-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مجزرة ويتكوف أو حينما تُوزّع أمريكا الرصاص على أجساد المُجوّعين

الاحتلال حوّل مراكز التوزيع لمصائد موت… 30 شهيدا في مذبحة “المساعدات” برفح

الاحتلال حوّل مراكز التوزيع لمصائد موت… 30 شهيدا في مذبحة “المساعدات” برفح
ح.م

استشهد 30 مدنيا على الأقل، قرب مركز توزيع المساعدات في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعدما استهدف الاحتلال، صباح الأحد، تجمعا لفلسطينيين حاولوا الحصول على مساعدات إنسانية.
وجريمة الأحد في حق المدنيين الجوعى، في واحدة من أبشع المجازر التي يشهدها قطاع غزة، أفادت عائلات فلسطينية بأنهم تلقوا إشارات من الجانب الأمريكي لدخول “مناطق آمنة” في رفح لاستلام المساعدات الإنسانية، لكنهم فوجئوا بقوات الاحتلال الإسرائيلي تفتح النار عليهم، مما أسفر عن مقتل العشرات وإصابة المئات.

الأمريكيون قالوا لنا ادخلوا والإسرائيليون قتلونا
بحسب شهادات الناجين، دعت الجهات الأمريكية السكان للتوجه إلى مركز توزيع المساعدات في منطقة المواصي غرب رفح، تحت مزاعم توفير ممرات آمنة، إلا أن هذه الدعوات تحولت إلى مصيدة مميتة، حيث استهدفت طائرات ومدافع الاحتلال المدنيين العزل أثناء تجمعهم.
واحدة من النساء الناجيات من المجزرة كانت تقف عند جامع معاوية في رفح، مثل كثيرين آخرين تجمعوا بحثًا عن بصيص أمل وسط الظلام الدامي. كانت الكلمات التي تلقتها هي ذاتها التي تلقاها الجميع: “انتظروا حتى السادسة فجراً وستدخلون لاستلام المساعدات”. الأمريكيون قالوا لهم ذلك. كانت الوعود واضحة، وكان الجميع يُمسك بخيوطها كالغريق الذي يتمسك بقشة.
تابعت شهادتها “قال لنا الأمريكي: نصف ساعة وستدخلون. اوقفوا في سطر واحد منتظم حتى تدخلوا”، تقول أم محمود، وعيونها مليئة بدموع الألم والخوف. “انتظمنا كما طلبوا منا، الرجال والشباب والسيدات وحتى الأطفال. ثم أعطونا الإشارة بالدخول.”
ولكن ما كان ينتظرهم لم يكن المساعدات، بل كان الموت. في لحظةٍ تحوّل الصمت إلى ضجيج الرصاص، والهدوء إلى صراخ مختلط برائحة الدم والبارود. “بدأت الدبابات الإسرائيلية تطلق النار، وسمعنا الجنود يصرخون من مكبرات الصوت: ‘فلسطيني جعان، اخرج!’، وكأنها نكتة سخيفة تُطلق من أفواه قاتلة.”
“الشهداء بدأوا يتساقطون أمام أعيننا. الأرض اشتعلت ناراً. كل شيء حولنا تحول إلى جحيم، الشباب يسقطون، النساء تصرخ، والجثث تملأ المكان.”
لم تكن المأساة تنتهي عند هذا الحد. حاول البعض إنقاذ الجرحى وسحب الشهداء الذين تحولوا إلى أجساد متفحمة، ولكن حتى ذلك لم يكن ممكنًا. “كان الرصاص لا يتوقف، والدبابات لا ترحم. سيارات الإسعاف حاولت الاقتراب، ولكنها تعرضت لإطلاق النار أيضاً. لم يسمحوا لنا حتى بإنقاذ أنفسنا.”
تضيف المرأة وهي تعجز عن وصف الفاجعة “الأمريكيون قالوا لنا ادخلوا، والإسرائيليون أطلقوا النار. لقد خدعونا. جعلونا نثق بأن هناك من سيُساعدنا، ولكنهم دفعونا إلى موت محقق لقد كانت الدماء منتشرة على الأرض، والشهداء بالعشرات.”
في تلك اللحظة، عند السادسة فجراً، ارتقى 35 شهيداً، بينهم أطفال ونساء كانوا يحلمون بلقمة خبز أو بعلبة حليب تسد جوع أطفالهم. الأرض التي امتلأت بالدماء لم تحمل فقط جثث الشهداء، بل حملت شهادة على خيانة الوعد، وجريمة ترتقي إلى أبشع درجات الوحشية.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن “الاحتلال ارتكب مجزرة مروّعة بحق المدنيين الجوعى، الذين احتشدوا عند ما يُسمى بنقاط توزيع المساعدات الإنسانية، التي تشرف عليها شركة أمريكية–إسرائيلية وتُؤمنها قوات الاحتلال داخل ما يُعرف بالمناطق العازلة في رفح”. وأضاف أن هذه النقاط تحولت إلى “مصائد موت جماعي” بدل أن تكون مواقع إغاثة، واصفاً المشهد بأنه “دموي يعكس الطبيعة الحقيقية لهذا المشروع”.
وحمّل المكتب الإعلامي حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية “المسؤولية الأخلاقية والقانونية الكاملة” عن هذه المجازر، مؤكداً أن ما يحدث هو “استخدام ممنهج وخبيث للمساعدات كأداة حرب” تهدف إلى ابتزاز المدنيين الجوعى وتجميعهم قسرياً في نقاط قتل مكشوفة، تُدار وتُراقب من جيش الاحتلال وتُغطى سياسياً وماليًا من الولايات المتحدة”.
وأكّد البيان أن التجربة الميدانية والتقارير المحلية والدولية أثبتت “فشل وخطورة مشروع المساعدات عبر المناطق العازلة”، الذي اعتبره “غطاءً عسكرياً لسياسات الاحتلال”، يُستخدم لتجميل جرائم الحرب تحت لافتة “الاستجابة الإنسانية”، بينما تواصل سلطات الاحتلال إغلاق المعابر الرسمية ومنع دخول المساعدات من الجهات الدولية المحايدة.
ووصف المكتب الإعلامي الجريمة الجديدة بأنها “دليل إضافي على المضي في خطة إبادة جماعية ممنهجة”، ترتكز على تجويع السكان أولاً، ثم قتلهم عند نقاط توزيع الغذاء، مؤكداً أنها تُعدّ “جريمة حرب مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي”، وتحديدًا المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
وفي أول تعليق لها، اعتبرت حركة “حماس” أن مجزرة رفح الجديدة “تؤكد الطبيعة الفاشية للاحتلال وأهدافه الإجرامية من استخدام المراكز الواقعة تحت سيطرته كمصائد لاستدراج الجوعى الأبرياء”. وأضافت الحركة في بيان رسمي أنها “تحمّل الاحتلال والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر”، مطالبةً الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي بشكل خاص، بـ”اتخاذ قرارات عاجلة وملزمة تُجبر الاحتلال على وقف هذه الآلية الدموية، وفتح معابر غزة فوراً، وتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة”.

