-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اذهبوا إلى الجحيم!

جمال لعلامي
  • 816
  • 1
اذهبوا إلى الجحيم!
ح.م

بعيدا عن التهويل والتأويل، وبعيدا أيضا عن التقليل وإخفاء “التبهديل”، هل ما حدث بورشة لبناء مشاريع سكنية بضاحية الرحمانية في العاصمة، هو مجرّد فعل “معزول”، أي أنه خطأ تقني أو حتى بشري؟ ينبغي معاقبة المتسببين فيه وكفى المؤمنين شرّ القتال؟ أم أنه الشجرة التي تغطي الغابة، وتفضح تجاوزات وخروقات لا يجب السكوت عنها، حتى لا تسقط الفأس على الرأس والعياذ بالله، ولا ينفع بعدها لا الندم ولا العقاب ولا هم يحزنون!

لعلّ أكبر مؤشر يدفع إلى التوقّف، هو التحذير من الاستمرار في “السطو” على الأراضي الفلاحية “غير الصالحة للبناء”، وتحويلها بفتاوى إدارية “استثنائية”، إلى مساحات لإنجاز مشاريع سكنية وأحياء جديدة ومنشآت ضخمة، ولا يجب التهوين من هذا المؤشر، خاصة عندما يقول مثلا الأمين العام لاتحاد الفلاحين، بأن حادثة الرحمانية ستتكرّر بمناطق أخرى؟

هل انقرضت أراضي البناء سواء بالعاصمة أو في ولايات أخرى، حتى يتمّ اللجوء إلى الأراضي الزراعية؟ وهل فعلا ما يقوله مهندسون ومقاولون عندما يحذرون من سيناريو “انهيار” بنايات تمّ تشييدا بضفاف الوديان ومناطق هشة وأخرى مائية وزلزالية لا تصلح للبناء والتعمير؟

لا يجب تسويد كلّ شيء، وترويع الآمنين، لكن هذا لا يمنع من وضع النقاط على الحروف، فالمتجوّل عبر العاصمة وولايات أخرى، يلحظ أن أغلب المشاريع أصبحت تنام فوق أماكن كانت إمّا حقولا للبرتقال والرمان والعنب، أو حتى مزارع واسعة للبطاطا و”الدلاع”، ولكم أن تزوروا مثلا حقول المتيجة، على سبيل المثل، لتكتشفوا كيف أكل “البيطون” حوافها وقلبها وأطرافها، ولم يبق سوى ترسيم مراسيم دفنها وتشييع جنازتها!

“يا حسراه على المتّيجة”، وما كانت تجود به، ووظائف العمل التي كانت توفرها في الزمن الجميل لآلاف الجزائريين، ومساهمتها في إنتاج الخضروات وأجود الفواكه وتصديرها أيضا إلى بلدان أصبحنا نستورد منها التفاح والعنب والثوم والبصل، وكلّ هذا، من أجل تشييد بنايات، اتضح في الأخير، بالنسبة للكثير منها، أنها مهددة بالسقوط، أو أنها بنايات موت، أو في أحسن الأحوال مبان لزراعة الرعب في نفوس قاطنيها!

ليس بالضرورة والحتمية، أن يسقط كلّ منزل مبني على أرض تصلح للباذنجان واللفت، لكن هل من المعقول والمقبول والعقل، أن يُهاجم المقاولون الأراضي الفلاحية، ويحوّلونها أحيانا بالنصب والاحتيال إلى أراض صالحة للبناء، ضمن خطة هدفها فرض الحلول السهلة، والابتعاد عن “تكسار الرّاس”، تفاديا لنفقات أكثر، واختزالا للوقت وبحثا عن الربح والمصلحة؟.. وبعدها فلتذهب سلامة المواطنين وحياة الساكنة إلى الجحيم!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عبد النور

    كان يمكن للناس أن تعيش في الهضاب والجبال وتترك السهول للفلاحة ، فالمعيشة في الجبال أحسن لصحة الإنسان ، كان يمكن لهم العيش في السهوب فوق الصحراء، مساحات شاسعة يمكن أن تبنى بها مدن حديثة واسعة الطرق والأرصفة واسعة المنازل، وليس في زنزانات وعلب سردين في إكتظاظ خانق بالعاصمة، كل الناس تعيش بالعاصمة ذات يوم تغرق في البحر من كثرة الناس عليها..لماذا لايتجهون جنوبا ؟ أليست دبي والدوحة وأبوظبي والمنامة وهيوستن وحتى بغداد ومدن ضخمة حضارية متطورة كلها بنيت في الأراضي الجافة، ويأتيها البشر من كل العالم ولايأبهون بالطقس فكل شيء متوفر..ونحن لدينا مناطق بين الصحراء والتل شاسعة غير فلاحية لانستغلها.