.. اخزوا الشيطان!
لا أدري لماذا يصرّ فرقاء قطاع التربية على صبّ البنزين على النار، في ظروف لا تسمح بتصرّف أبله كهذا، قد يزيد من اللهيب ويحرق حتى أصابع من يحمل أعواد الكبريت ويعتقد أنه الحارق وليس المحترق!
عندما تتهم الوزيرة نورية بن غبريط نقابات التربية بأنها “جاهلة للقانون” وتقول إن بعض رؤساء المصالح بالمديريات “مزوّرون” وإن مديري القطاع يستغلون مناصبهم لخدمة مصالحهم مع الولاة، فهذا وحده يستدعي فتح “تحقيق” عاجل وعادل، لوضع النقاط على الحروف في كلّ الظروف!
الظاهر أن الوزيرة “طلعلها الزعاف للرأس“، وهذا أمر طبيعي، لكن هل يكون التراشق بالاتهام والتهديد والوعيد بديلا وحيدا لحوار الطرشان؟ ولماذا يلجأ “الخصمان” إلى خيارات “متطرّفة” يُمكن تفاديها لتفادي الأخطر وتجنيب القطاع ومعه ملايين التلاميذ السيناريوهات السوداء؟
نعم، هو فشل للوزارة وللنقابات ولأولياء التلاميذ وللأساتذة والمعلمين، فقد فشلوا جميعا في إعادة الأمور إلى نصابها، وإحلال السلم والاستقرار في قطاع يحمل يافطة التعليم والتربية، لكنه للأسف سقط في مستنقع العنف والتطرّف والعنجهية و“التغنانت” والضرب تحت الحزام!
قد يكون مع بن غبريط جزءا من الحق، مثلما قد يكون مع النقابات جزءا من الحق، لكن هل هكذا ستستمرّ الأزمة، ويتساقط الضحايا، ونربط جميعنا الأحزمة، في انتظارنا لنتائج نهاية الموسم الدراسي وأرقام البكالوريا ومختلف الشهادات، فإما إنقاذها بنقاط سياسية، وإمّا إعلان النقاط الحقيقية، فتكون مخجلة ومحرّضة على الانتحار والعياذ بالله!
إضراب المقتصدين واستمراره لأكثر من ثلاثة أشهر، هو “فضيحة بجلاجل” للوصاية وللنقابات معا، فلا الأولى حلـّت المعضلة بكل الطرق المتاحة والقانونية والتفاوضية وحتى “التحايلية“، ولا الثانية أقنعت الوزارة بالاستجابة لمطالب المحتجين، أو أقنعت المضربين بوضع “السلاح” جانبا ثمّ الشروع في مفاوضات “سلم الشجعان“!
في هذه اللحظات المحرجة والحرجة والمزعجة، أتصوّر أن الوزيرين السابقين للتربية، أبو بكر بن بوزيد وعبد اللطيف بابا أحمد، جالسان يضحكان، ليس على خليفتهما نورية بن غبريط، ولكن على حظهما الذي جنبهما الأوقات العصيبة التي تواجهها الوزيرة، وإن كانا هما أيضا، ذاقا في عهدتهما من نفس الكأس المرّ الذي يرفض السكـّر!
الأكيد أن الحل موجود وجاهز، لكن التمكّن من مفتاحه وتطبيقه للخروج بأقل الأضرار، مازال معطلا إلى أن يثبت العكس.. فرجاء “اخزوا الشيطان” يا جماعة!