-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
السيناريست والمخرج محمد شرشال لـ"الشروق":

الإكراهات الاجتماعية تقف حاجزا أمام إبداع الفنان والمشاهد يتحايل على واقعه

الشروق أونلاين
  • 190
  • 0
الإكراهات الاجتماعية تقف حاجزا أمام إبداع الفنان والمشاهد يتحايل على واقعه
ح.م
محمد شرشال

دعا المخرج والسيناريست محمد شرشال في حوار أجراه مع “الشروق”، الجهات المختصة للتدخل، من أجل سن قوانين لحماية الكتابة والصناعة السينماتوغرافية والتلفزيونية كقوة ناعمة، مشيرا إلى التضييق على الإنتاج التلفزيوني الذي أصبح متفشيا في السنوات الأخيرة مما قد يحد من إبداع الفنان الجزائري.

إلى أي مدى يلتزم السيناريست الجزائري بالضوابط الاجتماعية والدينية في أثناء كتابة السيناريو؟
يلتزم السيناريست الجزائري في أغلب الأحيان بالضوابط الاجتماعية والدينية بشكل تلقائي عند كتابته للمشاهد الجزائري، لكن لا يجب أن نغفل مجالا معينا للحرية في الكتابة، فانتقاد بعض الممارسات العشوائية في حياتنا اليومية حتى وإن كانت دينية أو اجتماعية لا يجب اعتباره تعديا على الحدود والقيم، فقضية الحرية في الكتابة موضوع واسع يستوجب أخذ الكثير من الأمور بعين الاعتبار عند مناقشته، وحتى في مجال الإنتاج أصبحنا نمارس الرقابة الذاتية على أنفسنا قبل أن نتعرض لها، سواء من طرف الجمهور أم رجال الدين أم الإعلام، فالسيناريست أصبح معرضا للرقابة حتى في أبسط الأمور التي قد يمررها بشكل رمزي في أعماله الكتابية.

بحكم خبرتك في المجال، هل تقبل مقص الرقابة على كتاباتك؟
من وجهة نظري، لا يجب أن يكون هنالك رقيب على السيناريو، لأن الحرية مطلوبة في الكتابة، في وقتنا الحالي، أصبح الجميع رقيبا بداية من السيناريست الذي يمارس الرقابة الذاتية على نفسه في أثناء الكتابة، وبعده المنتج والقناة العارضة التي تمارس الرقابة على العمل قبل عرضه، مما يؤدي إلى وصول العمل باهتا وغير مفهوم إلى الجمهور الذي يؤدي دور الرقيب أيضا برفضه تسليط الضوء على بعض الظواهر الاجتماعية ونقلها إلى الشاشة كنوع من الهروب من الواقع، بدون أن يدرك أن العمل تعرض لبتر الكثير من التفاصيل الأساسية في المراحل التي سبقت العرض مما يجعله غير مفهوم وقد يخلق جدلا بسبب ذلك.

ما أبرز العراقيل التي يواجهها كتاب السيناريو حاليا؟
تكمن مشكلتنا حاليا في نقص الحرية في مجال الكتابة، فانتقاد رجل الدين في عمل تلفزيوني أو سينمائي قد يثير زوبعة من الانتقادات، بسبب العقلية الجمعية الدينية المرسخة بكون رجل الدين منزها، حتى الجمهور، يحمّل الآفات الاجتماعية في الواقع للأفراد، لكن عندما يشاهدها في أعمال درامية، فيوجه انتقاده إلى زاوية أخرى يربطها بالدين، ويقوم بتعميم الأحكام ويتهم صناع العمل بمحاربته.

ما تعليقك حول “الرقابة الافتراضية” التي تمارسها وسائل التواصل الاجتماعي؟
وسائل التواصل الاجتماعي حاليا، أصبحت تحلل وتحرم في كل المواضيع، تكفر أشخاصا وتزكي آخرين بسبب الفهم الخاطئ للدين وعدم قبول الآخر المختلف، لكن أن تصل الأمور إلى سب الفنان أو الرياضي والتنمر عليهم والتعرض لحياتهم الشخصية، فهذا يمثل في نظري جريمة وقمة في التعصب وجب التصدي لها والمعاقبة عليها.

مقارنة بالسنوات الماضية، ما الذي تغير في ذوق المشاهد الجزائري اليوم ؟
في نظري، العمل الجيد يفرض نفسه عند المشاهد بالرغم من الانتقادات التي قد يتعرض لها، فهناك أعمال مثل “جمعي فاميلي”، “الرسالة” وغيرها بقيت خالدة بالرغم من مرور سنوات على إنتاجها، بالمقابل كانت هنالك أعمال مثل “عطلة المفتش الطاهر” و”كرنافال في دشرة” تناولت بشكل تهكمي وكوميدي بعض المظاهر الاجتماعية لم يكن للجمهور تقبلها لو أنها صورت في وقتنا الحالي، والتضييق على الإبداع أصبح يزداد يوما بعد يوم، مما يستدعي تدخل الدولة لسن قوانين لحماية الكتابة والصناعة السينماتوغرافية والتلفزيونية كقوة ناعمة، فغياب سياسة ثقافية واضحة المعالم يخلق نوعا من الفوضى في مختلف المجالات بدءا من الكتابة وصولا إلى عرض العمل للجمهور، فحتى اللجان التي يتم تنصيبها لانتقاء الأعمال لا تملك من الخبرة والكفاءة والحرية ما يكفي لاختيار أعمال في المستوى أو حتى تحمّل مسؤوليتها والدفاع عن العمل عند تعرضه للانتقاد والجدل، لأن أغلبها تمارس المهام المسندة إليها ضمن لوبيات واعتبارات ومحسوبية.

ما الخطوط الحمراء التي تحرص على عدم تجاوزها في أثناء كتابة السيناريو؟
أنا أكتب للمشاهد الجزائري من منطلق أنني عربي، أمازيغي، مسلم لدي خصوصيات وطريقة إيصال الرسالة إلى المشاهد دون تجريح أو إحراج العائلة الجزائرية، من خلال استعمال الإيحاء، وهذا ما لا نجده مثلا في المسلسلات الجزائرية التي يتم إنتاجها في السنوات الأخيرة، التي تصور ظاهرة المخدرات بشكل علني مكشوف ومغاير للواقع الذي تعرف فيه الظاهرة التعامل بحذر وسرية خوفا من العواقب المترتبة عنها كجريمة، فكان من الأجدر تصوير الأثر الناجم عنها في المجتمع بدل إبرازها كآفة وهو ما يعتبر تناولا سطحيا وغير مسؤول لموضوع في غاية الأهمية.

هل يمكن اعتبار “الجدل” معيارا لنجاح الأعمال التلفزيونية؟
في نظري، أغلبية الأعمال التي تخلق جدلا، تعد ناجحة، لكونها تمكنت من استقطاب اهتمام الجمهور، لكن علينا الإشارة إلى نقطة مهمة خاصة في الجزائر، وهي نقص النقاد المتخصصين في المجال سواء في التلفزيون، السينما أم المسرح والذين يبرز دورهم في تشريح وتفكيك العمل الفني وإبراز نقاط قوته وضعفه، مما قد يساهم في توضيح المفاهيم وتقريبها وتبسيطها انطلاقا من أسس علمية وأكاديمية، سواء إلى المشاهد أم حتى إلى من ينصب نفسه “رقيبا” على العمل الفني، لأن ما نشاهده حاليا من ضجة وجدل في الساحة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، مجرد انطباعات وآراء شخصية لا يميز أصحابها بين “النقد” والانتقاد”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!