-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“البُوحمرون” يهزم مُستشفيات السّويد؟!

محمد حمادي
  • 3546
  • 9
“البُوحمرون” يهزم مُستشفيات السّويد؟!

أمراض القرون الوسطى التي انقرضت في بلدان كانت توصف إلى وقت قريب بأنّها فقيرة وتتذيل ترتيب الدول في مجال الرّعاية الصحية، ها هي تعود لتضرب بقوة في بلدٍ وصفه أحد عرابي تسويق الوهم بأنه “أفضل من السويد”، حتى جاءنا بأسُ “البوحمرون” بياتا؛ فهزّ منظومتنا الصّحية المتهالكة، وعرّى سياسة التسيير العرجاء للهياكل الاستشفائية، التي لم تقو على مواجهة هذا الداء الخطير، فهزمها بالضّربة القاضية، ونحن في الألفية الثالثة؛ حيث لا صوت يعلو فوق صوت التكنولوجيا المتطوّرة، التي توفر تجهيزات طبية فائقة الدّقة، تشخِّص المرض وتساعد في وضع العلاج المناسب له!

وزير الصحة مختار حسبلاوي الذي أعلن الاثنين الفارط عن تسجيل 600 إصابة بداء “البوحمرون” في ولايتي الوادي وورقلة، عزا انتشار هذا الداء الخطير إلى عدم حرص المصابين على التلقيح، لكن أين حملات التحسيس والتوعية الجادّة التي من المفترض أن تطلقها مديريات الصّحة عبر الولايات؟ لماذا غاب التنسيق بين هذه المديريات والجمعيات والمؤسسات التربوية؟ أين دور الوزارة الوصية في رسم معالم خارطة صحية على المديين المنظور والبعيد لمواجهة الأوبئة ومختلف الأمراض الفتاكة؟

الحقيقة المرّة، هي أنّ تسويق الوهم على أنّه حقيقة، أضحى ديدنا للمسؤولين عندنا على اختلاف مناصبهم وتعددّ قطاعاتهم، عبر تصريحات يقارنون فيها ما لا يقارَن، فازدادت الأوضاع بؤسا على كافة الأصعدة؛ فعوض الإسراع في تقديم الحلول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتجنب كارثة صحية وشيكة، يتخفى المسؤولون عندنا وراء تبريرات واهية، يتسابق فيها الجميع لإلصاق التهم بالجميع؛ فتكون الحقيقة أكبر ضحية، ومعها أولئك الأهالي الذين فقدوا ذويهم بسبب مرض، تصادمت الروايات بشأنه في مناسبات عدّة، إذا كان “بوحمرون” أو طفحا جلديا أو حتى انفلونزا موسمية؟!

“البوحمرون” الذي ضرب بقوة ليزعزع السّكينة، ويخطف الطمأنينة من أهالي مدينة الألف قبّة وقبّة، مسجِّلا المئات من حالات الإصابة، فضلا عن عدد من الوفيات خاصة بين الأطفال، أثبت أنّ قطاع الصحة ببلادنا، دخل غرفة الإنعاش في ولايات، وشُيّع إلى مثواه الأخير في أخرى، ما يزال مرضاها يقطعون الآلاف من الكيلومترات من أجل فحص بالأشعة، أو حصة علاجية بسيطة، تؤمِّنها أصغر العيادات الطبية.  

قطاع الصحة الذي صوّره بعض المسؤولين عندنا على أنّه يحاكي تجارب دول متطورة في هذا المجال على غرار السويد، لم يصمد أمام داء “بوحمرون”، وفضحته تلك الصورة الدرامية التي تناقلها رواد “فايسبوك” لطفل مُلقى في صحراء الوادي وهو يئنُّ بسبب “البوحمرون” الذي فتك بجسده.

هذا المشهد المؤسف الذي تلوَّن بمشاعر الأسى والحزن عبر الفضاء الأزرق، فضح إنسانيتنا المغشوشة، وأبان حجم المعاناة التي تكابدها العائلات الفقيرة، التي لا تملك حتى مصاريف نقل ابنها بواسطة سيارة مؤجرة إلى أقرب مستشفى. وأي مستشفى ذاك الذي تنعدم فيه الأجهزة الطبية ويغيب عنه الأطباء المختصّون؟! 

