-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الاستهانة بالموت! 

الاستهانة بالموت! 
ح.م

ندخل الشهر الرابع، منذ بداية أولى رذاذ عاصفة الوباء القاتل، ومازالت الأرقام في الجزائر تشير إلى معدّل وفيات لا ينزل عن العشرة يوميا، بل إن الأرقام الأخيرة زادت من مخاطر الموت، بعد أن فاق عدد المتواجدين في العناية المركّزة خمسين مريضاً، ولم يكن الرقم يجتاز العشرين مريضا إلا نادرا. وفي الوقت الذي ينصح الكثيرون، وغالبيتهم يصرّون على ضرورة إعادة الحياة إلى سابق عهدها، من خلال تفكيك كل القيود، وترك الناس يمارسون نشاطاتهم التجارية والسياحية والترفيهية والاجتماعية والتعبُّدية والرياضية، نلاحظ بأن الكثير منهم قد حوّل الحيطة من الوباء، وعدواه القاتلة، إلى مجرّد إجراء قانوني، يطبّقه أمام أنظار رجال الأمن، على شاكلة ما يقوم به بعض سوّاق المرْكبات، الذين لا يلتزمون بحزام الأمن إلا عندما يقتربون من الحواجز الأمنية. ولن يبذل أي جزائري أدنى جهد ليرى مدى استهتار الناس بالنصائح الوقائية العالمية، ومدى عودتهم إلى حياتهم الطبيعية التي لا تختلف عما قبل زمن كورونا.

أمام الجزائريين الكثيرُ من النماذج الصحية الإنسانية من كل قارات العالم، التي بيّنت كيف سارت منحنياتُ الوباء في تصاعدها ونزولها، وحتى في استقرارها في نفس الأرقام، وهناك من الأمم من ضحّت وخسرت ملايير الدولارات وأوقفت الحياة نهائيا، وكانت تحصي موتاها بالآلاف يوميا، ولكن صبرها أعطى أكله، وعلى الرغم من دخولها فترة التعافي نهائيا، والسيطرة الكاملة على مسار الوباء، إلا أن الاحتياط فيها تواصل بحرص شديد، ومنها من قرّرت أن تبقى على نفس تدابير الوقاية، من خلال التباعد الاجتماعي والغسل الدائم وجعل الكمامة قطعة قماش ضمن لباس الأمة، إلى غاية اكتشاف لقاح مضمون النتائج، ولو بعد سنوات عديدة.

لقد التزم الجزائريون في قلب زمن الوباء، وحققوا نتائج حسنة من خلال تفادي بعض السيناريوهات المؤلمة التي حدثت ومازالت، في كثير من بلدان العالم، من إيطاليا إلى إسبانيا إلى روسيا والبرازيل، وكانوا يشاهدون بأمِّ العين ثمار التزامهم في البليدة والجزائر العاصمة، ولكنهم في فترة الحسم، ظهر عليهم تراخي غير مقبول، بلغ درجة الاستهانة بالموت، وأعادوا الأرقام إلى التصاعد، بالرغم من أنَّ الأمر لا يتطلب أكثر من تباعدٍ اجتماعي ووضع قطعة قماش في شكل كمامة وإنفاق عشرين ثانية بين فترات الرغي وتضييع الوقت، في غسل اليدين بقطرات ماء لن تزيد من فاتورة الاستهلاك سوى سنتيمات من النقود.

لم يكن “مهر” تجنُّب وباء كورونا أكثر من سلوكات إنسانية راقية، من خلال تجنُّب استنشاق ما يقذفه عامة الناس، من رذاذ ممزوج بالبكتيريا والفيروسات، وتفادي التجمُّعات الجسمانية والقبلات الاستعراضية التي لا تعني حبا ولا إخلاصا ولا صداقة، والمداومة على غسل اليدين بالماء والصابون، مقابل الحصول على صحة جيدة، تمنع الداء الجسدي والاقتصادي، ولم تكن نتائجها غير تذكير الأمم بأنها أهملت صحتها في رحلتها نحو المال والسلاح، ومع ذلك هناك من عجز أمام هذا المهر ورفض هذه النتائج.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • أعمر الشاوي

    الجاهل هو الذي يستهتر بالموت, أنت تتكلم عن شعب لا يؤمن أصلا بهذا المرض و ما زال يكذب ألى حد الساعة , الجهل أخطر من الوباء في حد ذاته , كل الدول ستتغلب على هذا الوباء إلا الجزائر ما دام فيها شعب جاهل شعب طابورات شعب تاع زرد في الأعراس و الجنائز ,

  • لزهر

    نفتقر للترتيب و التنظيم
    و الوعي

    كان من الارجح خروج فرق la protection civil إلى الميدان و هذا لم نشاهده وهي المسؤولة عن مثل هذه الكوارث لتحسيس المواطن و رأينا مكانها فرق للشرطة و هذا عبارة عن خلط أو سوئ تفاهم.
    منحة المليون مثلا كان من المفروض صبها في حساب المواطن الخاص بالضمان الاجتماعي و سحبها عن طريق موعد بالهاتف و ليس البلدية و هذا ما تسبب في تدافع كبير أمام مقر البلديات
    ثم يأتي دور الحماية المدنية و السلك الطبي
    ثم المواطن
    عدم التنسيق الجيد بين هذه الأجهزة زاد من ارتباك المواطن لان هذه الأجهزة تسير بدون مخطط واحد و كل على حدا.