الجزائريون يتحدثون عن القمة العربية.. ”الرجال راهم في الجبهة”
مُنفعلا .. غاضبا.. سائما.. مُستهزئا وساخرا، هكذا بدا الشارع الجزائريّ في استطلاع للآراء عقب خروج وزراء الخارجيّة العرب من اجتماعهم أوّل أمس في بيروت بقرار يقضي بتكليف عمرو موسى بالاتّصال بأصحاب الجلالة والفخامة من الملوك والرّؤساء والزّعماء العرب لعقد قمّة عربية في مدينة جدّة، وذلك بناء على طلب من وزير الخارجيّة السّعودي سعود الفيصل في اجتماع بيروت.الجزائريّون الذين سألناهم من المارّة وأصحاب المحلاّت والشباب لم يكُن لديهم الوقت للحديث في هذا الموضوع لأنّهم كرهوا الحديث في موضوع لا طائل منه وكأنّهم يقولون بصوت واحد “لا نريد أن نسمع أخبار هؤلاء (الحُكّام) الذين لا يُساوون شيئا..هؤلاء الدُّمى”.جمعها : م/هدنه
يقول “رشيد”، شابّ التقيناه في شارع العربي بن مهيدي بأنّ الحُكّام العرب دُمى تتحرّك بالإيعاز من الحاكم الحقيقي أمريكا، ويُضيف “إذا التقوا في لقاء قمّة- كما يقولون- فأنا أجزم لكم بأنّ هذا الاجتماع لن يأتي بالجديد، فهو كمثله من القِمم السّابقة ومثلَه ستكون القمم اللاّحقة..” ويُواصل “رشيد” الذي كان يتكلّم وكأنّه يحفظ ما يقوله مِن فرط اليأس:”هؤلاء الحُكّام يجتمعون في كلّ عام مرّة ومرّتين في دورات عادية واستثنائيّة ولا نرى الجديد على الأرض، كلّ ما نراه ونسمعه هراء، ومزيدا من المآسي والفقر والجوع والحرمان والتشرّد في هذه الأمّة”، أجبناه: ” ولكنّ وزراء الخارجيّة العرب أجمعوا أمس على دعم لُبنان بشأن النقاط التي طرحها في روما ومنها رفض أي قرار بوقف إطلاق النّار إلاّ بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية وتبادل الأسرى وقضيّة مزارع شبعا، وقد طار وفد وزاري عربي إلى نيويورك على جناح السّرعة” فأجاب ساخرا “لقد طاروا بسرعة وسيرجعون بسُرعة أيضا..لقد فرّط هؤلاء الوزراء وملوكهم في قضيّتهم الأمّ فلسطين، ولا أظنّ أنهم سيُدافعون عن قضيّة لبنان..إنّهم يجتمعون من أجل أن يجتمعوا، فلا جدول أعمال ولا هم يحزنون. أمريكا هي التي تُشرف على اجتماعاتهم ولن يستطيعوا أن يخرجوا من اجتماعاتهم إلاّ بما ترضى عنه أمريكا..إنّهم رهائن عند أمريكا، وكراسيهم ملك لها”.
في محلّ لتجهيز المكاتب بشارع العربي بن مهيدي، تحدّانا “فاروق” أن ننشر ما يقوله لنا على صفحات الجريدة، أقسمنا له بأن ننشر ما سيقوله، فانفجر:”..هؤلاء ليسوا رجالا، ولو كان فيهم شيء من الرّجولة لاجتمعوا واتّخذوا قرارات كتلك التي اتّخذها الزعماء العرب أمثال بومدين والملك فيصل وعبد النّاصر في الحروب السابقة مع إسرائيل..لماذا لا يستعمل هؤلاء الملوك والرؤساء سلاح النّفط أم أنّهم باتوا يرونه غير فعّال، أنا أقول بأنّهم هم الذين باتوا غير فعّالين. لقد انتهت صلاحيّتهم، لقد فقدوا الحقّ في الحياة..إنّهم لا يستحقّونها”.
إحدى المارّات في ساحة البريد المركزي قالت ردّا على سُؤالنا حول انطباعها بشأن القمة العربية المُرتقبة:”أنا لا أحب السياسة ولا أحب الحديث فيها، لكنّني أقول بأنّ الرؤساء العرب لم يُضيفوا يوما شيئا لدُولهم، لقد دمّر اليهود لبنان ولم يتحرّك أحدٌ منهم لأنّهم لا يستطيعون ذلك.. إنّهم غير قادرين أبدا على فعل شيء”.
وفي أحد المطاعم بشارع حسيبة بن بوعلي، جلس رجل في الستّين من عمره وما أن بدأت نشرة الثّامنة حتّى صاح وهو يجول بنظراته في الحاضرين:”لن يرفع الله الهمّ عن هذه الأمّة حتّى يكون فيها رجال حقيقيّون يعبدونه حقّ عبادته ويُطبّقون ما أمر، انظروا إلى أحوالنا لقد أكلت البطالة والمُخدّرات والآفات شبابنا، أين هم هؤلاء الحُكّام والمسؤولون من واقع شعوبهم؟”
كانت هذه انطباعات لمواطنين جزائريّين آلمهم جرح الأمّة في لبنان، فلم يجدوا إلاّ أن يُفرغوا غضبهم على جريدة أعطتهم المنبر، ولو أنّه منبر لن يسعهم جميعا.