-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اختلاط الأوراق على الصعيد الدولي في ليبيا

اختلاط الأوراق على الصعيد الدولي في ليبيا
أرشيف

لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة سنة 1989، يلاحَظ اختلاطٌ كبير في التحالفات الدولية يصعِّب التمييز فيه بين الحلفاء والأعداء، وحتى بين مَن تربطهم بِبعضهم البعض مصالح بلا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة، كما يقول الواقعيون في العلاقات الدولية. ولذلك أصبح من المهمّ قراءة الموقف الجزائري بخصوص الشأن الليبي بالتحديد، الذي، على خلاف باقي المواقف الأخرى، لا يَسعى للتدخل إنما يُطَب منه التدخل! وهو موقفٌ بقدر ما يحمل من دلالة قوة يحمل آفاقا كبيرة لعودة ليبيا إلى أبنائها كما كانت.

بالفعل، ليس من السهل اليوم أن يجد بلدٌ مثل الجزائر موقفا متوازنا بين كل من روسيا وتركيا مثلا، فهما متحالفتان على الصعيد الاستراتيجي من حيث مبيعات الأسلحة وبخاصة صفقة “أس 400” التي ما زالت تثير جدلا في البيت الأبيض، ومختلفتان في ليبيا من حيث دعم تركيا غير المتحفظ لحكومة الوفاق الوطني وسعي روسيا إلى دعم قوات  “حفتر” دون معاداة حكومة الوفاق!

كما أنه ليس من السهل لبلد مثل الجزائر أن تجد نقطة توازن بين علاقاتها الخليجية مع الطرفين المتصارعين الإماراتي ـ السعودي من جهة، والقطري من جهة أخرى، وعلاقاتها مع مصر ومع روسيا، وليس من اليسير فَهمُ لِمَ تُعارِض روسيا بلدان الخليج ومصر في مسألة التدخُّل المصري في ليبيا وهي من كانت تقف إلى جانبهما في مسألة دعم قوات “حفتر”؟

ومن جهة أخرى ليس من السهل أيضا على الدبلوماسية الجزائرية أن تجد توازنا لموقفها الرافض للتدخل الفرنسي في ليبيا وسعيها لتعزيز العلاقات مع هذا البلد.

وقس على ذلك موقف الولايات المتحدة، التي تعتمد في ذات الوقت على تركيا كثاني قوة عسكرية في الحلف الأطلسي وتفتح الآن النقاش لمعاقبتها على علاقاتها الإستراتيجية مع روسيا.

دون الحديث عن الكيان الصهيوني الممتدة أذرعه في كافة جوانب الصراع…

بما يعني أننا نعيش اليوم أكثر مراحل العلاقات الدولية غموضا، إذ بإمكان أي طرف أن يخسر بسهولة كل ما ربحه فيما سبق أو العكس، كما يبدو اليوم حال فرنسا التي وإن كانت هي من شنَّت الحرب على ليبيا وحرّضت على ذلك، هي الآن أكبر الخاسرين.

وعليه، نرى حسنا ما فعلت الجزائر إلى حد الآن، عندما رفضت من خلال  ديبلوماسيتها العاملة في صمت منذ البداية ومازالت، كل محاولات استخدام القوة لتسوية الخلافات السياسية. وقد تبيَّن فيما بعد أن الحرب التي أُعلِنت على ليبيا كانت خلفها لوبياتٌ صهيونية ـ فرنسية للإطاحة بالعقيد معمر القذافي رحمه الله لا غير، وأنَّ كافة الأطراف التي تدخَّلت في ذلك الهجوم العسكري الظالم ما كانت تريد خيرا بالشعب الليبي الشقيق ولا بناء ليبيا “حرة ديمقراطية” كما زعمت، أو حتى الإطاحة بالحكم الفردي (بدليل دعم كافة القوى التي أطاحت بالعقيد القذافي للانقلاب العسكري في مصر على الشرعية في 3 جويلية 2013)، إنما كان هدفها الأول والأخير تقاسم ثروات ليبيا وخيراتها وتهديد الجارة الجزائر.

وهو ما لا يُمكن أن يتحقق، بعد أن بدأ الشعبُ الليبي الشقيق يستعيد المبادرة داخل بلده، ويعرف أيّ الأيادي الصادقة الممدودة إليه، وأيّها الملطخة بدماء أبنائه زاعمة أنها ما قَدِمت سوى لتحريره.. وفي ذلك كل الأمل للبلدين الشقيقين معا: الجزائر وليبيا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • elarabi ahmed

    التناقض هو ما يحكم علاقة الدول والمواقف .كيف نفسر موقف الجزائر من مايقع فى ليبيا و ما تقوله عن وحدة اراضى ليبيا بينما تجد العكس من موقف الجزائر من الصحراء من حيث المبدأ لامن حيث الشعارات .
    فالعبرة بالأفعال لابالأقوال .

  • لزهر

    هروب تركيا بجيشها من مستنقع آخر لتتركه و شأنه و ليس تحالف زاعمة انها ستجد نوع من الاستقرار على ضفاف نهر النيل بحكم ان لديها تاريخ في المنطقة.
    التاريخ يعيد نفسه.