-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإقتصاد الجزائري إطار قانوني جديد وفرصة إقلاع أكيد

بقلم: عبد الرؤوف حلواجي
  • 528
  • 0
الإقتصاد الجزائري إطار قانوني جديد وفرصة إقلاع أكيد

تعرف المنظومة القانونية المنظمة للإقتصاد في الجزائر حركية ملحوظة في السنوات الأخيرة أفرزتها المتغيرات السياسية الوطنية لمرحلة ما بعد حراك 22 فيفري 2019 وكذا متغيرات دولية متمثلة أساسا في آثار جائحة كورونا التي أدخلت العالم أجمع في حركة ركود تأثرت بها الاقتصاديات النامية بشكل كبير مقابل فوائد كبيرة تكون قد جنتها إقتصاديات دول كبرى استغلت الوضع بفضل امكانياتها وقدرتها على المناورة، انتهاء بالحرب الروسية الأوكرانية التي تأتي في ظل تحول العالم الى عالم متعدد الأقطاب سياسيا واقتصاديا وحتى إيديولوجيا .

في ظل هذه المتغيرات وفي إطار مساع حثيثة للجزائر كدولة نامية، للتحول من إقتصاد ريعي يعتمد على مداخيل المحروقات الى إقتصاد متنوع المداخيل، صدرت في الجزائر عدة نصوص قانونية وتنظيمية في مجال الاستثمار والتجارة والبنوك في محاولة جادة للاستفادة من الفرصة التي وجدت فيها الجزائر نفسها من أجل التخلص من التبعية للخارج في مجال الغذاء والدواء وعدة إحتياجات أخرى كانت في مرحلة ما قبل الحراك والإنتخابات الرئاسية 2019مطية لإستنزافالعملة الصعبة مقابل إغراق السوق بمنتوجات استهلاكية يمكن الاستغناء عن استيرادها بعدة طرق .

من تقليص الواردات إلى ضبطها

في هذا الإطار يأتي تنصيب المجلس الأعلى لضبط الواردات الذي أشرف عليه السيد رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون يوم 02/08/2023 للإنتقال بشكل مؤسساتي من فوضى الواردات إلى ضبطها وفق احتياجات السوق الوطنية والحيلولة دون اضطراب السوق الذي برز بشكل لافت إثر قرارات ذات طابع إداري تمت قبل سنتين .

إن المجلس الأعلى لضبط الواردات يأتي تماشيا مع تطور طبيعي لمفهوم الضبط الإقتصاديالمعروف لدى خبراء قانون الأعمال والاقتصاد وهو مفهوم بعيد كل البعد عن مفهوم الضبط الإداري الكلاسيكي، وبإعتبار نشاط إستيراد السلع أكثر الأنشطة الإقتصادية استقطابا للمتعاملين كان لزاما على السلطات العليا في البلاد التعجيل بوضع اطار مؤسساتي لضبط سوق الواردات بعيدا عن طابع التقليص الإداري.

ورغم أن هذا القرار الهام والضروري للإقتصاد الوطني جاء متأخرا غير أن الأمل قائم في أن يكون عاملا فعالا في تحصين سيادة الدولة على ثرواتها من العملة الصعبة وتدخل رئيس الجمهورية شخصيا للإشراف على تأطير هذا المجال الإقتصادي يبرز الأهمية البالغة لهاته المسألة، وسيكون هذا القرار أكثر فعالية لو يتم ضبط سوق الصرف بحيث يصبح سعر صرف العملة الصعبة موحدا بين السوق الرسمية في البنوك وسوق الصرف الموازية .

إطار قانوني جديد للإستثمار والبنوك

سبق تنصيب المجلس الأعلى لضبط الواردات صدور نصين قانونيين هما قانون الاستثمار والقانون النقدي والمصرفي، في هذا الإطار صدر القانون 22-18المؤرخ في 24/07/2022 المتعلق بالإستثمارو قد تبعه صدور النصوص التطبيقية الخاصة به في 18سبتمبر 2022 بشكل سريع خلافا للعهود السابقة التي شهدت تأخرا في صدور النصوص التطبيقية بالقوانين ذات الطابع الإقتصادي مما فتح المجال للفوضى في عديد القطاعات الإقتصادية، وقد وضع قانون الاستثمار الجديد إطارا تحفيزيا جديداللإستثمار الوطني وكذا الأجنبي مكرسا مبدأ  حرية الاستثمار والشفافية والاستقرار التشريعي لصالح المستثمرين ومقدما لضمانات لصالح المستثمرين الأجانب في مجال تحويل الأصول ورؤوس الأموال، إضافة لكل ذلك تم تدعيم مجال الأعمال بقانون المصارف الصادر بموجب القانون النقدي والمصرفي 23-09 المؤرخ في :21/06/2023 والذي يعتبر أساسا قانونيا لعدة تحولات ينتظر حدوثها في النظام المصرفي الجزائري لا سيما في مجال الصرف وتحويل رؤوس الأموال ورقمنة العمليات المصرفية والعملات الإلكترونية كما تضمن ولأول مرة أحكام قانونية متعلقة بالصيرفة الإسلامية بعدما كانت سابقا تنظم بموجب تعليمات وأنظمة صادرة عن بنك الجزائر وهو ما يعتبر ترقية قانونية للصيرفة الإسلامية .

كما شهدت السنتين الماضيتين صدور عدة نصوص تعديلية لعدة نصوص قانونية متعلقة بمجال الإقتصاد والأعمال أهمهما تعديل القانون التجاري الذي جاء بتسهيلات جديدة دعما للمؤسسات الناشئة من خلال إصدار أحكام شركة المساهمة ذات الشخص الوحيد كشكل جديد من أشكال الشركات التجارية وهو ما يعد إطارا قانونيا يسهل تأسيس الشركات وتوسيعها للحصول على تمويل في حالة حاجتها لذلك.

تقييم مناخ الأعمال في الجزائر بعد صدور القوانين الجديدة

من الناحية النظرية يمر مناخ الاستثمار في الجزائر بأحسن أوضاعه منذ عدة سنوات بالنظر لتحسن مداخيل المحروقات مما يجعل السلطات العمومية في أٍريحية نسبية على الأقل، وبالنظر كذلك إلى الإستقرار الأمني والسياسي الذي تشهده الجزائر مقارنة بعدة دول في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وفي ظل التحولات الإقليمية والدولية الحالية تجعل من القطر الجزائري بيئة مميزة لجذب استثمارات دولية ووطنية مهمة،لذلك جاءت القوانين الجديدة محفزا جيدا لمناخ الاستثمار غير أن الوضع يتطلب وبشكل سريع التحكم في عدة عوامل أخرى تتمثل خصوصا في تسريع مدة إنشاء المؤسسات من خلال رقمنتها وتسهيل حصولها على العقار الاستثماري وتسهيل تزويدها بالطاقة والمياه ورقمنة قطاع الضرائب وتفعيل التحفيزات الجبائية التي أقرها قانون الاستثمار الجديد كل هذه العوامل كانت سببا في تصدر إقتصاديات دول نامية أخرى للمشهدالإقتصادي الدولي مثل تركيا وماليزيا وسانغفورة وجنوب إفريقيا .

إن هذه الوضعية تؤكد أن الجزائر أمام فرصة تاريخية، قد لا تتكرر مرة أخرى، للمرور بالإقتصاد الجزائري من إقتصاد بترولي ريعي إلى إقتصاد متنوع المداخيل يحقق التنمية العادلة والرفاهية لمختلف شرائح المجتمع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!