-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رئيس مركز البحوث والدراسات حسن من أجل اتحاد المغرب العربي  حبيب اللولب لـ"الشروق":

التونسيون ثأروا من انتخابات 2014 التي أعادت منظومة الدولة العميقة إلى المشهد السياسي

التونسيون ثأروا من انتخابات 2014 التي أعادت منظومة الدولة العميقة إلى المشهد السياسي
ح.م
 حبيب اللولب

يعتقد رئيس مركز البحوث والدراسات حسن من أجل اتحاد المغرب العربي،  حبيب اللولب، أن نتائج الرئاسيات التونسية في دورها الأول، هي بمثابة ثأر لانتخابات 2014، والتي أعادت الدولة العميقة حسبه إلى المشهد السياسي، ويشرح اللولب في هذا الحوار مع الشروق، رهانات الدور الثاني الذي سيكون بين الأكاديمي قيس السعيد، وقطب الإعلام نبيل القروي، ويشرح أسباب تراجع حركة النهضة بمرشحها عبد الفتاح مورو.

أية قراءة لهذه النتائج غير الرسمية، والتي قدمت الأكاديمي قيس السعيد ورجل الأعمال رهن الحبس نبيل القروي؟

يمكن توصيف هذه النتائج أنها تسونامي انتخابي بامتياز، ومردها  عدة أسباب، ومنها فشل الأحزاب وخاصة الوطنية والمؤتمنة والوصية على الثورة والتي تخلت عن مبادئ الثورة، وأخفقت في تأسيس العقد الاجتماعي الجديد والمصالحة بين الشعب والدولة وبث دماء جديدة.

وقد تعاقبت على سدة الحكم في القصبة (رئاسة الحكومة التونسية) حوالي ست حكومات منذ الثورة سنة 2011، إلى جانب الثورة المضادة واللوبيات الفساد والمافيا والجهويات المقيتة وتدخل القوى الخارجية وتحييد وإقصاء القوى الوطنية  بتدبير المؤامرات مثل اغتيالات كل من شكري بلعيد ومحمد براهمي  والأمنيين والعسكريين والعمليات الإرهابية في باردو وسوسة، وغيرها  والتي ضربت السياحة  وهي شريان الاقتصاد التونسي، وأصبحت العمليات تحت الطلب، إضافة إلى غياب مشروعات تنموية وغلاء المعيشة، كلها ساهمت في إضعاف الدولة التونسية والأحزاب، والتي أصبحت غير قادرة على تلبية احتياجات وتطلعات الشعب التونسي من خلال التصويت العقابي في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

وإلى جانب  كل هذا، هنالك الثأر من هزيمة انتخابات 2014 التي أعادت المنظومة العميقة إلى المشهد  السياسي بسبب تراخي الأحزاب وانقسامها وانشغالها بالتحالفات والتكتيكات الانتخابية وضيعت وهمشت مشروع ورسالة  الثورة التونسية.

كل هذه الأسباب وغيرها ساهمت في تشكل الوعي  من جديد، وعي  مؤمن بضرورة التغيير  السلمي عبر الصندوق، وتجسد  ذلك في انتخابات سبتمر 2019 بترشح 26 مرشحا لنيل المنصب، من توجهات وتيارات سياسية مختلفة،  كالدستورية والتجمعية واليسارية والقومية والشعبوية والليبرالية وغيرها، ولكن الصندوق أعطى التفوق لشخصين للترشح للدور الثاني، الأول الأستاذ الجامعي  قيس سعيد المتخصص في القانون الدستوري ذو المرجعية السياسية الوطنية  وصاحب مشروع وبرنامج لقيادة البلاد دون حسابات أو صفقات مشبوهة.

والفائز الثاني رجل الأعمال نبيل القروي صاحب قناة “نسمة تي في” والجمعية الخيرية -خليل تونس- والذى استطاع بواسطتها دغدغة المشاعر والأحاسيس والمتاجرة بها والوصول إلى الفقراء والمتاجرة بمشاكلهم ومآسيهم الذين تخلت عنهم الدولة وتركتهم فريسة سهلة لمضاربات المافيا والانتهازيين، التي تموقعت وتحكمت في التجارة ولقمة عيش الشعب التونسي عبر العرض والطلب. وقد عمل القروي على كسب قلوب الفقراء والمحتاجين عبر العمل الخيري بتأسيس جمعية اتخذها وسيلة للوصول إليهم، وفلسفته في ذلك الغاية تبرر الوسيلة بأموال مشبوهة من رجال أعمال فاسدين، والقروي متمرد على الدولة وقوانينها ولا يقوم بواجباته ومتهم بالتهرب الجبائي وتبييض الأموال ورفعت ضده العديد من القضايا في المحكمة منذ سنة 2016.

