الاحتراف يرفع بطاقة الفنان إلى خشبة الجدل 

عاد الجدل حول “بطاقة الفنان” إلى الواجهة، مؤخرا، في الساحتين الثقافية والفنية، مع بداية إطلاق الفيديوهات الترويجية لمختلف الاعمال التلفزيونية المنتظر عرضها خلال شهر رمضان الكريم، التي كشفت عن وجوه جديدة من الممثلين، سبق للجمهور اكتشافها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تنتقل إلى الشاشة الصغيرة.
ورغم أن القانون الأساسي للفنان، الذي صدر في العدد الـ70 للجريدة الرسمية بمرسوم رئاسي رقم 23- 376 مؤرخ في 7 ربيع الثاني عام 1445 الموافق 22 أكتوبر سنة 2023، قد حدد حقوق وواجبات الفنان بشكل مفصل، إلا أن الجدل لا يزال قائما حول أحقية البطاقة لفئة عن غيرها، من جهة وعن معايير تسليمها وتسميتها من جهة أخرى.

الممثلة نوال مسعودي:
تسمية “بطاقة الفنان” إجحاف في حق المحترفين
دعت الممثلة نوال مسعودي في تصريحها للشروق، المسؤولين عن قطاع الثقافة والفنون إلى إعادة النظر في الأطر التنظيمية لبطاقة الفنان، مشيرة إلى نوع من العشوائية في منحها بالنظر إلى المعايير المعتمدة في ذلك، قائلة إنه من غير المنطقي حصول شخص على بطاقة فنان، فقط لكونه حصل على فرصة المشاركة في عمل تلفزيوني أو سينمائي، مؤكدة أن ذلك لا يخوله بالضرورة أن يكون فنانا مثله مثل الفنانين الذين يملكون خبرة طويلة أو تكوينا أكاديميا في المجال، بل عليه أن يثبت جدارته في الميدان، من خلال المشاركة في العديد من الأعمال الفنية، واكتساب الخبرة حتى توضح أمامه الرؤية للمواصلة في المجال من عدمها، ويثبت أحقية الحصول على البطاقة لدى اللجنة التابعة للمجلس الوطني للفنون والآداب.
وأضافت الممثلة نوال مسعودي في حديثها، قائلة: إن تسمية “بطاقة الفنان” مجحفة في حق الفنانين المحترفين المنتسبين إلى قطاع الثقافة، الذين من المفروض أن يحصلوا على “بطاقة مهنية”، تحدد مهنتهم بشكل مفصل، مشيرة إلى أنه من غير المنطقي منح هذه البطاقة لأشخاص ينتمون إلى أسلاك أخرى، يتقاضون منها أجورهم بصفة دورية، بمجرد مشاركتهم في عمل فني بشكل مناسباتي، وبالتالي، فإن إنشاء نقابة للفنانين من شأنها تحديد صفة الفنان الحقيقي، أصبحت ضرورة ملحة لضمان كرامة الفنان مثلما هو معمول به في مختلف الدول.

الممثلة ياسمين عبد المومن:
“بطاقة الفنان” تمنح صفة الفنان لكنها لا تصنع منه مبدعا
من جهتها، عبرت خريجة المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي بصري، الممثلة ياسمين عبد المومن للشروق، عن رفضها لفكرة منح “بطاقة الفنان” من أول مشاركة فنية لطالب البطاقة أو استنادا إلى الموهبة لوحدها، كما دعت بالمناسبة إلى التكوين، كخطوة لإثبات جدارة الولوج إلى عالم الفن، مشيرة إلى أن “بطاقة الفنان” ليست تأشيرة مؤكدة لدخول المجال، ولا تخول صاحبها لإثبات قدراته، ولكنها، تبقى وثيقة رسمية وجب المثابرة وإثبات الجدارة للحصول عليها بعد سنوات من الجد والعمل لاكتساب الخبرة التي تخول صاحبها نيل صفة “الفنان” بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مشيرة إلى أن الساحة الفنية تسع الجميع وما على الراغبين في الإبداع فيها سوى إثبات جدارتهم لذلك، فيما دعت المجلس الوطني للفنون والآداب إلى اعتماد معايير أكثر وضوحا وصرامة لمنح “بطاقة الفنان” تستند أساسا إلى الخبرة الكافية والتكوين.

