-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأمن العربي رزمة واحدة

صالح عوض
  • 1569
  • 0
الأمن العربي رزمة واحدة

دروس التاريخ القريب كما هي دروس الماضي البعيد تفيدنا أن مصير هذه الأمة واحد وأنه إن أصاب بعضها ضرر فالسموم تسري في دمائها جميعا لتحملها على الألم والحمى..

لذلك كان واضحا لنا أن هزيمة الأسطول العثماني ومعه الجزائري والمصري أمام الأساطيل الغربية في موقعة نفارين سنة 1827 انتهى بالهجوم الغربي على الجزائر منتهيا باحتلالها لتسقط بعد ذلك قلاعنا في إفريقيا واحدة تلو الأخرى..

وعندما نهضت الجزائر بكل قوتها ووجدانها وروحها وطردت الاستعمار وألقت به، حيث مطامر التاريخ، هبت الأمة في كل مكان تفتكُّ حريتها وسيادتها من أنياب الاستعماريين.. وتندلع حركات التحرر في كل مكان في أمتنا شرقا وغربا.

من هنا يصبح واضحا أن أي مساس بأمن بلداننا مشرقا أو مغربا إنما هو يضرب في الجوهر من منَعتنا وقوتنا أمام المستعمِر المتربص بنا.. وأن إحداث أي خلل في منظوماتنا الأمنية يعني بوضوح تعريض مجتمعاتنا إلى التفكك والانهيار، الأمر الذي يحقق للغربيين فرصتهم التاريخية لنهب ثرواتنا وإيجاد الحلول المطلوبة لأزماته الاقتصادية والتكنولوجية.

لعله أصبح واضحا بعد هذه الإشارات لدروس التاريخ أن الحرص على أمن بلداننا هو الامتحان الحقيقي أمام أصحاب المشاريع ودعاة النهضة في بلداننا؛ فلا يمكن أن نقبل دعوى من يقول بالتنمية والنهضة والشراكة والانفتاح فيما هو يمارس الاعتداء على بلدان عربية بالغزو والدفع بالمقاتلين المرتزقة من أصقاع الدنيا لكي يحقق مزيدا من هيمنته ونفوذه الإقليمي.

لابد أن نعترف أن نخبنا الثقافية هشة وضحلة وغوغائية في معظم مواقفها، ولا تعالج الأمور المستجدة بثقافة ووعي مستجدين، بل تخضع لترسُّبات الماضي وقوانينه، وهنا نصبح في غيبوبة عما يمارس ضدنا ونذهب إلى مذابحنا بلا إحساس.

فلسطين بوصلة للجميع.. هذا صحيح، ولكن أيضا استقرار مجتمعاتنا العربية خط احمر أمام كل جيراننا الإقليميين، وغير مسموح أبدا بتناول أمننا الاجتماعي بأذى أو تفجير، هذا ما ينبغي توضيحه من خلال خطاب سياسي وثقافي مسئول.

بلا شك، ستظل دعوتنا قائمة لتعزيز روابط دولنا العربية والإسلامية اقتصاديا وثقافيا وسياسيا لعلنا نستطيع إيقاف الانهيار ورتق الخرق في جبهاتنا، لكن وفي الوقت نفسه نريد أن يكون واضحا أن من يؤمن بهذه الدعوة عليه أن يجتهد للإصلاح داخل بلداننا لا أن يسارع لتفجيرها وأن تبرز أجندته الخاصة الأنانية في بلداننا.. لأن الشك سيساور الكثيرين فيما هم يرون الكيل بمكيالين ويصبح المثل القديم مكررا “أكِلت يوم أكِل الثور الأبيض”..

إن كل يدٍ ممدودة للتعاون مرحب بها، وهي خطوة ضرورية بلا شك، ولكن كما أننا نرحب باليد الممدودة بالورد هنا، فإننا نرفض اليد الممدودة هناك بخنجر.. فالأمن العربي والمصير العربي كتلة واحدة وهو مركز الأمن الإسلامي والمصير الإسلامي، ولعل التجربة أثبتت للجميع أن ليس لنا سوانا وأن أي ارتماء في آليات المخططات الغربية سينتهي بنا إلى ما انتهى إليه أهل الأندلس.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!