-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عرعار: الظاهرة مرتبطة بتهديدات وضغط الأولياء

اختفاء وفرار الأطفال بعد الامتحانات.. كوابيس تلاحق العائلات!

مريم زكري
  • 455
  • 0
اختفاء وفرار الأطفال بعد الامتحانات.. كوابيس تلاحق العائلات!

تعيش العائلات الجزائرية على وقع القلق والخوف بعد تزايد حالات هروب الأطفال القصر أو فرارهم من منازلهم، حيث لا يكاد يمر أسبوع من دون أن تهز مواقع التواصل على نداء استغاثة جديد مرفق بصورة طفل صغير، وعبارة “ساعدونا نلقاو وليدنا”، حيث عادت الظاهرة مجددا مع ارتفاع عدد الحالات وتكرار السيناريوهات المؤلمة، التي تعيشها العائلات على أعصابها في انتظار وترقب مصير أطفالها المجهول، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى مركز طوارئ شعبي لإطلاق نداءات الاستغاثة والتجنّد في عمليات البحث.

من بين قصص الاختفاء التي فجرت موجة تعاطف واسعة، اهتزت لها مدينة قسنطينة مؤخرا هي حادثة الطفلة مروى بوغاشيش، البالغة من العمر 13 سنة، والتي خرجت من المتوسطة التي تدرس بها ولم تعد إلى البيت، لتختفي بعدها دون أثر، أين كثفت عائلتها من عملية البحث مباشرة بعد اختفائها، كما عرضت مكافأة مالية لمن يساعد في العثور عليها، قبل أن ينظم نشطاء ومحسنون عبر مواقع التواصل في حملات دعم معنوي ومادي للعائلة، وترقب أي أخبار مبشرة حول قضية اختفائها.

 بن حليمة: حذار من الاستعمال المفرط للعقاب

وفي سيناريو مشابه، تجند ناشطون وصفحات الكترونية للبحث عن الطفل سهلي محمد آدم، البالغ من العمر 8 سنوات، الذي اختفى منذ أيام هو أيضا بشكل مفاجئ في أثناء تواجده بالقرب من مستشفى “بن زرجب” بوهران، حيث استنجد والده لمساعدته في البحث عن ابنه بعد فقدانه أمل العثور عليه بمفرده، ومع تزايد هذه الحالات، دق مختصون ناقوس الخطر وحذّروا من خطورة الاستخفاف بهذه الحوادث، مع دعوتهم إلى إدراج برامج توعوية داخل المدارس والمساجد والجمعيات، وكذا توعية الأولياء حول الطرق السليمة في التعامل مع أطفالهم خاصة أن أغلبهم يفرون من المنزل خوفا من العقاب الذي قد يتعرضون له في حالة الإخفاق في تحقيق نتائج مرضية بالامتحانات النهائية.

تقبّل نتائج الامتحانات المصيرية مهما كانت

وفي الموضوع، حذر رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل “ندى” عبد الرحمان عرعار في حدثه لـ”الشروق”، من خطورة تفاقم ظاهرة اختفاء الأطفال والمراهقين، مؤكدا أن العديد منهم يهربون من منازلهم ليجدوا أنفسهم في وضعيات غير قانونية في الشارع، وكشف عرعار أن أغلب حالات الاختفاء المسجلة مؤخرا تتعلق بمراهقين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة، مشيرا إلى أن الضغط النفسي والصراعات المتكررة داخل الأسرة، تدفع الطفل إلى اتخاذ قرار الهروب، خاصة بعد تدهور مستواه الدراسي أو فشله في مواصلة التعليم، نتيجة الضغط الذي تعرض له.

ولفت المتحدث إلى أن ظاهرة اختفاء الأطفال ترتبط في الغالب بالمسار الدراسي، في غياب ثقافة الحوار داخل المنزل وعدم منح الثقة الكافية للطفل في مواجهة الامتحانات خاصة المصيرية منها مهما كانت النتائج، بالإضافة استعمال الضرب والعنف كوسيلة للضغط وهو ما يفضي في كثير من الأحيان إلى اتخاذ قرار الهروب من المنزل لأيام وأسابيع خوفا من العقاب.

وكشف عرعار عن بعض الحالات التي تم تسجيلها مؤخرا من قبل شبكة “ندى”، وتتعلق بحادثة فرار طفل يدرس بمرحلة المتوسط من المنزل بسبب المقارنة المتكررة بينه وبين أشقائه أو أقربائه من حيث النتائج الدراسية، الأمر الذي دفعه إلى ترك المنزل لأيام عديدة قبل أن تتدخل الجهات المختصة من أجل البحث عنه وإعادته، والتواصل مع والديه ومرافقتها لهما في تسوية الوضع، عبر فتح حوار معهما حول أهمية الدعم النفسي للطفل، مؤكدا في السياق ذاته، عن معالجة عشرات الحالات مثل هذا النوع من القضايا.

وفي المقابل، دعا محدثنا إلى الاستعانة بمخطط اليقظة لتبليغ المصالح الأمنية بشكل فوري عند اختفاء أي طفل، لكي يشرع في التحريات مباشرة، مع ضرورة الإبلاغ عن أي اتصال أو تواصل بين المراهقين وأطراف مشبوهة، كما حذر أيضا الأولياء من استعمال العنف الأسري والسلطة الأبوية بشكل خاطئ، لما لها من آثار سلبية مباشرة على نفسية الطفل، والتي قد تدفعه لاتخاذ قرارات خاطئة تعرضه للخطر.

غياب لغة الحوار والدعم النفسي للطفل سبب الفرار

من جهته أكد المختص في علم الاجتماع مسعود بن حليمة، أن تفشي ظاهرة اختفاء الأطفال القصر والمراهقين، تكون أغلبها حالات فرار وهو ما يعكس وجود خلل عميق في العلاقات الأسرية، وتراجعا في أساليب التربية الحديثة، والتي تستوجب حسبه إعادة النظر في طرق التعامل مع الأبناء داخل المحيط العائلي.

وأوضح الدكتور بن حليمة أن الضغط النفسي، وغياب لغة الحوار، والاستعمال المفرط للعقاب البدني والمعنوي، كلها عوامل تولد عند الطفل شعورا بالرفض والتهميش، مما يدفعه إلى الهروب بحثا عن بيئة بديلة، قد تكون أكثر تفهما له من وجهة نظره، غير أنها في الواقع تحمل له مخاطر كبيرة يجهل نتائجها، مجدّدا على أن معالجة هذه الظاهرة لا يجب أن تكون أمنية فقط، بل يجب أن تبدأ من داخل البيت والمدرسة والمجتمع، من خلال توفير بيئة أسرية قائمة على الحوار والتفاهم، لحماية الأطفال من كل أشكال الانحراف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!