المخرج يحي مزاحم:
أغلبية الفنانين الذين يشاركون في أعمالي يملكون بطاقة الفنان
كشف المخرج يحي مزاحم للشروق، أن أغلبية الفنانين الذين يشاركون في أعماله يحوزون بطاقة الفنان، وهو ما يجسد المادة 30 من القانون الأساسي للفنان، التي تنص على أن حامل بطاقة الفنان يحظى بالأولوية في التشغيل بنسبة 70 % من مجموع الفنانين المشاركين في الأعمال والنشاطات الفنية، إلا أنه يحرص دائما على فتح المجال أمام الوجوه الجديدة، ومنح الفرصة لمختلف الموهوبين، حتى من مواقع التواصل الاجتماعي، شريطة استجابتهم للمعايير المطلوبة في العمل الفني، فيما أكد مزاحم حثه الدائم للشباب على التكوين “غير العشوائي”، لصقل مواهبهم على أسس أكاديمية سليمة، من شأنها تنمية قدراتهم والرقي بأدائهم الفني.

الممثل سعيد رزايقية (بوخشبة):
وسائل التواصل الاجتماعي عرفتني للجمهور لكنها لم تصنع موهبتي 
عبر الوجه الجديد، سعيد رزايقية، المدعو “بوخشبة”، عن استيائه من الجدل الذي صاحب استلامه بطاقة الفنان قبل أيام، مشيرا إلى أنه تعرض للظلم بسبب إطلاق أحكام مسبقة عليه، دون معرفته أو الاطلاع على أعماله، حيث أوضح “بوخشبة” في اتصاله مع الشروق أن دخوله عالم الفن لم يكن وليد الأمس، بل يعود لسنوات مضت، إذ شارك في العديد من الأعمال السينمائية والأفلام القصيرة، وحتى المسلسلات التلفزيونية، آخرها مسلسل “عين الجنة”، للمخرج كريم موساوي، رفقة نخبة من الفنانين الجزائريين، على غرار الراحل حليم زريبع والقديرة جميلة عراس، الذين أشادوا بقدراته في التمثيل، مضيفا أن إطلالته على مواقع التواصل الاجتماعي شكلت له قاعدة جماهيرية واسعة، ولكنها، ليست هي ما لقنه التمثيل الذي كان حلم طفولته الذي جاء متأخرا، كما استغرب بوخشبة من الهجوم الذي تعرض له على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب حصوله على بطاقة الفنان، مؤكدا أنه قدم ملفا كاملا للمجلس الوطني للفنون والآداب يضم كل الوثائق المطلوبة وروابط الأعمال التي شارك فيها كإثبات، واللجنة هي التي قررت منحه البطاقة، بعد معالجتها ملفه، مؤكدا أن هذا الجدل لن يقلل من عزيمته أو يشكك في قدراته التي قرر دعمها بالتكوين لإثبات أحقيته بهذه البطاقة.

رئيسة المجلس الوطني للفنون والآداب جازية فرقاني:
القانون الأساسي للفنان بات واضحا بخصوص “بطاقة الفنان” 
من جهتها، قالت رئيسة المجلس الوطني للفنون والآداب، جازية فرقاني، للشروق، إن المجلس لا يمكنه إقصاء أي مبدع تتوفر فيه الشروط والمعايير التي أقرها القانون الأساسي للفنان في مادته 17 التي تنص على تسليم “البطاقة” للفنان ولتقني الأعمال الفنية وإداري الأعمال الفنية الذين يمارسون المهن الفنية المنصوص عليها في المادة 23 والمتمثلة في مجموع المهن التي يمارسها الفنان من خلال الإبداع أو المشاركة بعمله الفني أو الأدبي أو التقني أو الإداري في الإبداع وإعادة الإبداع الفني أو في أدائه أو تنفيذه، بأي شكل كان، وعلى جميع الدعائم والوسائط، مشيرة إلى أن بطاقة الفنان تثبت صفة المبدع وتخوله الاستفادة من جميع الحقوق المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما، فيما تحدد وتحين مدونة المهن الفنية بموجب قرار من وزير الثقافة والفنون بعد موافقة المجلس الوطني للفنون والآداب عليها، وفق جملة من المعاير، بحسب كل مجال فني كالمسرح، الأدب، الموسيقى، فنون العرض، الكوريغرافيا، الفنون البصرية وغيرها، لتقوم اللجان الفرعية، بحسب المهن الفنية، بدراسة ملفات طالبي بطاقة الفنان، مع مراعاة الوثائق الداعمة للمهنة المطلوبة ومطابقتها للروابط التي تثبت ما ورد في الملف والسيرة الفنية لطالب البطاقة على مدى السنوات الخمس الأخيرة، قبل الفصل في منح البطاقة من عدمه، مشيرة إلى إمكانية سحبها من مالكها، في حال الاستغلال العشوائي، أو اكتشاف تزوير في الوثائق الداعمة للملف، أو عدم مطابقتها.