من يواسي العائلات المفجوعة في فقدان فلذات أكبادها؟ من يخفف من هول الصدمة التي هزت أوصالها وحفرت أخاديد من الحزن في أفئدتها؟

ويبقى السؤال الجوهري الذي نطرحه في كلّ مرّة على عرّابي الوهم: أين يستوطن هذا الوضع البائس: هل في مستشفيات ستوكهولم؟ أم أمستردام؟ أم كوبنهاغن؟ أم أوسلو؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • تقي الدين

    مستشفياتنا يا استاذ من اكثر المستشفيات تخلفا، و نحن لا نختلف كثيرا عن الدول الافريقية الاكثر تخلفا ... عشت تقريبا اسبوع في احدي المستشفيات الجزائرية، فرايت الجحيم في عز النهار، و المشكلة ليست بشرية او مادية، بل سياسة الحكومات الفاشلة، التي لم تستطيع بناء مشفي واحد قادر علي معالجة المسئوليين .. حتي الراديو الذي اخترعه رئيس حزب السلطة في المانيا، لم ينقله الينا لنستمتع به، و نري بدقة عللنا الداخلية ... ربما تركه هناك ليحج اليه مسئوليينا، و يتركوا عللهم و اوجاعهم خارج الوطن ...

  • Nacim canada

    يا غبي تاتي فترات على كل الدول ويكون فيها هذا المرض تثقفو يرحم والديكم

  • بدون اسم

    الغلطة في الاولياء الذين لا يحرصون علي تلقيح ابناءهم و لايتفكرون التلقيح الا عند الدخول المدرسي لانهم مجبرين علي تقديم شهادة التلقيح وهناك اطفال اكتشف عندهم حتي مرض السل .

  • بدون اسم

    و مع هذه الفظائع و المآسي التي تدمي القلوب يصر هؤلاء الذي أسموا أنفسهم أطباء على الاضرابات للمطالبة بالزيادات في الأجور و العلاوات؟؟؟ و كان الأجدر بهم تأدية واجباتهم على أكمل وجه و بروح اسنانية بعيدة عن التجارة التي استولت على النفوس و استقوت و استفحلت كما استفحل بوحمرون في أجساد هؤلاء الأطفال البرياء؟؟؟

  • أحمد

    يا سيدي اين الوزير الاول الذي دخل البيات الشتوي ليرى بان هناك بون واضح بين الحقوق و بين الريع وهناك فرق بين من يبيت وهو يئن من التخمة و بين من يكمل قوته من صفائح المزابل وهناك فرق بين الاغتناء والفقر الممنهج وهناك فرق بين اغنياء الازمات و بين من يكتب لهم الفقر ولكن يا سيدي لم يكتب علينا التفقير لنصبح خدما لكم تابعين هل من العدل ان تفتح البنوك لاصحاب المال باسم الاستثمار و لا فائدة و بين من يموت من طفح و لن نصدق بانه بوحمرون ناتج من العوز و المبيت بالعرا ء لاجئون في بلاد العزةو الكرامة

  • محمد ضو

    الله لا اتربح المسائيل الفاسدين من حزبي الفساد

  • الطيب

    و جاء " البوحمرون " ليقول لكم " راني هنا " !
    أتعلم يا أستاذ ماذا يعني هذا !؟ يعني أننا لا زلنا نعيش في زمن غابر اسمه زمن البوحمرون ! و ما أراه إلا جواب السويد المظلومة رغم صمتها على جهلنا !

  • بدون اسم

    بارك الله فيك !

  • فكرون تحت الصنوبر

    وهناك امراض تاتي مختفية مثل ذئبة حمامية شاملة Systemic lupus erythematosus وهو مرض غالبا ما يكون وراثي يصيب جهاز المناعة و يهدد اهم الاعضاء الداخلية مثل القلب و الرئتين و الكليتين وهكذا
    فهذا المرض صعب تشخيصه في بداياته على المريض وعلاجه يكون ناجح في بداية ظهور علماته
    لكنه مرض مخادع يجب ان ينتبه له الاطباء
    و انصح بتناول المشمش المجفف كل يوم حبة او حبتين
    لانه جيد للصحة