الفصائل تدين المجزرة
كما دعت “حماس” الدول العربية والإسلامية إلى التحرّك العاجل لـ”إغاثة الشعب الفلسطيني ووقف حرب الإبادة الوحشية، وضمان دخول المساعدات دون قيد أو شرط”.
من جهتها، اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن ما جرى “جريمة إبادة جماعية بتواطؤ دولي ومشاركة أمريكية”، مشيرةً إلى أن “ما يُسمى بالممرات الإنسانية ما هي إلا أدوات إجرامية تُستخدم كجزء من حرب الإبادة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني”. ودعت الجبهة إلى “تدخل دولي وعربي عاجل وفرض آليات محاسبة صارمة على الاحتلال، وكسر الحصار فوراً”.
أما حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، فقد حمّلت الاحتلال ومَن وصفته بـ”المركز الأمريكي” المسؤولية عن المجزرة، معتبرةً أن “نقاط توزيع المساعدات تحوّلت إلى مصائد للموت وإذلال الناس”. وأضافت أن “على المؤسسات الدولية التخلي عن الاكتفاء بالبيانات والدعوات، والتحرك الفعلي لتأمين آليات توزيع إنسانية تحترم كرامة الفلسطينيين وتضمن سلامتهم”.
وفي السياق ذاته، أدانت حركة المجاهدين الفلسطينية ما وصفته بـ”التواطؤ والصمت الدولي” تجاه “سياسة التجويع وجرائم الإبادة الجماعية”، محمّلة الإدارة الأمريكية والرئيس السابق دونالد ترامب “المسؤولية الكاملة” عن المجازر، في ضوء الإشراف الأمريكي على آلية توزيع المساعدات الحالية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يرتكب فيها جيش الاحتلال مجزرة بحق الفلسطينيين المتوجهين للحصول على مساعدات إنسانية، ففي يوم الأربعاء الماضي ارتكب مجزرة بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعدما فتحت نيران رشاشته بشكل مباشر على حشود من الفلسطينيين الجوعى الذين تجمّعوا بشكل سلمي عند مراكز توزيع المساعدات، ما أسفر عن استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة 62 آخرين بجراح متفاوتة.
وهذه المجازر قرب نقاط توزيع المساعدات، تأتي ضمن نمط ممنهج من استخدام المساعدات كأداة حرب، عبر مشروع مشبوه تُديره مؤسسة تُعرف باسم “غزة للإغاثة الإنسانية” (GHF)، التي تعمل – بحسب البيان – بإشراف مباشر من جيش الاحتلال، وتفتقر إلى الحد الأدنى من مبادئ العمل الإنساني، كالنزاهة والحياد والاستقلال. وأكد المكتب أن مراكز التوزيع التي يُفترض أن تُخفف من معاناة السكان، تحوّلت فعلياً إلى **“غيتوهات عزل” تُعيد إنتاج سياسات عنصرية هدفها التجويع والإذلال، بل والقتل عند أبواب الخبز”.
وتثير هذه المجازر المتكررة قرب نقاط توزيع المساعدات، التي تعمل تحت إدارة مؤسسة تُعرف باسم “غزة للإغاثة الإنسانية” (GHF)، تساؤلات متزايدة حول أهداف تلك الآلية.

إذ تعمل المؤسسة بإشراف مباشر من جيش الاحتلال، وتفتقر – وفق منظمات حقوقية – إلى الحد الأدنى من مبادئ العمل الإنساني، كالنزاهة والحياد والاستقلال، ما يجعل منها أداة محتملة لتوظيف المساعدات كجزء من استراتيجية عسكرية تستهدف تجويع وإذلال السكان، بدل إنقاذهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!