وبعد فقدانه لحماية الرئيس الباجي قايد السبسي الذي غيبه الموت وترشحه للرئاسة وتقدمه في سبر الآراء، استغلها الشق الآخر وأثار القضية مرة أخرى وأصدرت المحكمة قرارا بسجنه،  وشريحة الفقراء هي التي  صوتت عليه ومتوسطي الثقافة  الذين يرون فيه رجل خير وقف إلى جانبهم، في أوقات الشدة  بالتضامن والمؤازرة بتنظيم القوافل الصحية وتوزيع المساعدات المادية والمعنوية.

ولابد من الاستفادة من تجربة القروي بالموافقة على عودة مؤسسات الأوقاف التي جمدت منذ الاستقلال سنة 1956 ويمكن الاستفادة من التجربة الجزائرية في هذا المجال.

كيف تقرأ حظوظ المرشحين في الدور الثاني، وأي تحالفات ممكنة؟ هل نحن أمام تصويت عقابي على منظومة حكم كاملة، وأحزاب مصنفة في خانة المعارضة؟

الدور الثاني ستكون المنافسة فيه شديدة بين الأستاذ  قيس سعيد الذي يمثل التيار الوطني والثورة التونسية،  ونبيل القروي  رجل الأعمال والمعروف بعلاقاته المشبوهة وشريك السياسي الإيطالي برلسكوني، ويلقى كل  الدعم والمساندة  من المافيا ورجال الأعمال الفاسدين والدولة العميقة والمال الفاسد والإعلام وخاصة قناة “نسمة” والقوى الخارجية التي اعتبرت الديمقراطية خط أحمر لا يسمح بها للشعوب العربية الإسلامية. والمنافسة ستكون شديدة وحامية الوطيس بين تيارين مختلفين في كل شيء، وتخوف من نتائج الدور الثاني مرده إلى عزوف عن التصويت ونقص الوعي لدى المواطنين، وفشل الانتقال الديمقراطي وفاتورته الباهظة،  ولا يمكن التكهن بنتائج   الدور الثاني.

كيف تقرأ تقهقر اليسار التونسي في هذا الاستحقاق؟ وماذا عن حركة النهضة، التي توصف بأنها اكبر الأحزاب في البلاد، أي مستقبل لها؟

تقهقر اليسار والقوميين في الانتخابات الرئاسية، مرده الانقسامات وعدم القيام بمراجعات فكرية، والتكلس والتقوقع وتشتت الأصوات وعدم المصالحة مع الموروث الثقافي والحضاري، خاصة بالنسبة لليسار وعدم إيمانه بالمشروع الديمقراطي وارتباطه بالخارج.

وحركة النهضة تمثل الإسلام السياسي الديمقراطي وهي مكون أساسي لإثراء الساحة والخارطة السياسية إلى جانب التيارات الأخرى المتمثلة في الدساترة واليسار والليبراليين والقوميين، وقد قامت بالعديد من المراجعات ولكن يؤخذ عليها تحالفها مع الدولة العميقة إلى جانب الاكراهات الخارجية والتوافقات كلها أضرت بشعبيتها وإشعاعها وحان الوقت للتعايش بين كافة المكونات والتيارات الفكرية ونبذ الإقصاء ووضع خارطة طريق للنهوض الاقتصادي والتنمية وإصلاح التعليم والاستثمار في الإنسان وتمكين وتأصيل الخيار الديمقراطي والتداول السلمي على الحكم عبر الصندوق وتأسيس دولة المواطنة شعارها الوطن للجميع والدين لله.

وقد انتهى عصر الأيديولوجيات والزعيم الواحد والمركز والأحزاب، والعالم أصبح قرية واحدة بفضل الشبكات الاجتماعية والتواصل الاجتماعي ولابد من أن نتعظ من التاريخ ونقيم تجاربنا بسلبياتها وايجابياتها ونستلهم منها الدروس  والحكم  والعبر ونضمد جروح الماضي،  وننطلق ونثق بشعبنا وبخياراته، لأنه بلغ سن الرشد ويرفض وصاية النخب ونبني المستقبل متحدين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزائري حر

    ثاروا ليتقدموا نحو الخلف. أول مرة يحدث في التاريخ مسجون يترشح ويرتب في ثانيا