-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجنوب.. نظرة أخرى

الجنوب.. نظرة أخرى
ح.م

لم يخطئ من دعا إلى اعتبار 27 فيفري من كل عام يوما للوحدة الوطنية، لما يحمله من دلالات كبيرة على متانة الرّوابط التي تجمع الشعب الجزائري؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 1962 خرج سكان ورقلة ضد المناورات التي قامت بها فرنسا الاستعمارية آنذاك لفصل الصّحراء عن الشمال، أياما قليلة قبل توقيع اتفاقيات إيفيان.

ولا أحد يشكّ في أن إجهاض مشروع فصل الصحراء بفضل الوقفة التاريخية لأبناء الجنوب الذين رفضوا اقتطاع أي شبر من وطننا المجيد، كان أكبر إنجاز للمفاوضين الجزائريين الذين صمدوا أمام مناورات المسؤولين الفرنسيين الذين أقلّ ما يقل عنهم إنهم كانوا مراجع لإدارة المفاوضات وانتزاع المكاسب من العدو.

هذه الحقيقة التاريخية يجب أن تدفعنا إلى تغيير نظرتنا للجنوب الجزائري الكبير، فهناك تاريخُنا، وهناك حاضرنا ومستقبلنا، وذلك ليس بفضل الثروات الباطنية التي حبا الله بها المنطقة فقط، ولكن لأن الجنوب أثبت خلال السنوات القليلة الأخيرة أنه ضامنٌ للأمن الغذائي كذلك.

مئات المشاريع الفلاحية الناجحة حوّلت الجنوب إلى مزرعة كبيرة لمختلف المنتجات، وباتت الولايات الجنوبية مصدر تمويل لولايات الشمال بالبطاطا والطماطم والجزر وباقي الخضروات، بل وشرعت منطقة الوادي منذ سنوات في التصدير إلى الخارج… ويحدث هذا على الرغم من السياسات الرسمية القاصرة، وبرامج الدّعم الفلاحي التي غرقت حتى النخاع في الفساد، وباتت العملية كأنها تكسير ممنهج للفلاحين الحقيقيين، من خلال إنشاء طبقة من الفلاحين المزيفين الذين توجهوا إلى هذا القطاع بهدف الحصول على ملايير الدعم، وليس بهدف الاستثمار الحقيقي في الفلاحة.

آن الأوان لتغيير نظرتنا إلى الجنوب، والتوقف نهائيا عن بعض الإجراءات الشكلية التي تسمى تعسفا “امتيازات”، والتوجُّه بدل ذلك إلى سياسات مُنصفة تعيد الاعتبار لأهل المنطقة، والبداية من ملف التوظيف الذي كرَّس مفهوما بأن الالتحاق بالشّركات البترولية المرتبطة بسوناطراك حكرٌ على منطقة واحدة في شمال الجزائر، بينما يتم حرمان أبناء باقي المناطق منها، بمن فيهم أبناء الصحراء، والغريب أن ذلك يحدث حتى مع المهن البسيطة التي لا تتطلب أيّ مؤهّلات، ويكفي الاطلاع على قائمة مستخدمي الشركات البترولية للوقوف على هذه الحقيقة المرّة!

لا بد من وقف سياسة المحاباة، ومعاقبة من يتورط في الممارسات الجهوية، التي أنتجت مواطنين من الدرجة الأولى وآخرين من الدرجة الثانية والثالثة، وإعادة صياغة مفهوم المواطنة بما يضمن تكافؤ الفرص بين كل الجزائريين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • محمد

    أول زيارة لي لمنطقة الجنوب كانت سنة 1989 فوجدت مجتمعا بسيطا تابعا لطبقة السلطة المتجبرة انتفض ضدها الشعب لينتزع منها حق المواطنة الفعلية وبقي لمدة يناضل لاكتساب حقوقه المشروعة إلى أن انتخب ممثلين له فرضوا على إدارة مفككة وجودهم الشرعي.القوانين الجائرة منعته حتى من امتلاك أرض كان يقيم عليها مقر سكناه فما بالكم حين الإقامة في منطقة تبلبلة والشروط المفروضة على سكان تحتاج إليهم الدولة ولو لحماية حدودها أجبروا على شراء قطعة أرض صخرية لبناء منازلهم.سكان الصحراء في حاجة ماسة إلى تكوين مهني رفيع المستوى ونشر التعليم المتجول أو المرفق بالداخليات مع التأطير المؤهل لترقية المستوى الاجتماعي لكل المواطنين

  • مسلم بن عقيل

    واخيرا نطقت بالحقيقة

  • الجزائري

    لا بد من وقف سياسة المحاباة، ومعاقبة من يتورط في الممارسات الجهوية، التي أنتجت مواطنين من الدرجة الأولى وآخرين من الدرجة الثانية والثالثة، وإعادة صياغة مفهوم المواطنة بما يضمن تكافؤ الفرص بين كل الجزائريين
    إذا راكم علابالكم بلي راكم غابنينا منذ الأزل منذ 1962 و حنا مغبونين الله يجازيكم
    مواطنين من الدرجة الأولى وآخرين من الدرجة الثانية والثالثة،!!!!!!!!!!!!!!! حسبنا الله