-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائريون يصنعون التاريخ

حسان زهار
  • 2422
  • 15
الجزائريون يصنعون التاريخ
ح.م

رغم النكسات والسقطات، ورغم الصفعات و”العصابات”.. نحن الجزائريون نكتب اليوم التاريخ.. ألا فانتبهوا.

من شأن الأرواح الشريرة التي تبث بيننا اليوم روح التيئيس، أن لا تنظر لنصف الكأس المملوءة، فهي مشغولة دائما بالنصف الفارغة، لأنها تصدر من عقول فارغة، لا تفكر إلا كما يفكر “البيدون” الفارغ، حين يصدر عند القرع عليه، صوت الفراغ.

نحن نصنع التاريخ نعم، ومن يشكك في ذلك عليه أن يفرك عينيه جيدا، ليرى كيف يحاكم الشعب جلاديه، الذين أذاقوه الويلات عقودا طويلة، وكيف يجرجرهم من السجون إلى المحاكم، ومن المحاكم إلى السجون، وأيديهم مغلولة بالأصفاد، في وجوههم ذلة ترهقهم قترة.

من لا يعتقد في محاكمة العصابة أننا لسنا أمام محاكمة تاريخية بكل المقاييس، عليه أن يراجع نفسه، ذلك أنه لم يحدث في تاريخ الجزائر كلها، أن شاهدنا صورا كالتي نشاهدها اليوم، وتاريخا كالذي نكتبه اليوم، حين يتذوق رموز الفساد والإجرام بعض الذي أذاقوه للناس، فتنزل تلك الصور التي يتابعها الملايين عبر الاعلام، لعصابة مذمومة مدحورة، بردا وسلاما على قلوب الشعب، فتكون شفاء للمظلومين.

ثم شئنا أم أبينا، كنا مع الانتخابات أو ضدها، فقد كانت المناظرة التلفزيونية بين المترشحين الخمسة للرئاسة، تاريخية بكل معنى الكلمة، حتى بالنقائص التي ظهرت بها، لكنها كانت محطة تاريخية أولى، تعلمنا فيها فنا كنا نسمع عنه فقط من خلال ممارسات الدول الديمقراطية، وسجلنا في دفاتر التاريخ أننا نخطو خطواتنا الأولى نحو الحوار، وسماع بعضنا البعض، في انتظار أن يصدر الشعب حكمه بكل سيادة.

المشكلة أن هناك من يريد أن تكون المحاكمة للنظام برُمَّته، لأنه يتمرد على سنن الكون في التغيير، عبر عدم الأخذ بالأسباب والتدرج، فيسقط في التطرف والمزايدات الفارغة، وقد غاب عنهم أن “ما لا يدرك كله لا يترك جله”.

كما أن هنالك من يريد أن يرى مناظرات في مستوى مناظرات الديمقراطية الأمريكية أو الفرنسية، بينما الشعب هو الشعب الجزائري، والنظام هو النظام الجزائري، وحتى النخبة هي نخبة جزائرية، وأن الأمر يحتاج ربما إلى عقود من الممارسة السليمة، حتى يكون من المنطق رفع سقف التوقعات بهذا الشكل.

لكننا مع ذلك نكتب تاريخنا، وهذا الحراك العظيم، كتب بأحرف من ذهب تاريخ الثاني والعشرين فبراير، والذي سيكون عيدا لا يقل شأنا عن تاريخ مبايعة الأمير عبد القادر، ورغم الاختراقات التي تعرض لها هذا الحراك، إلا أن محافظته على السلمية، بمرافقة الجيش الوطني، هو بحد ذاته، كتابة جديدة للتاريخ، عن الجزائري المتحضر، الذي مزق كل الأكاذيب التي روجتها العصابة، عن شعب قالت عنه أنه شعب عنيف وهمجي لا يستحق الحرية.

وسيكتب التاريخ، بفضل الرجال الشرفاء، أن أرضا في هذه المعمورة إسمها الجزائر، استمرت فيها ثورة الشارع لأكثر من تسعة أشهر، وهو يخرج بالملايين، لم تسقط فيها قطرة دم واحدة، لأنها باتت تملك جيشا وطنيا شعبيا حقيقيا، استرجعه الرجال بعد اختطافه ردحا من الزمن، ليكون أشرف جيش على وجه الأرض.

