-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإصلاحات حنَّطت الأجيال

بقلم: أوحيدة علي
  • 782
  • 0
الإصلاحات حنَّطت الأجيال

قد يتعجب بعض القراء من العنوان… بل من هذه المغالاة في النقد والانتقاد، مغالاة تثبِّط العزائم، وتقوِّض الإرادة، وتبعث اليأس في النفوس. في حين كان على صاحب المقال أن يختار عنوانا يُشعُّ بالتفاؤل والنجاح والفوز، عجبا لصاحب هذا المقال!

أما أنا كاتب المقال فأقول لهذا المتعجب وأمثاله: لا تتسرع وتحكم على شيء من خلال جزء من أجزائه، أي على مقال من خلال عنوانه، ولتتأكد من أن العنوان مناسب للمقال: اقرأ بتمعُّن ما يلي:

1-إن كتاب (تعلُّماتي الأولى) دفتر الأنشطة العلمية للتربية التحضيرية، موجَّه لأطفال الروضة (5-6) سنوات، جاء في الصفحة 51 التي عنونت بـ(الحيوانات) ثم صيغ هدفها بـ “يميز بين الحشرات المفيدة والضارة” متبوع بصور لثماني حشرات نكرة، أي دون اسم، ثم كتب في أسفل الصفحة- اجعل الحشرات المفيدة داخل حيز أخضر، والحشرات الضارة داخل حيز أحمر، والسؤال: هل طفل (5-6) سنوات يميز بين الحشرات المفيدة والضارة؟ وهل هناك حشراتٌ مفيدة بالنسبة للطفل؟.

لقد طلبت من أساتذة العلوم الطبيعية الإجابة عن هذا السؤال فلم يتمكنوا من الإجابة، وقال بعضُهم متعجبا: إن هذا السؤال يتحدى عقول الكبار، ويحنّط أذهان الصغار!…

2- أما كتاب الرياضيات للسنة الرابعة من التعليم الابتدائي فقد جاء في التمرين الثالث من صفحة 85 ما يلي: (شُيدت أهرامات مصر منذ أكثر من 4500 عام، أحدها هرم قاعدته مربع طول ضلعه 440 ذراعا ملكيا، وهو ما يعادل 23050 cm، ارتفاع الهرم 220 ذراعا ملكيا، ما هو ارتفاع الهرم بالسنتيمتر؟ احسب محيط قاعدة الهرم بالأمتار).

قدَّم المؤلفون وضعية في كراس نشاطات الرياضيات صفحة 47، وضعية (مسألة) لها أربعة حلول، لكل حل 9 عمليات، وهذه المسألة قدّمتُها لأساتذة الرياضيات في المتوسط والثانوي والجامعي، فعجزوا عن حلها، ولكن بعض الأساتذة توصلوا إلى الحل عن طريق المعادلات، مع العلم أن تلميذ الابتدائي لا يعرف المعادلات.

والسؤال: هل أهرامات مصر من بيئة التلميذ أو توجد في وطنه؟ ولماذا أرَّخ المؤلفون لبناء الأهرام بالعام؟ فالتلميذ لا يعرف هذه الأعوام، لأنه يعرف تاريخ ما قبل الميلاد والتاريخ الميلادي والتاريخ الهجري، ولا يعرف 4500 عام، أو الدول التي تؤرّخ بالعام، ما المقصود بها؟ وكيف يشرحها الأستاذ للتلاميذ؟

أضف إلى هذا إن استعمال مقياس الذراع الملكي، ثم تحويله إلى السنتيمتر والمتر أمرٌ يدعو إلى الدهشة والحيرة والتعجب من جهل الجاهلين للعملية التعليمية- التعلمية! زيادة على هذا أن الهرم لم يقدَّم للتلاميذ، فكيف يعرفون القاعدة، والارتفاع، والمحيط؟ عجبا لهؤلاء الذين تحكموا في مصير الأجيال وهم في حاجة إلى أبجديات التكوين الأولي في مجالات التربية والتعليم.

3- كل من يريد اختبار تلميذ السنة الخامسة الابتدائية في وضعيات رياضية (مسائل) يجد هذا التلميذ لا يستطيع حل مسألة أو وضعية تتجاوز ثلاث عمليات. ورغم هذا قدَّم المؤلفون وضعية في كراس نشاطات الرياضيات صفحة 47، وضعية (مسألة) لها أربعة حلول، لكل حل 9 عمليات، وهذه المسألة قدّمتُها لأساتذة الرياضيات في المتوسط والثانوي والجامعي، فعجزوا عن حلها، ولكن بعض الأساتذة توصلوا إلى الحل عن طريق المعادلات، مع العلم أن تلميذ الابتدائي لا يعرف المعادلات، وهذه الوضعية هي: طول مستطيل يساوي ضِعف عرضه. إذا زاد طول وعرض هذا المستطيل بـ 3cm زادت مساحته بـ 180cm2. ما هما بُعدا هذا المستطيل؟).

إن هذه الوضعيات وغيرها كثيرٌ وكثير في جميع الأنشطة المقررة، تثبِّط عزيمة الأساتذة، وتجعل التلاميذ يكرهون الدراسة، وتصعِّب على الأولياء متابعة أبنائهم. والسبب المباشر هو الكتابُ المدرسي الذي تحوَّل من معين ومساعد للأستاذ والتلميذ إلى شبح مخيف ومرعب، بل تحوَّل إلى وسيلة لتحنيط أذهان المتعلّمين وتجميد أفكارهم، ونزع الثقة من أنفسهم، ثم نتساءل عن التأخُّر الدراسي في جميع المراحل، وننسى المنهاج والكتاب والمؤلف، وكل من أيَّد الإصلاحات الكاذبة، لأن هدفها الأساسي هو: إضعاف مستوى المتعلمين في جميع المراحل، الذي سوف يُتخذ ذريعة تجعل المجتمع يتقبَّل لغة المستعمِر وثقافتَه، بل ينادي بالرجوع إليها، إنها طريقة مخادعة لا يتفطن إليها الإنسُ والجن. ومن يرى غير هذا فليردّ ويبرر ويبصّر ويوجّه القراء وله الشكر والتقدير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!