-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اجراءات غامضة!

الشروق أونلاين
  • 1800
  • 0
اجراءات غامضة!

رشيد‮ ‬ولد‮ ‬بوسيافة

لم تكن إجراءات العفو عن المساجين لهذا العام كسابقاتها، وبقدر ما كانت منسجمة مع روح التسامح التي درجت عليها الدولة في مواسم الأعياد بقدر ما أثارت تساؤلات عميقة حول الصيغة الجديدة لإجراءات العفو بالنظر إلى فئات المساجين الذين شملهم العفو الرئاسي والذين استثناهم‮.‬

وإذا كان استثناء صغار المجرمين المتورطين في أعمال نهب وسرقة يمكن فهمه من زاوية استفحال ظاهرة الاعتداءات على الأشخاص من طرف عصابات تتشكل في الغالب من القصر، واستثناء هؤلاء من العفو قد يساهم في تقليص حجم الظاهرة، إلا أن هذه المعادلة لا يمكن فهمها إذا علمنا أن‮ ‬من‮ ‬بين‮ ‬الذين‮ ‬شملهم‮ ‬العفو‮ ‬أولئك‮ ‬المتورطين‮ ‬في‮ ‬الجرائم‮ ‬الاقتصادية‮ ‬من‮ ‬تزوير‮ ‬وتحويل‮ ‬للأموال‮ ‬وتضخيم‮ ‬للفواتير‮ ‬وتلاعب‮ ‬بالمشاريع‮ ‬والأموال‮ ‬العمومية‮.‬

ومن هذا المنظور لا يمكن استيعاب فكرة العفو عن بارون ألحق الضرر بالاقتصاد الوطني بتلاعبه بالأموال العمومية أو تزويره للملايين، يقابله عدم العفو على ذلك الشاب البطال الذي دفعته الحاجة إلى القيام بسرقات بسيطة من أجل تأمين لقمة عيشه، فهو من البداية ضحية وليس جان‮ ‬بالمعيار‮ ‬النفسي‮ ‬والاجتماعي،‮ ‬وعلى‮ ‬العكس‮ ‬من‮ ‬ذلك‮ ‬فإن‮ ‬المتورطين‮ ‬في‮ ‬الجرائم‮ ‬الاقتصادية‮ ‬هم‮ ‬مجرمون‮ ‬بالأساس،‮ ‬لأنهم‮ ‬اقترفوا‮ ‬ما‮ ‬اقترفوه‮ ‬بدافع‮ ‬الطمع‮ ‬لا‮ ‬الحاجة،‮ ‬فهم‮ ‬إما‮ ‬إطارات‮ ‬أو‮ ‬رجال‮ ‬أعمال‮ ‬أو‮ ‬تجار‮!‬

والمثير أن إدراج فئة المتورطين في الجرائم الاقتصادية في إجراءات العفو جاء في عز الحملة الوطنية ضد الفساد، بل وتزامن مع كلمة وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز في بكين حول مكافحة الفساد، والتي اقترح خلالها إنشاء معهد يتكلف بالتحقيق حول قضايا متعلقة بالفساد‮ ‬وتعبئة‮ ‬وسائل‮ ‬الإعلام‮ ‬لتكثيف‮ ‬محاربة‮ ‬الظاهرة‮.‬

صحيح أن المواطن أصبح لا يأمن على أمواله ولا على سلامته خلال السنوات الأخيرة بسبب ظاهرة السرقة والاعتداءات في عز النهار وفي أكبر الشوارع، وهي ظاهرة لا بد أن تواجه بحزم، لكن ملف الفساد الذي كلف الدولة ملايير الدولارات خلال سنوات قليلة ينبغي أن يواجه بحزم أقوى‮ ‬وبدون‮ ‬أي‮ ‬تسامح‮ ‬أو‮ ‬تردد‮ ‬مع‮ ‬المتورطين‮ ‬فيه‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!