وغدا.. وإن غدا لناظره قريب، سيكتب الجزائريون أيضا، تاريخ مرحلة جديدة، عندما يخرجون للتصويت على رئيسهم الجديد، ويقطعوا بوعيهم الطريق على مخططات القوى الخارجية وأذنابها في الداخل، لإدخال البلاد في دوامة الفراغ والمراحل الانتقالية الملغمة، ليضمن بذلك وحدة البلاد، ويصون ثوابتها.

إننا بحق نعيش أياما مباركات وشهورا مفصلية، سيتقرر فيها على الأقل مصير الجزائر للأعوام الثلاثين المقبلة.. وسيذكر التاريخ مَن تقدم في هذا الوقت، ومَن تأخر، ومَن كان إلى جانب الوطن، ومَن تنكب السير.

لقد ظل تاريخنا يكتبه غيرنا، يكتبه الاستعمار أو يكتبه أولاد الاستعمار، أما اليوم فالشعب هو وحده من يكتب ويقرر ويأمر، حتى تعلم الأجيال القادمة، أن آباءهم وأجدادهم كانوا رجالا، لم يرتضوا في وطنهم الدنيَّة.

وعلى الذين يدرسون التاريخ، أن لا يقرأوا ما يحدث الآن بالجزائر قراءة غبية، فخلف السطور التي تكتب اليوم، معاني كبيرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • العراب النبيل

    التاريخ لا يصنع و تلك اكذوبة بات يتعاطاها بعض المؤرخين. التاريخ يا سيدي هو تدوين لزمكنية الاحداث، سلبية كانت او ايجابية اما ما نقوم به نحن البشر في كل ذلك فهو مجرد سرد لتلك الاحداث. سرد في الغالب لا يخلو من مزج الحدث بالعواطف و الميولات التي لا تؤثر سلبا على نسج لحمة الحقيقة و تدوينها و فقط بل قد تسلب التاريخ مصداقيته فتضعف الاستفادة منه،، ان ما يصنع التاريخ هو سنة التغيير التي اودها الله ضمن نواميس الكون ليصبح كل حدث في الحاضر هو تاريخ في المستقبل، اما المستقبل فهو الزمن الذي نسمع عنه و لم نره بعد فكيف نصنع حدثا لم نره بعد،

  • alilao

    الجزائريون يصنعون التاريخ.

  • جزائري حر

    عمري ما شفت محاكمة عصابة بهده السرعة وكأن التحقيقات كانت ساجية (محضرة) من قبل.

  • صويلح سهام

    شكرا لك على نظرتك الثاقبة لهده المرحلة المفصلية التي تمر بها الجزاءر و لا خوف عليها فهي تسير في الاتجاه الصحيح و هي تصفى من الخونة و ستعود أكثر قوة و انتصارا و ستخرج حضاريا و اقتصاديا و ستصبح دولة عظمى و هدا بفضل الله و الوطنيين الشرفاء و المخلصين لوطنهم و تحيا الجزاءر و المجد و الخلود لشهداءنا الابرار.

  • الأرجح

    نكتب اليوم التاريخ.. ألا فانتبهوا.

  • فارس الظهرة

    أنا لست ارادة الشعب فيما سعى اليه من أجل التغيير ،لكن أنا أنشد التغيير الذي يحافظ على المصلحة العليا للبلاد ،فالامن والاستقرار خط أحمر لا يسمح لأحد أن يجتازه ،ومن واجبنا كأفراد وجماعات أن نحافظ على هذا المكسب التاريخي(الاستقلال)،والتغيير لا يأتي دفعة واحدة مثله مثل البيت لا يبنى دفعة واحدة وانما لبنة فوق لبنة وان شاء الله يتم البناء، فأبشر ولا تقنط ، فان مع العسر يسرا.السلام عليكم.

  • فارس الظهرة

    السلام عليكم، أما بعد أود أن أعقب على صاحب التعليق الذي استشهد بأبيات شعرية للشاعر الشاب ( أبو القاسم الشابي)،أولا لعلمك أن فرنسا احتلت تونس عام 1881م وخرجت منها عام 1956م ،والشاعر الشاب أبو القاسم الشابي ولد سنة 1909م وتوفي سنة 1934م ،ولد أثناء الحقبة الاستعمارية وتوفي أيضا وتونس تحت الاحتلال،وأنت تعلم كيف كان الاستعمار الفرنسي يعامل السكان في تلك الفترة ، لذلك أرى أن الشاعر وجه قصيدته(ارادة الحياة)للشعب حتى يكسر القيود ويثور ضد الهيمنة الفرنسية ،أما نحن اليوم فحالنا يختلف عن حال أجدادنا وابائنا الذين عاشوا فترة الاحتلال الفرنسي،نحن اليوم بحاجة الى ترميم البيت لا الى تشتيته .وتحيا الجزائر.?

