الجزائر في حاجة إلى ثورة في جميع الرياضات
التفت الجزائريون بكثير من الشغف إلى الألعاب الأولمبية التي جرت في باريس، خاصة بعد أن رافقت التتويجات الجزائرية الثلاثة، الكثير من الحبر واللعاب خاصة من الجانب الفرنسي، الذي تحسّر على ميدالية كيليا الذهبية، وتمناها لو كانت في صفوف منتخب بلاده، وصمت على الحملة المسعورة ضد إيمان، ودخل التشكيك والتآمر عل جمال سجاتي، فتابع الجزائريون الحدث الرياضي وعلموا بأنه لم يكن أبدا بعيدا عن السياسة والاقتصاد.
تساءل الجزائريون عن سبب ابتعاد الجزائر عن المنافسة في السباحة، بالرغم من أن سباحي الجارة تونس يحققون الذهبيات، وقد غاب عن منتخبهم سباحهم الأول بسبب الإصابة وإلا كان سيمنح تونس الذهبيات الثلاث التي وعد بها، ولا تمتلك الجزائر في تاريخها سوى تأهل مرة للنهائي في الأولمبياد وهو إنجاز عجز عن تحقيقه صيودة الذي لم يتعد الدور نصف النهائي في باريس، كما تساءلوا عن سبب عدم منافستهم في المجازفة في الوقت الذي تألق المصريون والتونسيون وخاصة في رياضة التايكواندو التي صار فيها لمصر وتونس والأردن أبطال ولا يوجد بطل من الجزائريين.
اشتهرت الجزائر في سبعينات القرن الماضي بالرياضة المدرسية والجامعية وفي مراكز العمل، فكان للجميع فرقهم ورياضييهم، ولكن الأمور صارت مقتصرة على لعبة كرة القدم فقط، وهناك مدن لا تمتلك فرق في الجمباز والتنس، بل هناك العديد من الرياضات الأولمبية التي لا تمتلك الجزائر اتحادية خاصة بها ولو رياضي واحد يمارسها، وقد جنت منها بلدان كثيرة الميداليات وتموقعت في جدول الترتيب، ولا حجة لوهران وتيزي وزو بمركبيهما المتعددي الرياضات لو ابتعدتا عن المنافسة العالمية مستقبلا.
اعتماد كيليا على مدرب فرنسي يتابع عالم الجمباز، وإيمان على مدرب كوبي سبق له وأن أحرز 21 ميدالية أولمبية قبل ميدالية إيمان، وإذا صحّ تحليل البطل الأسطورة نور الدين مرسلي، في كون خسارة الذهب بالنسبة لجمال سجاتي كان بسبب خطأ تكتيكي، فمعنى ذلك أن اعتماده مستقبلا على خبرة أهل الاختصاص العالميين ضروري بالرغم من أن عمار بنيدة أثبت كفاءته مع زوجته في أولمبياد سيدني سنة 2000.
تراجع الجيدو والملاكمة الرجالية على وجه الخصوص، وغياب الجزائر لأول مرة منذ أربعة عقود عن سباق 1500 متر، يتطلب المراجعة والعودة إلى جادة لصواب، أما عن الرياضات الجماعية فالجزائر مطالبة بالتدارك أولا على المستوى الإفريقي لأن الفارق ما بين مصر والجزائر في كرة اليد اتسع كثيرا جدا، واندثرت كرة السلة وتذبذب أداء الكرة الطائرة، وتأهل كرة لقدم للاولمبياد واضح بأنه لن يتحقق أبدا بلاعبي الدوري الجزائري.
وسّع الجزائري المسافة التي تفصله عن ممارسة الرياضة وأصبحت كل القاعات ومساحات اللعب، مجرد مساحات للعب كرة القدم، فلا الإعلام يهتم ببقية الرياضات ولا المسؤولون ولا المواطنون، لأن ما حققته كيليا وما حققته إيمان أهم من آلاف الملايير التي تصرف سنويا على كرة القدم التي تعجز عن بلوغ الأولمبياد ولا نقول المنافسة فيه على الميداليات.