الابتزاز العاطفي بين الزوجين

سمعنا كثيرا عن جرائم الابتزاز العاطفي، التي يعمد خلالها الشخص المبتز إلى استغلال عواطف عشيقته، ليبتزها ماديا أو معنويا أو جنسيا. لكن، أن يصدر مثل هذا الانحراف من زوج ضد زوجته، فهذا، ما لا يستسيغه قلب ولا يتقبله عقل عاقل، خاصة حينما يبالغ الرجل في خسّته ونذالته، ويعمد إلى ابتزاز زوجته جنسيا، سواء باستغلال فيديوهات حميمية جمعت بينهما ذات ليلة أُنس، أم بفيديوهات خليعة لعشيقاته كي يُجبرها على الرضوخ لنزواته الشهوانية المحرمة. الأمر الذي ينعكس بالسلب على قدسية الميثاق الغليظ الرابط بينهما، وعلى نفسية الزوجة.. فكيف السبيل لتحمي نفسك من الابتزاز العاطفي أو الجنسي في إطار العلاقات الزوجية؟
تلاعب باستغلال الحب
الابتزاز العاطفي بين الزوجين، كما تعرفه الدكتورة رشيدة وشفون، استشارية أسرية وتربوية: “هو نوع من أنواع التلاعب النفسي الشديد، يمارسه أحد الزوجين (الطرف المبتز) تجاه الطرف الآخر (الطرف المُتضرر أو الضحية). وذلك باستغلال حبه، خوفه ونقاط ضعفه وعدم قدرته على معارضة رأيه. فيُلزمه ويُجبره على القيام بكل طلباته عن طريق التهديد، التسلط وحتى العقاب، لتحقيق وإشباع رغبته في السيطرة والتحكم.”
أما عن الأسباب التي تدفع المبتز إلى ابتزاز شريكه الزوجي، تضيف محدثتنا: “فهي قد تتعلق بعدم تقديره واحترامه لذاته، أو لضعف شخصيته واعتقاده بأن الابتزاز هو الطريقة الصحيحة لإظهار قوة شخصيته. وربما يرجع ذلك إلى نقص وفراغ عاطفي عاشه في محيطه الأسري، جعله يفتقد الإحساس بالأمان العائلي، أو جراء تعرضه لصدمة عاطفية قوية حوّلته إلى شخص متسلط عاطفيا.”
تهديد وإغراء
وللابتزاز العاطفي أشكال عديدة، يمكن أن يستعملها المبتز للتلاعب بشريكه الزوجي، منها كما توضح الدكتورة رشيدة وشفون:
-1 الابتزاز عن طريق عقاب الضحية لعدم تنفيذها رغباته وأوامره، باعتماد العدوانية والعنف بنوعيه، الجسدي والمعنوي.
-2 الابتزاز بخلق مشاعر الذنب: فيقوم المبتز بإلقاء اللوم دائما على الطرف الآخر لإشعاره بالذنب وتحميله كل المسؤوليات.
-3 الابتزاز بالإغراء: عن طريق إغواء الشريك الزوجي بالإيجابيات والنتائج الجيدة التي سينالها في حالة تلبية رغباته.
-4 الابتزاز بالتهديد: سواء بالطلاق أم بالزواج مرة أخرى، في حال ما لم تنفذ الزوجة أوامره.
-5 الابتزاز بعقاب الذات: حيث يربط المبتز العقاب بشيء يضره شخصيا إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما يريده، كأن يمتنع عن الأكل والشرب مثلا، أو التمارض، أو حتى التهديد بالانتحار.
-6 الابتزاز بالاستغلال المادي: فيستغل المبتز حب الطرف الآخر للسيطرة والتحكم في ماله.
رجال يبتزون زوجاتهم بفيديوهات خليعة
ومع التطور التكنولوجي تطور الابتزاز العاطفي إلى ابتزاز جنسي، مثلما صادفته وسجلته أستاذة علم الاجتماع، سعاد توينة، من خلال عملها في الإصلاح الاجتماعي والعائلي، حيث تتأسف لقيام الكثير من الأزواج بتصوير فيديوهات خليعة لهم رفقة عشيقاتهم ثم ابتزاز زوجاتهم بها، فإما أن تقبل الزوجة بممارسات حميمية محرمة أو شاذة مع زوجها أو يُهددها باللجوء مرة أخرى إلى تلك العشيقة التي ستستجيب لرغباته تلك، وتُشبعها بكل رضا وسلاسة، الأمر الذي يُرغم الكثيرات على الانصياع لتلك المطالب الشهوانية المنحطة.
والأسوأ من ذلك، كما تضيف محدثتنا، هو إقدام بعض الرجال على تصوير المطارحات الغرامية وتفاصيل المعاشرة الحميمية الزوجية، ثم استخدام تلك الفيديوهات لاحقا لابتزاز الزوجة لشتى الأسباب والمطامع، خاصة عند الطلاق أو الخلع، لإجبار الزوجة على التنازل عن حقوقها مثلا. وهذا ما يُشير إلى شخصية سيكوباتية أو غير متحملة للمسؤولية.”
هدم للحياة الزوجية
للابتزاز العاطفي أضرار كثيرة وكبيرة، فهو، كما تحذر الدكتورة رشيدة وشفون: “قد يهدم العلاقة الزوجية، ويصيب الطرف المتضرر بالاضطرابات النفسية، ويُفقده ثقته بنفسه وتقديره لذاته جراء تعرضه لشتى أشكال التهديد والعنف والتسلط، إضافة إلى شعوره الدائم بالقلق والتوتر والخوف، ما يُضعف شخصيته ويحدث لديه اختلالا في توازنه النفسي والفكري والصحي، ناهيك عن تضرر الأبناء لعدم إحساسهم بالأمان الأسري، ما قد يعرضهم لاكتساب نفس السلوك مستقبلا.”
كيف تحمي نفسك من الابتزاز العاطفي؟
ولكي تحمي الضحية نفسها من تلاعبات الشريك الزوجي المبتز، تنصح الاستشارية الأسرية رشيدة وشفون بما يلي:
-يجب أن تتجرأ الضحية على قول كلمة لا في العديد من المواقف التي لا تتوافق فيها مع شريك حياتها، ودفاعها عن نفسها.
-تعلم أسلوب المواجهة في المواقف التي تتطلب ذلك، وتخلصها من خوفها وتعزيز ثقتها بنفسها.
-محاولة إرشاد المبتز ونصحه بالذهاب لمختص نفسي.
-طلب الانفصال في حالة الضرر النفسي الشديد والضغط الكبير، وحماية لصحة الأبناء النفسية والجسدية والفكرية.