-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

 التقشف داخل الأسرة يؤثر على الحياة الاجتماعية وتحسن ظروفها 

نسيبة علال
  • 643
  • 0
 التقشف داخل الأسرة يؤثر على الحياة الاجتماعية وتحسن ظروفها 

تعتمد بعض الأسر، من ذوات الدخل المحدود والثابت، على استراتيجيات مختلفة، لضمان التسيير الحسن لميزانيتها، في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الكثيرة، اذ تضطر بعضها إلى الالتزام بسياسة التقشف داخل محيطها، وتكتفي بالضروريات من أجل توفير ما تراه كماليات، كشراء سيارة أو التخطيط لعطلة سنوية.. بعضها يهدف أيضا إلى تلقين الأبناء نظاما اقتصاديا مصغرا، يحميهم من الوقوع في الأزمات مستقبلا.

يشير الأستاذ في علم الاجتماع، لزهر زين الدين، إلى أن “التقشف والاكتفاء بضروريات الحياة، قد تفرضه الظروف المادية القاهرة، على الكثير من الأسر، لكنه يمكن كذلك أن يكون خيارا شخصيا، يتخذه أرباب الأسر، ضمن خطة اقتصادية تسعى إلى تحسين الظروف على المدى البعيد”، يضيف الخبير الاجتماعي: “الكثير من العائلات الميسورة، والتي لديها فائض نسبي في ميزانيتها، تتبع هذه السياسة أيضا، سعيا منها إلى خلق استقرار مالي، وجعل وضعها الاجتماعي أفضل، من خلال ضمان أصول في صالح أطفالها، بدل تعويدهم على البحبوحة المالية والتبذير”..

هكذا نتفادى عادة الديون

نجد أن المرأة، في الكثير من الأسر، تعمل من أجل مساعدة زوجها على النفقات العديدة، خاصة في وجود أطفال. مع هذا، لا يسمح الراتبان معا بتلبية كل المتطلبات، فيجد الكثير من الأولياء أنفسهم ينفقون بأريحية ثم يستدينون، إذا واجهوا مصاريف غير مبرمجة، كفاتورة متضخمة، علاج لدى مختص، أو مناسبة مفاجئة.. فيما يحل آخرون الأمر بميزانية التوفير.. هي حال السيدة يامنة، أستاذة بالمتوسط، يعمل زوجها مراقبا، ولديهما أربعة أبناء، جميعهم متمدرسون: “قضينا سنوات لا نجيد التحكم في راتبين، بحيث يسمحان لنا باستقرار مالي، دون الاضطرار إلى الاستدانة، في آخر الشهر، قبل أن أكتشف برنامج التقشف، الذي تتشاركه السيدات عبر المجموعات. أصبحت أقسم الميزانية، وأكتفي بشراء الضروريات، خاصة الأكل الصحي. تطلب مني الأمر جهدا كبيرا، لإقناع أبنائي وتعويدهم على ترك المصاريف الجانبية على أشياء ضارة. ألغيت مشاوير الشوبينغ من دون وجود قائمة واضحة للمشتريات. وحتى الخرجات العائلية، جعلناها للطبيعة والأماكن المدروسة مسبقا، بحيث لا ننفق المال على مشتريات لا تلزمنا، وأكل المطاعم الباهظ. وبهذا، توقفت لدينا عادة الاستدانة شهريا، ونشأت مكانها عادة ادخار جزء من الراتبين”.

التقشف يغير مجرى الحياة الاجتماعية

يتفق خبراء الاقتصاد والمجتمع، على أنه كلما زادت المداخيل زادت معها النفقات.. وهو سلوك شائع جدا في المجتمع الجزائري. يقول الأستاذ لزهر زين الدين: “بالرغم من عدم وضوح الطبقية الاجتماعية، إلا أن نمط حياة العائلات هنا، يعتمد على مستوى دخلها وأسلوب إنفاقها. والميل إلى التقشف وترشيد النفقات، لابد من أن يؤثر على وتيرة العيش. فالذين اختاروا توفير المال، عليهم التضحية بجانب من الحياة الاجتماعية، كالزيارات وإحياء المناسبات وأنواع النشاطات الاندماجية..”. بالنسبة إلى آمال، التي اختارت أن ترشد نفقات أسرتها، من أجل بناء منزل خاص، تقول: “توقفت عن إحياء أعياد الميلاد والحفلات المكلفة، غيرنا برنامج أطفالنا من ذهاب عشوائي إلى فضاءات الألعاب المدفوعة إلى حصص مخصصة مرة شهريا. ألغينا الرحلات والمبيت في الفنادق، وتوقفنا عن النفقات الجانبية، تغير نمط حياتنا بالكامل في سبيل الهدف، لكنه لم يصبح سيئا، رغم الخلل الذي ظهر في العديد من علاقاتنا الاجتماعية، فالأصدقاء الذين كنا نهدر عليهم مالنا، اختفوا فجأة من حياتنا، والأقارب الذين كنا نزورهم محملين بالهدايا والهبات تغيروا، وضاقت بيوتهم بنا..” تؤكد آمال أن قرار التقشف كان اختياريا: “لم نمر بضائقة أو ابتلاء.. لهذا، من الجيد، اكتشاف صدق علاقاتنا مع هذه التجربة”.

مقالات ذات صلة
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!