الازدحام المروري يعكر عطل الجزائريين

أضحت، للأسف، السياحة في الجزائر، مرادفا للمعاناة والإرهاق، ليس فقط بسبب الغلاء، الذي تأقلم معه المواطن رغما عنه، إنما بسبب الفوضى والازدحام المروري الرهيب، هذا الأخير الذي حول عطلة الجزائريين إلى جحيم حقيقي حتى وهم في رحلة البحث عن الراحة، الأمر الذي يستوجب إتمام جل المنافذ السريعة المؤدية إلى الساحل الجزائري مع إنجاز محاور ثانوية تكون بمثابة منافذ للنجدة وفي نفس الوقت طرق سياحية يستمتع من خلالها الزائر بالمناظر الطبيعية الخلابة، وذلك بعيدا عن مشاهد الفوضى و”النرفزة” التي تبقى لصيقة بالطرقات المتوفرة حاليا، أغلبها غير مزدوجة، وهو الواقع الذي عكر رحلة الجزائريين باتجاه الشمال حتى قبل وصولهم إلى شواطئ البحر.
وروت في هذا الصدد إحدى العائلات، معاناتها التي دامت قرابة سبع ساعات على طريق سطيف- جيجل مرورا ببجاية، وهي الرحلة التي كان بالإمكان اختصارها إلى 45 دقيقة عبر طريق العلمة- جن جن “المعطل” الأمر الذي حتم على زوار ولاية جيجل المرور عبر طريق بجاية، هذا الأخير الذي أضحى بمثابة كابوس جراء عدم ازدواجيته انطلاقا من حدود ولاية سطيف وصولا إلى مدينة سوق الاثنين، ما جعل من المقطع محل حديث، يغرق في ازدحام مروري رهيب، يأتي هذا رغم قرار منع سير الشاحنات الثقيلة على الطريق المذكور خلال الفترات الصباحية، وهو ما حول الرحلة بين سطيف وبجاية إلى أشبه بـ”مغامرة” محصورة بين الأنفاق والمنعرجات وخطر السقوط في المنحدرات.
يأتي هذا رغم إطلاق الدولة لمشروع عصرنة وازدواجية الطريق الاجتنابي لأنفاق خراطة، هذا الأخير الذي شهد تأخرا فظيعا في الإنجاز، ليتبخر مرة أخرى حلم وضعه حيز الخدمة مع بداية موسم الاصطياف الجاري، والأغرب من ذلك أن السلطات المحلية قد قامت بغلق الشطر الأول من الطريق الاجتنابي للأنفاق في وجه حركة السير لمدة شهر، وذلك قبل تمديد هذه الفترة “دون سابق إنذار” إلى أجل غير معلوم، ما حتم على مستعملي طريق بجاية- سطيف المرور عبر كامل أنفاق خراطة ذهابا وإياب، وسط الظلام الدامس، جراء التعطل المتكرر للإنارة داخل الأنفاق، والإشكال المطروح أن الطريق الاجتنابي لأنفاق خراطة لن يحل لوحده مشكل الازدحام المروري الذي يغرق فيه هذا الطريق، كون دخول المقطع حيز الاستغلال سينقل بكل بساطة الازدحام إلى حدود منطقة برج ميرة مع تحرير أنفاق خراطة من هاجس السير في الاتجاهين وهو ما يقلص من احتمال وقوع الحوادث بداخلها.
ثقافة المشي غائبة
وتتواصل معاناة زوار ولاية جيجل، عبر الطريق الوطني رقم 43 مرورا بملبو، حيث يكون الازدحام المروري في انتظار الزوار بطريق الكورنيش بسبب الركن العشوائي للسيارات بمحيط شاطئ الكهوف العجيبة، ما يستدعي توسيع الطريق بالمكان المذكور مع استحداث حظائر سواء بمنطقة “أولاد بونار” أين تكثر المطاعم أو بمنطقة “أفتيس” بإقليم بلدية العوانة مكان تواجد شاطئ الكهوف، في حين أضحى على المواطن التحلي بثقافة “المشي” وبالتالي التقليل من استخدام السيارة على مسافات قصيرة.
وينصح المتعودون على طرقات المنطقة بالانطلاق باكرا لتفادي الازدحام المروري والعودة بعد منتصف الليل لنفس الأسباب، فيما ينصح آخرون بالولوج عبر طريق عين كبيرة- بابور وعلى طريق بني عزيز- تاكسنة، أين يستمتع الزائر بمناظر طبيعية خلابة في حين يفضل آخرون طريق الميلية- جيجل رغم تضاريسه الوعرة، وهو ما يعني أن المواطن أضحى يعرض حياته للخطر هروبا من الازدحام المروري، وذلك في انتظار استكمال أشغال منفذ الطريق السريع العلمة- جن جن، وهو مطلب ملح ليس فقط لدى سكان ولاية جيجل، كون المشروع يكتسي أهمية كبيرة اقتصاديا وسياحيا، علما أن ولاية جيجل قد اقتحمت القاموس السياحي الجزائري بكل قوة وذلك بفضل المؤهلات التي تتميز بها على غرار جزيرة الأحلام وجزيرة أندرو أو “الصخرة السوداء” وحديقة الحيوانات بالعوانة وغابة ڤروش والكهوف العجيبة وعين المشاكي، مكان تواجد منبع الماء العجيب الذي يستقطب آلاف الزوار سنويا، وطريق تازة والواجهة البحرية بومارشي والواجهة البحرية كتامة ووادي أزاون وجبال الزان وفيها أيضا أفضل وأجمل الشواطئ “النقية” على غرار شاطئ بني بلعيد الساحر وشاطئ سيدي عبد العزيز وكتامة وزواي وولاد بونار والكريار والمنار الكبير وكيسير وشاطئ الصخرة السوداء وشاطئ شكرموط ومريغة وشاطئ العوانة مع جزيرة الأحلام وشاطئ أفتيس وشاطئ تازة وشاطئ الولجة وشاطئ تاسوست.
كما يتواجد مثلها المئات من الشواطئ الساحرة على طول الساحل الجزائري من الشرق إلى الغرب، يكفي فقط إعطاء الأهمية اللازمة لقطاع السياحة “بديل النفط” علما أن السياحة ليست فقط فنادق ومخيمات بل تتعداها إلى أمور أخرى كالطرقات وتدفق الانترنيت وخدمات النقل على مدار اليوم، والإطعام وحسن المعاملة وساحات واسعة وأرصفة غير محتلة وإنارة دائمة وأسعار معقولة ونظافة وأطباق في القمة ومياه على مدار الساعة.. مع ضرورة القضاء على “مهنة” الحظائر التي أرقت المواطن وعكرت يومياته.