-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“التاس” و”الكاس”

“التاس” و”الكاس”

عقيدة المخزن أن الضرورات تبيح المحظورات والممنوعات والمحرّمات والكبائر، في كل المجالات ومن دون قيود، لأجل ذلك يطلب الاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية، بارتمائه في الحضن الصهيوني، ويطلب التقرُّب من الغرب ومن فرنسا بالخصوص بعرض كرامته للبيع، بثمن بخس، ويطلب الثراء ببيع العِرض والأرض، والمصيبة الكبرى أنه لا ينال غير العار، فلا الكيان اعترف بمغربية الصحراء ولا فرنسا تقرّبت منه، ولا نال درهما واحدا من الثراء المأمول.

أحدُ الذين اعتنقوا الأزيز، من ذباب المخزن، قال ضاحكا عندما انسحب اتحاد العاصمة من نصف نهائي كأس الكنفدرالية الإفريقية ومستهزئا بلجوء الفريق الجزائري للمحكمة الرياضية: “أنتم اذهبوا إلى التاس ونحن سنفوز بالكاس”، وهي أيضا من صميم عقيدة أهل المخزن، وهي البحث عن الانتصارات بأرخص الطرق الممكنة.

لا لوم على أهل مراكش أن لا يفهموا انسحاب اتحاد العاصمة من منافسة كروية، وهو حامل اللقب والمرشَّح الأقوى للفوز بالكأس، فتلك البلاد لم تضحِّ في تاريخها قطّ على المبادئ، لأجل ذلك تظن بأن النظام في الجزائر لا ينسجم مع الشعب، وهي مقتنعة بأن لاعبي الاتحاد العاصمي إنما نفذوا بانسحابهم، أمرا فوقيّا لا نقاش فيه.

من شهداء الجزائر من رفضوا حتى نطق اسم فرنسا شفويا وفضَّلوا الموت على أن يذكروا أحرف البلد المستعمِر أو حمل رايته أو الدندنة بنشيده الوطني. والذي لم يذرف قطرة دم واحدة لأجل كرامته، لا يمكنه فهم هذا الذي حدث ذات مباراة كرة، أرادوها هم سياسة واستفزازا، ولم نردها نحن لا مباراة ولا فوزا ولا كأسا ولا هم يحزنون.

الواقع أن الانتصار لم يتحقق في السادس والعشرين من شهر فيفري عندما أنصفت “التاس” الطرف الجزائري، وأفحمت الطرف المخزني، وإنما عندما أصرّ فريق نهضة بركان على الاستفزاز، ورماه الاتحاد بشيء من الجزائري الحرّ، الذي انتصر في الفاتح من نوفمبر عندما قرّر الثورة التي لا تُبقي ولا تذر، قبل الخامس من جويلية، الذي كان ثمرة حرث وزرع، كما كانت نتيجة “التاس”، ثمرة رجولة وتحد.

الجميل في حُكم “التاس”، أنه ليس آنيا وعابرا، فما خبّأه المراكشيون للجزائريين في كأس أمم إفريقيا القادمة، من أطنان من الاستفزازات بالخارطة الوهمية، سيبلعونه الآن، كما يبلع مروِّج “الكوكايين”، سمّه حتى لا توقفه الشرطة، ودليل إدانته في يده.

والجميل أيضا أن الحُكم لا يعني بلاد مراكش فقط، وإنما الاتحاد الإفريقي، الذي نعلم جميعا بأنه “عبد” تحت الطلب، فما بالك بقرار محكمة يقودها أوروبيون.

السؤال المحرج الآن الذي يمكن طرحه، هو أن الفريق الجزائري رفض عن قناعة أن ينافس فريقا يرتدي خارطة مزيفة، إيمانا منه بأنه على حق، فهل يرفض الفريق المغربي اللعب بعد أن حرموه من الخارطة الوهمية التي قال عنها سابقا إنها “مقدسة”؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!