتصادي من خلال الإبداعات الجديدة كفيل بأن يجعلها صامدة أمام التحولات الجديدة، متأسفا عن عدم وجود الكثير من الجهود لدعم الابتكار من خلال مخابر هذه المؤسسات.
وقال” إنني تحدثت مع أكبر المؤسسات الاقتصادية في الجزائر، حول دورها في الابتكار، فأخبرني مسؤولوها أن الوقت غير كاف للانشغال بهذا الأمر، كما أن الموظف لا يفكر إلا في قوت يومه”.
وأكد رموش أن تكاليف الابتكار في الجزائر تتحملها الدولة لوحدها، في حين أنه من المفروض مشاركة المؤسسات الاقتصادية في ذلك، حيث يمكن العمل على سياسة تخفيض الضرائب لهذه الأخيرة تحفيزا لها على مشاركتها في الابتكار، على أن تدفع نسبة 50 بالمائة من تكاليفه.

المستقبل للمؤسسات المصغرة الناشئة
ويرى رموش أن المؤسسات الاقتصادية الكبرى في الجزائر التي لا تولي أهمية للابتكار مآلها الفناء، حيث أدركت الحكومة الجزائرية، بحسبه، أن المستقبل للمؤسسات المصغرة الناشئة، وهذا ما جعلها تشجع الأفكار المقاولاتية، والبحوث ذات التثمين الاقتصادي في الجامعات، وتدفع مقابلا ماليا تشجيعيا عن كل مشروع، وقال إن العدد الكبير من هذه الأفكار ستأتي بعدد قليل من المشاريع الاقتصادية، لكنها ستكبر مع الوقت، وتتحول إلى مؤسسات حقيقية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!