  • alilao

    الشعب سطر طريقه نحو التغيير الجذري فمن شاء سار معه ومن شاء قبع وانبطح.
    يقول الشابي
    خُلقتَ طَليقاً كَطَيفِ النَّسيمِ
    وحُرًّا كَنُورِ الضُّحى في سَمَاهْ
    فما لكَ ترضَى بذُلِّ القيودِ
    وتَحْني لمنْ كبَّلوكَ الجِبَاهْ
    وتُسْكِتُ في النَّفسِ صوتَ الحَيَاةِ
    القويَّ إِذا مَا تغنَّى صَدَاهْ
    وتُطْبِقُ أَجْفانَكَ النَّيِّراتِ عن الفجرِ
    والفجرُ عَذْبٌ ضيَاهْ

  • متابع وفي

    أين هو الأستاذ عمار يزلي؟ إشتقنا لكتاباته

  • اعمر الشاوي

    مسكين . مازال يحلم راهو نائم .سيستيقض بعد الإنتخابات ليرى أن شيء لم يحدث فقط بوتفليقة ذهب في عطلة مرضية و ترك أحد وزرائه يسير الأمور بحماية من الجيش . لن أعلق بعد اليوم سادخل في صمت .نضرب لكم موعد بعد الإنتخابات خاصة أنت يا صاحب المقال و سنرى ما ستقوله لما تتخقق بأن شيء لم يتغير و أن النظام الفاسد ساعدت في إحيائه أنت بمقالاتك هذه

  • جزائري

    كيف نصنع التاريخ ونحن نستهلك اكثر من نصف اوقاتنا في الطوابير. طوابير مراكز البريد وفواتير الماء والكهرباء وطوابير الضمان الاجتماعي وطوابير السيارات بالحواجز الامنية والحفر في طرقات المدينة والممهلات العشواءية . هل الفوضى تصنع تاريخا . اذا كنت تتحدث عن بداية عهد جديد ربما يكون ديمقراطيا فانا شخصيا لا اتفاءل بالديمقراطية لانها في البلاد العربية اثبتت انها لا تنتج علما ولا تنمية بشرية ولا اقتصادية بل تنتج سوء اخلاق واغاني الراب وهذا فقط ما يطفو على السطح. اذا كان لديك مثل اخر ديمقراطي ايجابي في عالمنا العربي فانا لا اعرف واعرف فقط ما ذكرته .

  • كمال جمال

    و هل تجرؤ الضباع على مهاجمة الاسود؟ !
    ★اسمع يا صديقي لا تلتفت للضباع في حياتك فكل ما يستطيعون فعله هو الصياح و النباح ليشتتوا انتباهك عن هدفك لكن لن يستطيعوا أن يأخذوا منك سوى ما تركت لهم كرما منك...
    لا تلتفت إلى صياح من هم أقل منك مكانة حتى لا يأخذوا منك مكانك

  • كمال جمال

    رافق النمر الأسد ليتعلم منه الصيد و في الطريق انتبه بأن الضباع تلاحقهم كل الطريق فقال النمر للأسد: لماذا هم يراقبوننا؟لم يرد عليه الأسد وجد الأسد فريسته فبدأت الضباع تصيح سأل النمر : لماذا الضباع تصيح؟ فلم يرد الأسد هجم الأسد على فريسته ..شاهد النمر أن الضباع تركض خلف الأسد و تصيح لكن الأسد لم يلتفت لحظة لهم حتى التقط فريسته و بدأ يأكلها و الضباع تراقبه حتى انتهى من أكلها و ذهب لتأتي الضباع و يأكلون الفضلات،سأل النمر الأسد : لماذا لم تلتفت الى الضباع كل الوقت ظننتهم سيغدرون بك و يقتلونك،قال الأسد:

  • أمين أمين

    لم تكن مناظرة بل بين الثانويات . ههههههههه
    سقطت عصابة وبقت العصابات

  • جزائري شلفي

    سيقول المبردعون أن هذه مسرحية
    و بعد انتخاب الرئيس سيبقون يعيشون في هذه المسرحية
    بل الـ 20 سنة الماضية كانت أيضا مسرحية
    الدنيا كلها بخيرها و شرها مسرحية عند المبردعين الحمقى