-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

استباق ركبان الرئاسيات بإعادة توزيع الصلاحيات

حبيب راشدين
  • 1769
  • 2
استباق ركبان الرئاسيات بإعادة توزيع الصلاحيات
ح.م

انتهت أزمة البرلمان أو تكاد بانتقال نواب الأغلبية إلى خيار المرور بالقوة بتجيير غموض في المادة 10 من القانون الداخلي لتثبيت حالة الشغور المسكوت عنها في الدستور، وبسرعة استجابت اللجنة القانونية لطلب المكتب الذي كيَّف الشغور  بثبوت حالة العجز، وهو أحد الشروط الأربعة بعد الاستقالة والوفاة والتنافي، لينتقل المجلس أخيرا إلى مرحلة استقبال الترشيحات وانتخاب رئيس جديد له.

نحن أمام سابقةٍ لم يُحسب لها كل ما سيترتَّب عنها سواء من جهة الطعن المحتمل في الإجراء من قِبل المعني أو من قبل المعارضة التي وصفته بالانقلاب الأبيض، أو تحديدا من جهة فتح باب ترحيل رؤساء الغرفتين بتوفر أغلبية مطالِبة بالرحيل، كما تفتح الباب أمام أعضاء جميع المجالس المحلية المنتخَبة لقلب الطاولة على رؤساء البلديات والمجالس الولائية، وأخيرا قد يلتفت إليها المواطن الناخب بإتباع “اجتهادٍ فقهي” وافد من السلطة التشريعية ليمارس بدوره حق ترحيل من ينتخبه قبل نهاية العهدة.

ربما قد لا يرى السيد بوحجة طائلا من الدخول في صراع خاسر مع أعضاء المجلس، وقد تحتجُّ كتل المعارضة من أجل الاحتجاج وإبراء الذمة ليس إلا، لكن الطرف الماسك بخيوط اللعبة لن يسمح بتمديد عمرها فوق هذا الحد، وإلا صرنا إلى حالةٍ تقود حتما إلى حل المجلس وهو أمرٌ غير وارد في حسابات السلطة أشهرا قليلة قبيل موعد الرئاسيات.

في مكان ما يحسن بنا أن نتوقف عند نصف الكأس المليان في ما أقدم عليه النواب، حتى وإن وصفته كتل المعارضة بالانقلاب الأبيض، وسيصفه خبراء القانون الدستوري بالإجراء الساقط دستوريا، لأن تفسير القوانين هو من اختصاص المجلس الدستوري وليس الجهة المشرِّعة، حيث يكون النواب قد كسروا هاهنا بابا آخر قد تأتي منه رياح وأعاصير اليوم وغدا، لكنه إجراءٌ أعاد حقا كان الدستور قد حرم منه أعضاء الغرفتين بالسكوت عن طرق تحرُّر النواب من إصر “البيعة” لرئيس يُنتخب ثم لا يحاسَب، حيث لا حساب مع غياب سلطة العزل.

ولمن يعلم الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرئيسي الغرفتين في قيادة النشاط التشريعي وإدارة جلسات البرلمان، وما لهما من سلطان في توزيع ريع البرلمان بأنواعه، فإنَّ استعادة النواب لحق المحاسبة والعزل سوف يعيد قدرا من التوازن للعلاقات بين النواب ورئيس الغرفة، ويوسِّع هامش الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

غير أن الظروف المحيطة بهذه الأزمة المصطنعة داخل البرلمان تغري باستشراف ما أريد لها أن تحققه فضلا عن اشغال الرأي العام لقرابة أربعة أسابيع بصراع ديكةٍ سخيف، أساء إلى النواب، وإلى رئيس الغرفة السفلية، وإلى جبهة التحرير التي تكتشف مرة أخرى أنها لا تسيطر على أعضائها وإطاراتها، وتضطر كل مرة إلى تحريك أدوات “الانقلاب العلمي”.

أغلب الظن أننا أمام تنفيذ عملية تجريد ناعم للرئيس القادم من جانب من الصلاحيات التي تجمعت لصاحب الموقع في عهد الرئيس بوتفليقة، وأنَّ أركان النظام يحضِّرون المشهد لخلافةٍ مؤمنة يعاد فيها توزيع الصلاحيات بين مراكز صنع القرار، وتحرير بعض مؤسسات الدولة من استفراد موقع الرئاسة بصناعة القرار فيه، ذلك تحديدا ما أوحت به إدارة عملية التغيير الواسعة داخل مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية، وإصرار الرئاسة على عدم التدخل في أزمة البرلمان، مع امتناع بقية مراكز السلطة في الدولة عن التطوُّع بالوساطة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • فرسان نوميديا

    نرجوا ان يتم غلق هذا البرمئان بالسلالسل الى الأبد وتوفير الأموال التى تصرف فيه لبناء مستشفى في بوعنداس ولاية سطيف ...الذي توفيت فيه إمرأة بسبب غياب الهياكل الطبية

  • kamel

    نظرة ثاقبة للامور يا استاذ ليت مدعي التحليل السياسي عندنا يحذو حذوك في التعمق في تحليل الامور